برلمان 2024م بصبغته الحزبية، هل سينجح بجلب ثقة الشعب الأردني؟

12 سبتمبر 2024
برلمان 2024م بصبغته الحزبية، هل سينجح بجلب ثقة الشعب الأردني؟

وطنا اليوم_بقلم: كريستين حنا نصر*

 

بدأت الحياة التشريعية والبرلمانية في الأردن منذ فترة مبكرة، حيث صدر أول قانون انتخابي بتاريخ 17 يونيو/حزيران 1928م، وبموجبه تمّ تشكيل المجالس التشريعية منذ عام 1929م وحتى عام 1946م وعددها خمسة مجالس. ثم أُلغي العمل بالمجالس التشريعية بعد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946م، وصدور دستور عام 1947م، الذي تضمن استبدال المجلس التشريعي بمجلس نيابي. كما نص هذا الدستور في المادة 33 منه على أن مجلس الأمة يتألف من مجلسين هما: النواب والأعيان.

 

استمراراً لنهج التطور التشريعي في الأردن، صدر دستور عام 1952م، وهو نقطة تحول مهمة في تعزيز المشاركة الشعبية، خاصة بعد وحدة الضفتين عام 1950م، وما يتصل بها من ظهور مجلس يضم أعضاء من الأردن وفلسطين. كما منح مجلس الأمة بموجب هذا الدستور صلاحيات أوسع تشمل الاختصاص التشريعي والرقابي والمالي. على إثر حرب عام 1967م واحتلال الضفة الغربية، حدث فراغ دستوري تشريعي تم تجاوزه بصدور قانون المجلس الوطني الاستشاري المؤقت رقم (17) لسنة 1978م. تم تشكيل ثلاثة مجالس وطنية استشارية حتى عام 1984م، لتعود بعدها الحياة البرلمانية للساحة السياسية الأردنية وتجري الكثير من الإصلاحات بتوجيهات ملكية سامية. واليوم نصل إلى محطة تحول ديمقراطي برلماني بارزة على الصعيد الوطني.

 

### **انتخابات 2024م: صبغة حزبية جديدة**

انتخابات عام 2024م التي جرت مؤخراً لها صبغة جديدة ومميزة عما سبقها من جولات انتخابية. جاءت هذه الانتخابات في مرحلة منظومة التحديث والإصلاحات السياسية التي تمت بموجب إرادة ملكية ضمن حزمة إصلاحات شاملة، وقد نتج عنها انتخابات نيابية يغلب عليها الطابع الحزبي، حيث فاز عشرة أحزاب في المجلس النيابي الجديد بواقع 104 حزبيين. تميزت هذه الانتخابات بتفوق واضح لحزب جبهة العمل الإسلامي (وهو حزب أردني سياسي إسلامي مستقل تأسس عام 1992م) على مستوى الدائرة الوطنية والمحلية، حيث حصد 32 مقعداً نيابياً متفوقًا على جميع الأحزاب الأخرى.

 

جاء هذا التحديث السياسي نتيجة التشريعات الصادرة عن المجلس النيابي السابق، بعد توافق وحوار مع الحكومة. وقد تضمنت مخرجات هذه التشريعات فتح الباب للأحزاب الجديدة المتعددة للمشاركة في انتخابات البرلمان العشرين لعام 2024م، مما أدخل الأردن مرحلة سياسية جديدة وفريدة من نوعها، والأهم أنه عزز من مشاركة المواطن الأردني في التصويت.

 

### **زيادة الثقة الشعبية وأبرز التحديات**

ارتفعت نسبة المشاركة الانتخابية بنسبة 18% عن الانتخابات السابقة، مما يدل على ازدياد الثقة الشعبية بالاستحقاق البرلماني الجديد لعام 2024م. كما ساهمت التشريعات الجديدة في زيادة عدد الناخبين وظهور أحزاب جديدة، كان لها الدور في إضفاء نكهة سياسية جديدة، من خلال مشاركة أحزاب عديدة مثل جبهة العمل الإسلامي، الوطني الإسلامي، تقدم، الأرض المباركة، عزم، نماء، إرادة، ميثاق وغيرها. حيث شكلت الأحزاب 25 قائمة حزبية ضمت 697 مرشحًا ومرشحة.

 

رغم هذا النجاح، يبقى السؤال حول قدرة الأحزاب الجديدة، التي تفتقر إلى الخبرة الحزبية الطويلة، على تلبية تطلعات المواطن الأردني وتحقيق التنمية الوطنية الشاملة. هل ستتمكن هذه الأحزاب من تقديم برامج وحلول سياسية، اجتماعية، واقتصادية، لحل مشكلات مثل البطالة بين الشباب؟ أم ستكشف عن رغبة شخصية محدودة تتمثل في السعي للمشاركة في الحكومة القادمة والحصول على مكاسب فردية؟

 

### **مستقبل الأحزاب وعلاقتها بالشعب**

الشعب الأردني الذي صوت لهذه الأحزاب ينتظر منها الكثير. فالحزب ليس مجرد اسم لشخص معروف، بل هو منظومة متكاملة من الأعضاء والبرامج والعمل. النجاح الحقيقي للأحزاب مرهون بقدرتها على تقديم رؤية وبرامج تحقق رضا المواطن وتلبي طموحاته، مما يضمن زيادة الثقة الشعبية ودعم الحزب في المستقبل.

 

من نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2024م، نلاحظ زيادة مشاركة المرأة (27 مقعداً) والشباب (6 مقاعد دون سن 35 عامًا)، كما أن نزاهة وشفافية الانتخابات واضحة حيث يلاحظ انخفاض ملموس في ظاهرة شراء الأصوات.

 

### **الامتحان القادم: هل ستحقق الأحزاب التوقعات؟**

ستكون الدورة البرلمانية أو السنوات الأربع القادمة اختبارًا حقيقيًا لقدرة الأحزاب الجديدة على كسب ثقة الشعب من خلال تنفيذ برامجها وتحقيق تطلعات الناخبين. ويبقى سقف توقعات المواطن مرتفعًا تجاه هذه الأحزاب، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه البلاد.

 

### **الخاتمة: وقت الامتحان**

إن الوقت قد حان للنواب المستقلين والأحزاب الفائزة في البرلمان الجديد لعام 2024م أن يركزوا على مصلحة الشعب والوطن، وأن يتجاوزوا التفكير في مصالحهم الشخصية. هل سيتمكنون من كسب ثقة الشعب الذي انتخبهم، أم سيواجهون نقمة الشعب إذا خذلوه؟ المرحلة الجديدة هي وقت الامتحان لأداء الأحزاب الجديدة بكامل توجهاتها.