وطنا اليوم_بقلم د. عادل يعقوب الشمايله
في احدى زياراتي للندن وكان ذلك قبل عشر سنوات تقريبا، وكنت بصحبة اسرتي، مررنا بمركز تجاري يبيع الاحذية، دخلت المحل لوحدي وتبعت الاشارة الى مكان بيع الاحذية الرجالية وكانت بالطابق الارضي.
اثناء تفقدي للأحذية المعروضة لفت انتباهي مجموعة كتب مصفوفة على طاولة في منتصف القاعة.
استغربت وجود كتب في مكان بيع احذيه ، وقد دفعني ذلك الاستغراب لأن القي نظرة على عنوانين الكتب. فوقعت عيني على كتيب (hand book) يحمل عنوان نماذج مختارة في اتخاذ القرارات.
اشتريت الكتيب وبعد أن قرأته عندما عدت الى عمان قررت اضافته الى مجموعة المراجع المقررة لطلبة الماجستير الذين يسجلون في مادة اتخاذ القرارات التي كنت ادرسها. الكتيب على صغر حجمه تضمن نماذج مجربة وذات مصداقية على الصعيدين الاكاديمي النظري والتطبيق العملي.
لا زلت اعتقد ان الهدف من وضع الكتب في محل الاحذية ليس بهدف بيعها للتجارة. لأن للكتب محلات بيع متخصصة، ولأن عدد الكتب كان محدودا ويضم عنوانين لا علاقة لها ببعضها البعض.
ما اردت ايصاله من هذا المقال ان الذهب الاسود والذهب الابيض ظلا مخبأين في باطن الارض وقد تطلب استخراجهما والاستفادة منهما البحث الواعي المتخصص والشاق.
وأنه في المكان الذي تُعرضُ فيه احذية ترتديها أقدامنا ، توجد كتب ترتقي بعقولنا وأفهامنا وتهدي قراراتنا.
هناك من يعمل الملايين من تجارة الخردة، وهناك من يلتقط الطعام واشياء ثمينة من الحاويات.
وهناك من اضاع اوطانا وهناك من تسبب بفناء ملايين الارواح من البشر لا ذنب لهم ولم يُستشاروا عندما اتخذت قرارات الحروب. ومن المستغرب ان يصبح القتلة المغامرون ابطالا حتى بعد ان خسروا الحروب التي بدأوها. فهل الملام القتلة على قراراتهم، أم العوام الذين يحملون القتلة على جثثهم احياءا وامواتا.