وطنا اليوم_بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
استهل دولة رئيس الوزراء بداية مهامه بجولة ميدانية إلى إحدى المناطق النائية، كما يسميها البعض، وبدأ زيارته بقطاعي الصحة والتعليم، وهما أهم قطاعين يرتادهما أكبر شريحة من المجتمع الأردني. ويُعتبر هذان القطاعان دائماً محط شكاوى المواطنين، إما بسبب تردي نوعية الخدمة أو نقص الكوادر البشرية أو الأجهزة. هذه المبادرة من رئيس الوزراء خطوة إيجابية تُشكر له، حيث سجل لنفسه أنه بدأ عمله من الميدان وليس من الغرف المغلقة.
نتمنى أن تستمر هذه الجولات والزيارات الميدانية بدون بروتوكولات رسمية، وأن يستمع للمواطنين بشكل مباشر وعفوي، بعيداً عن الحواجز والعوائق. ونأمل أن يبتعد عن التقليد المتبع في بدء الاجتماعات في القاعات المغلقة مع نفس الوجوه والشخصيات من المسؤولين الحاليين والسابقين، والسادة النواب، وما يُسمّى بالوجهاء. فالنواب يقابلهم أسبوعياً في مجلس النواب.
كما أتمنى على دولة الرئيس أن يتقصى السبب الحقيقي وراء تراجع أو تردي مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في هذه الدوائر الحكومية. أعتقد أن السبب يعود إلى ضعف كفاءة بعض القيادات الإدارية، وخاصة تلك التي وصلت إلى المناصب بـ”الباراشوت” وتحييد الكفاءات الحقيقية وتعرضها للتضييق في عملها، بل وقد يصل الأمر إلى اضطهادها وظلمها إدارياً، وتسليم المناصب لمن هم من زمرة الصداقة والمحسوبية والواسطة والشللية، وأي مسمى تراه مناسباً.
دولة الرئيس، هناك قيادات إدارية طالت مدة عملها في مواقعها ولم يتم تغييرها أو تحديثها. مع كامل الاحترام الشخصي لها ولجهودها، إلا أنه لم يعد لديها ما تقدمه من أفكار ورؤى تحديثية لمؤسساتها أو دوائرها. وعندما بدأت تشعر بقرب رحيلها، بدأت بتجهيز أصدقائها أو شلتها أو معارفها وتسليمهم مواقع قيادية متقدمة على حساب من هم أكفأ منهم عملياً وعلمياً، لكي يرثوا الموقع أو المنصب من بعدها، وتعيث بدوائرها فساداً إدارياً لا يوصف.
دولة الرئيس، كما تعلم أن المياه الراكدة آسنة، فالتطوير والتجديد والتحديث أصبح ضرورة عملية وملحة لا تحتمل التأخير أو التسويف.
دولة الرئيس، أنفض الغبار من حولك، واخرج من مكتبك إلى الدوائر الرسمية بشكل مفاجئ، بعيداً عن بروتوكولات الزيارات الرسمية، واستمع إلى الموظفين بغياب المسؤول الأول ودون حضوره، لتسمع الكلام الصادق منهم، وتحصل على التقييم الحقيقي لقيادتهم.
إذا أردت أن تنجح في الميدان، فابدأ بالإدارة، لأنها أساس النجاح والتطوير وتحسين نوعية الخدمات في الميدان، بمختلف أشكالها، وجذب الاستثمارات.
دولة الرئيس، لا تتوقع من هيئة الخدمة العامة والإدارة بقيادتها الحالية، مع كامل الاحترام والتقدير لها، أن تطور الإدارة الرسمية العامة، لأن رئيسها لم يعد يملك شيئاً للتحديث الإداري بعد طول خدمته في نفس الموقع وعلى نفس الكرسي.
التحديث والتطوير والتحسين الإداري بحاجة إلى قيادة جريئة لا تجامل ولا تهادن.
وفقكم الله لأداء مهمتكم على أكمل وجه. هذه نصائح آمل أن تأخذ بها، وسترى النتائج إيجابية لحكومتكم. وإذا أخذت بها سيصفق لكم الجميع، لأن التحديث والتطوير ليس بالقطعة.
أنت زرت منطقة واحدة، ولكن هناك مئات المناطق التي لم ولن تتمكن من زيارتها.
دولة الرئيس، طبق نظام مدة مجلس النواب والأعيان والحكومة على نظام القيادات الإدارية، بحيث تكون أربع سنوات دون تمديد أو تجديد. وكما يُقال: “التغيير تطور، والتطور تجدد، والتجدد تقدم، والتقدم حياة.”
**وللحديث بقية.**