د. عادل يعقوب الشمايله
عندما تجلسْ لساعات طويلةٍ أمامَ المرآةِ لوحدك، أو تجلسَ أمامَ مرآةِ ذاتكَ وطموحاتكَ وغرورك، فإنكَ لا بُدَّ أن تقتنع بعد زمن وجيز، أنكَ فريدُ زمانكَ، بلْ أنكَ آدمُ قبل المعصية، آدمُ الذي خلقهُ اللهُ بيديهِ ليكونَ خليفةً في الارض تحسدهُ الملائكةُ المسبحونَ الحامدون، ويغارُ منهُ ابليسُ عندما كانَ المطيعَ العابدَ الذي يخافُ اللهَ رب العالمين.
الخيالُ يتولدُ منهُ التخيل. ويكونُ الانسانُ في اسوأ حالاتهِ عندما يتخيل أنَّ مُعتقدهُ أو أيدولوجيتهُ يمثلان ويحتكران الحقيقة. وأنَّ مقترحاتهِ يجبُ التعاملَ بها كأوامر، وأن رؤاهُ هي وحي الهي، وأنَّ فهمهُ للامور غيرَ قابلٍ للمناقشة والتشذيب والمُقابلةِ والتحليل وربما الرد.
وبالرغم من أنَّ فرعون كان نموذجا للملوك والاباطرة من حيث تردادهم لما قاله فِرْعَوْنُ “مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ”.
الا أنهم كانوا يستعينون بالمنجمين.
التنجيمُ ممارسةٌ قديمةٌ تقليديةٌ هدفها الوصول الى معلوماتٍ لا تُتيحها الحواسُ الخمسُ للانسان.
المنجمونَ يستعينون بمردة الجن لاستراق السمع بالتنصت قرب شبابيك السماء ونقل ما يجري من احاديثَ بين الملائكة في جلساتهم وسهراتهم ومشاوراتهم وتوزيعهم للمهام المطلوبة منهم، والعودةِ بما سمعوا الى السحرة المنجمين الذين بدورهم يزودون بها متخذي القرارات من ملوك واباطرة.
بالمقابل، العلم الحديث المتقدم يستخدم الاقمار الصناعية والمسيرات واجهزة التصنت والكاميرات والانترنت والحواسيب العملاقة فائقة السرعة Main frame والذكاء الصناعي والجواسيس وغيرها من وسائل لم يتم الافصاح عنها بعد.
المقارنةُ هنا بين الاستعانة بالهمل والكسالى والكذابين والفاشلين قليلي الحيلة متفوقي التحايل الذين ينبشون بهلوسات الكتب الصفراء السنسكريتيه، او الاستعانةِ بالعلم الذي لا حدود له ولا قيود عليه.
مُعظم مستشاري متخذي القرار في دولنا العربية والمنظمات والمليشيات هم مُجردُ منجمين. ومن ينتظرون المشورة منهم هم فراعينُ العصر