الغموض بعينه في رواية المحاكمة لكافكا

منذ ساعتين
الغموض بعينه في رواية المحاكمة لكافكا

بقلم د. عطا أبو الحاج
انهيت قراءة رواية المحاكمة لفرانز كافكا في الحقيقة ان الرواية تحاول بشكل ظاهري ان تعكس الواقع بطريقة مختلفة نوعا ما عن التصوير الحقيقي للواقع , قد تبدو هذه الرواية نقدا للنظام القضائي في الظاهر لكن كل من قرأ كافكا سابقا يعرف انه يبحث ابعد من هذا المغزى .

اختار الكاتب اسلوب الراوي الواحد للحدث و هو امر معتاد لكافكا , جاء وصف الشخوص بسيطا الى حد ما اذ لا يعني الكاتب كثيرا الوصف الشخصي بقدر تصوير المأساة الظاهرية و التلميح الى ما يريده في ما بين سطور النص حقيقا اسلوب كافكا فريد و غريب و مختلف عن ما هو معتاد في الادب اذ تظهر دائما الحبكة الفنية في نوع ترابط في ما هو غير مترابط امر لا يفسر بالمعنى الظاهري للرواية و قد يكون هناك مغزى غير ظاهر من بعض الاحداث ما هو اهم من حبكة الرواية جوهر الرواية يرسم كافكا المتهم جوزيف ك في احداث لم تمثل يوما أي محكمة يوما لكنها نقد صريح لغياب العدالة في النظام القضائي و قد اجاد الكاتب هذا بحرفية تامة كونه حاصل على الدكتوراه في الحقوق اين نجد محكمة مهترئة مستأجرة في حي فقير حيث وجود المحامي غير ضروري و المتهم لا يعرف شيئا عن تهمته بل و لا يمكن الفكاك منها بتاتا حتى القضاة فقراء و بسطاء تحكمهم العلاقات لكنهم لا يعرفون شيئا عما يحكمون , ايضا الاهم من هذا المعنى الظاهري في الرواية ماذا اراد كافكا ان يصف في كل جزء من هذه الرواية , انه امر اشبه بالشيفرة او الطلسم كأن هذه الرواية جحر رشيد جديد بحاجة الى اكثر من عقل لتفهم ما يرمي اليه الكاتب , اعتقد و هذا اعتقاد شخصي ان كافكا حاول ان يصف معاناة كل انسان في الحياة فهو تلقى حكمى مسبقا على جريمة لا يعرفها ربما يعتبر الكاتب ولادة البشرة جريمة مسبقة على الوجود و ان المعاناة و هذا الاختناق المقزز في اجواء المحكمة ما هو إلا شعور الكاتب اتجاه الحياة ككل لا اعرف كيف اصيغ هذا لكن بمجرد ان قرأت جزء من الرواية حتى انتقل هذا الشعور الى داخلي,و دفاع البطل اللامجدي نوعا ما هو حلقة العيش البشرية التي نعيشها , رغم كل هذه الضغوطات و التوتر و المشي في دهاليز خانقة إلا ان الكاتب يجد للبطل متنفس في النساء و اللذة في خضم الألم,ايضا مع اقتراب النهاية وجد البطل ان رجل الدين في ركن معتم من الكنيسة هو من يعامله افضل من الجميع و يبلغه بالصراحة عن سوء تقدم قضيته تمهيدا للنهاية لا اعرف ان كان هذا رأي الكاتب فعلا في رجال الدين هل يرمي الكاتب الى دور الدين في تخفيف توتر الانسان و تسليمه الى قدره المحتوم , جاءت نهاية الرواية انهزامية نوعا ما و هو ما يوحي بان الكاتب يستسلم لقرار القدر دون مقاومة بل و يبين رغبته في انهاء هذا الصراع بنفسه لكنه لا يملك الجراءة.

شخصيا لم افهم الرواية كما يجب و هذا جزء من غموض الكاتب المعتاد اريد ان اعرف رأي كل من قرأ هذه الرواية في مغزى الرواية و جوهرها في النهاية انصح من بدأ حديثا في القراءة بعدم الاقتراب من هذه الرواية إلا بعد قراءة الكثير من الكتب رغم انها تحفة من حيث الجوهر او المعنى فهي تميل الى الاسهاب و البعد عن التشويق.