وطنا اليوم_بقلم / احمد عبدالفتاح الكايد ابو هزيم
التغطية الصحية الشاملة لكافة المواطنين الأردنيين عنوان عريض تظمنته أغلب ردود الحكومات المتعاقبة على كتب التكليف السامي ، وتواجد بعبارات أنشائية جميلة ومنمقة عابرة لخطط وبرامج الحكومات المستقبلية ، وبالرغم من بعض التقارير الإعلامية الرسمية حول هذا الموضوع التي تصل حد التفاؤل ، على أرض الواقع لغاية الآن لم يلمس المواطن الأردني الذي يُمَنِّي النَفْسَ بحمل بطاقة تأمين صحي لتسكين وجعه ” على الأقل ” أي توجه حقيقي لإنجاز هذا الملف الهام باعتباره مشروع إستثماري ” للدولة ” في الحفاظ على صحة مواطنيها لدفع عجلة النمو والإنتاج إلى الأمام .
منذ عقودٍ خلت بات التأمين الصحي الشامل ” حلم ” يُراود شريحة واسعة من الشعب الأردني تقدره بعض المصادر بالثلث يزداد يوماً بعد يوم بسبب زيادة عدد السكان وإنخفاض أعداد المؤمن عليهم صحياً في الجهازين الحكومي والعسكري ، وكانت آخر التقديرات المسؤولة والقريبة من واقع تقديم الخدمة الصحية في عدة مواقع قيادية قد أشارت إلى أن 35% من الشعب الأردني لا تملك أي نوع من التأمين الصحي .
التغطية الصحية الشاملة بدون مراحل عنوان نجاح و أولوية لا تحتمل التأخير مهما كانت مسوغات الحجج الحكومية في تأخير تطبيقها ، ولا تصمد تلك الحجج أمام إستحقاق إنساني وأخلاقي تجاه ” رعايا دولة ” لهم حقوق وعليهم واجبات تجاه دولتهم تؤخذ منهم بموجب سلطة القانون لا تفرق بين غني وفقير ، بل بعكس منطق الواقع المواطن الأردني الفقير في أغلب الأحايين لا يستطيع الإلتزام بتأدية ما عليه من ضرائب ورسوم في وقتها بسبب ” ضعف ” دخله المادي وجسامة مسؤولياته الأسرية ، ولتسديد ما عليه من إستحقاقات مادية تجاه مؤسسات الدولة المختلفة يلجأ إلى البنوك ومؤسسات الإقراض المختلفة أو بيع بعض الممتلكات ، وبذلك تتأكل مداخيله المادية بين غرامات التأخير وعمولات القروض والملاحقات القضائية على حساب حقوقه في التعليم والرعاية الصحية والعيش في حياة كريمة .
بالمطلق لا تلتزم الدولة الأردنية بتأمين صحي مجاني لرعاياها ، وحتى من هم مؤمنين من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين تقوم الجهات المعنية بحسم نسب معينة من رواتبهم الشهرية لقاء تأمين صحي شخصي أو عائلي ، ومنهم من لا يحتاج أي نوع من الرعاية الصحية الأولية أو الدخول للمستشفيات طيلة حياته الوظيفة ، وتقدر بعض التقارير الصحفية المنتفعين بالتامين الصحي العسكري و المدني و الجامعي والخاص ب 72% .
جهات سيادية مثل الديوان الملكي ورئاسة الوزراء لديها وحدات صحيه تقدم إعفاءات فردية مشروطه بموجب تقارير طبية لا تكفي مع أهميتها في تحقيق وتخفيف معاناة البعض ممن ” نهشت قلوبهم وعقولهم الأمراض ” لغياب الرعاية الصحية الأولية إبتدأً .
على الرغم من وجود إرادة سياسية كاملة منذ عقود لتحقيق التأمين الصحي الشامل إلا أن المخاض ما زال عسير ، وعلى الرغم أيضاً من أن الرعاية الصحية هي حق لكل فرد في المملكة الأردنية الهاشمية ، يجب على الحكومة أن توفر له الخدمات الصحية اللأزمة لتحقيق هذا الحق ، وعلى الحكومة أيضاً مسؤولية توفير الخدمات الصحية الأساسية لجميع المواطنين ، بما في ذلك الرعاية الصحية الأولية والثانوية والثالثية .
كافة أبناء الأردن العزيز يستحقون تأمين صحي شامل بدون ” جمايل ” وبدون شروط ، نتمنى على الحكومة الحالية إزالة التشوهات وتوحيد المرجعيات والبدء الفوري بتطبيقه للمحافظة على كرامة المواطن .
حمى الله الأردن وأحة أمن و استقرار ، وعلى أرضه ما يستحق الحياة .
أحمد عبدالفتاح الكايد أبو هزيم
أبو المهند
كاتب أردني
ناشط سياسي و إجتماعي