وطنا اليوم:تستمر الأخطاء الطبية في إثارة الجدل بين المرضى والأطباء على حد سواء، وسط دعوات لتعزيز المساءلة والتنظيم القانوني للإعلانات الطبية وممارسات الأطباء.
قصتان تناولهما تقرير صحفي لتسليط الضوء على الواقع الذي يعاني منه المرضى في الأردن وخارجها، حيث تشكل الأخطاء الطبية و”الاختلالات التنظيمية” تحديات كبيرة تؤثر على ثقة الناس في المنظومة الصحية.
فقدان ذاكرة بعد عملية جراحية في الأردن
حسن حميدو، أحد المواطنين الأردنيين، يروي قصة مأساوية عن ابنة أخيه التي دخلت مستشفى خاص لإجراء عملية الزائدة الدودية.
في البداية، كانت الأمور تبدو طبيعية حتى بدأت الفتاة تعاني من حساسية حادة بعد 12 ساعة من العملية، ما دفع المستشفى لإعطائها حقنة ضد الحساسية.
ولكن ما حدث بعد ذلك كان صادماً؛ إذ فقدت الفتاة ذاكرتها بشكل كامل.
ويضيف حميدو أنه وبعد 12 يوماً من العملية، اتصلت وزارة الصحة الأردنية لمتابعة الحالة.
الترويج الطبي في الإمارات يثير الجدل
وفي الإمارات، تروي نورة فؤاد، إحدى المغتربات، تجربة مثيرة للشكوك مع طبيب أردني مقيم هناك.
تقول نورة إن الطبيب كان يقدم نفسه كخبير رائد في استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص الطبي، وعبر شاشات يستعرض مقابلات تلفزيونية حول إنجازاته في عيادته بشكل مستمر، وهي مقابلات شاهدتها على إحدى الفضائيات ودفعتها لحجز موعد في عيادته.
وتؤكد نورة أن مجموعة من الأمهات راجعن هذا الطبيب مع أطفالهن، لتكتشف لاحقاً عبر محادثات جماعية عبر موقع فيسبوك “جروب أمهات” أن الطبيب شخّصَ حالة جميع الأطفال بنفس التشخيص وصرف لهم نفس الدواء، وهو عبارة عن مكملات غذائية تُباع حصراً عبر الإنترنت.
وتشير إلى أن هذه الممارسات دفعتها للتشكيك بمصداقية الطبيب والهدف من الترويج المكثف له على منصات التواصل والقنوات التلفزيونية.
نقابة الأطباء الأردنيين تطالب بتشديد الرقابة
من جانبه، أكد نقيب الأطباء الأردنيين، الدكتور زياد الزعبي، أن الإعلانات الطبية باتت ظاهرة مقلقة تؤثر على سمعة الطب الأردني، موضحا في تعليقه على القصتين أن النقابة أصدرت نظاماً خاصاً لتنظيم الإعلانات الطبية قبل عام، وأرسلته لوزارة الصحة لكنه لم ما يزال قيد الدراسة لدى الأخيرة.
وأشار الزعبي إلى أن النقابة تلقت أكثر من 250 شكوى ضد أطباء في عام 2024 وحده، وأدانت 46 منهم بعد تحقيقات حيادية أجرتها لجان متخصصة.
كما شدد على ضرورة تشكيل لجنة مشتركة تضم النقابة والقضاء “الإدعاء العام” والجهات الأمنية “وحدة الجرائم الإلكترونية والبحث الجنائي” ووزارة الصحة لمناقشة قضايا الإعلانات الطبية ومراجعتها بانتظام.
وأضاف الزعبي أن الطبيب المبدع والمستقيم لا يحتاج إلى دعاية مكثفة، وأن الأجهزة الطبية المستخدمة يجب أن تكون مرخصة من الجهات المختصة.
ودعا المواطنين إلى الحذر من الوقوع ضحايا للإعلانات المضللة والخداع الطبي.
الفصل بين الأخطاء الطبية والمضاعفات
وفي سياق الحديث عن الأخطاء الطبية، أكد الزعبي أن هناك فرقاً بين المضاعفات العلاجية والأخطاء الطبية، موضحاً أن بعض المضاعفات قد تكون متوقعة، ولا تشير إلى خطأ مهني.
لكنه شدد على حق المرضى في تقديم شكاوى إلى لجنة مختصة بالنقابة لمراقبة الأخطاء الطبية وضمان المساءلة، مستدركاً بأن “هناك جمعية الإمارات الطبية، وهي ليست نقابة كنقابة الأطباء الأردنيين”.
الحاجة لتعاون الأطراف المعنية
بين القصص الفردية والتنظيم القانوني، تبرز الحاجة إلى تعزيز التعاون بين النقابة والجهات المعنية لتطبيق قانون المسؤولية الطبية ومكافحة التجاوزات التي تضر بالمرضى وبسمعة الأطباء على حد سواء، بحسب الزعبي.
ومع الإجراءات التنظيمية المناسبة، “كتوحيد جهات تلقي الشكاوى، وتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة الإعلانات الطبية”، يمكن أن تستعيد المنظومة الصحية الثقة التي فقدتها لدى البعض بسبب هذه الحالات.