الأردنيون لا يمارسون دور ” شاهد الزور”

6 أكتوبر 2024
الأردنيون لا يمارسون دور ” شاهد الزور”

وطنا اليوم_ بقلم حسين الرواشدة

1- اسوأ ما يمكن ان تقدمه لمن تحبه ان تغشه وتخدعه ، او ان تزين له الصورة وتهوّن امامه من قيمة الحدث ، انت -حينئذ – لا تحبه على الحقيقة وانما تحب نفسك ، وتبحث عن مصلحتك ، وتنحاز الى انانيتك ، وتمارس دور “شاهد الزور”.الاردنيون لا يفعلون ذلك أبدا .

2- ارجوان لا تأخذنا اصوات وصرخات هؤلاء الحمقى الذين يسيؤون الى بلدنا ورموزنا لمزيد من العبث والارتباك ، او الفزع والتيئيس، او الانقسام والصدام، يكفي ان نكشفهم ونقول لهم : انتم لا تمثلون الا انفسكم المجروحة بالعقد والامراض النفسية، اما مجتمعنا بكافة مكوناته فما زال يتمتع بالعافية والسماحة ، والمحبة والاتزان .

3- اريد ان اصارح الذين اخذتهم شهوة الفوز بالمقاعد ، او الذين اختزلوا البلد في ذواتهم ومصالحهم والقريبين منهم ، والآخرين الذين تمددت جذورهم إلى خارج حدودنا ، واستوردوا بضائعهم من هناك : هذا الوطن لنا، نحن الأردنيين جميعا ، المعلمين والفلاحين والعمال والعسكر ، بنيناه وضحينا من اجله ، وانتم ، في غفلة منا، قطفتم الثمرة فلا تستأثروا بها ، اتركوا لنا احلامنا بالحرية والكرامة ، دعونا نعتز بهويتنا الأردنية ، ونحب بلدنا على طريقتنا ، دعونا نحميه دون ان تتهمونا بالخروج من «الملة» القومية والدينية التي تريدون اختطافها ، املأوا جيوبكم مثلما تشاؤون ، لكن حذار ان تتعاملوا معنا بمنطق الاستعلاء والاستهبال ، فنحن ، الأردنيين ، اذكى مما تتصورون ، واقدر على الدفاع عن بلدنا وأنفسنا مما تتوقعون.

4- مشكلتنا ليست في مجتمعنا ، هذا الذي يسجل كل مرة افضل ما يمكن ان نتوقعه من صور التماسك والتوافق والانسجام ،ويفرز كل يوم اجمل ما فينا من قيم الاخوة والنخوة والصبر، ولكن مشكلتنا في بعض النخب التي استقالت من فطرتها السليمة ، وانساقت الى العبث بنواميسنا الوطنية ، واستسلمت لصراعاتها وانحازت لمصالحها، واختارت ان تنام في « المقبرة» : تنبش رفات الاموات وتصدمنا بكوابيسها لتغتال احلامنا ، الواحد تلو الآخر.

5- الاردنيون كلهم: فلاحون ومعلمون، عمال وجنود، تجار ومهنيون وطلاب، فتحوا شرايينهم لكي ترتوي «شجرة» الوطن وتظل دائما باسقة،عضّوا على فقرهم وجوعهم وتعبهم لكي يبقى الاردن سيدا عزيزا، تحملوا فساد الفاسدين ، ونهم الذين لا يملأ اعينهم الا التراب ، وهتافات الشامتين في الشوارع والمشككين على المنصات، ليظل بلدهم واقفا ، ودولتهم قوية ، وامنهم صامدا امام جحافل الشطار والعيارين.

6- هذا ليس مديحا للأردن ، «الظل العالي» ، وان كان يستحق اكثر من ذلك، ولكنه للتذكير بما فعله بعضنا بحق الوطن، وبما نحن مدينون به للوطن ، في الشق الاول لا بد ان نتصارح اليوم – كأردنيين- بان خلافاتنا السياسية اعمت بعضنا عن مشتركاتنا الوطنية، وبان انتماءنا لبلدنا اصبح للاسف يقاس على «مساطر» جديدة لم نألفها ،حتى كدنا نصدق بأن المداهنة هي اقرب طريق الى قلب الوطن ، وان الفهلوة والشطارة اجدى وسيلة لخدمة عتباته الشريفة.

7 – اما في الشق الثاني فلا بد ان نتصارح ،ايضا ، هذا البلد الذي بنيناه جميعا هو ملكنا جميعا ، وخيمتنا التي اظلت الاحرار من كل مكان حين ضاقت بهم بلدانهم ، وبالتالي فان قوته من قوتنا ، وعزمنا من عزمه، واذا جاز لنا ان نختلف على اي شيء فيه فلا بجوز لنا ان نختلف عليه، او ان نتركه لبعض الذين يرونه مجرد «حقيبة» سفر، او محطة رحلة ، او تمثال بعين سائح معجب لا يهمه منه سوى التقاط صورة للذكرى.