وطنا اليوم:تتابعت التصريحات الخليجية في الآونة الأخيرة بضرورة دعم الأردن، وتعزيز العمل المشترك بينه وبين دول الخليج العربي، ما أثار تساؤلات حول أبعاد هذا الانفتاح الخليجي على عمّان، وتداعياته على كلا الطرفين.
والثلاثاء؛ زار أمين عام مجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف الأردن، والتقى بالملك عبد الله الثاني، الذي أعرب عن حرصه على الاستمرار في تطوير التعاون مع دول الخليج العربي، وتعزيز أسس الشراكة الاستراتيجية المتينة، وخاصة في قطاعي الأمن الغذائي والمائي.
وأثناء اللقاء؛ عبر الحجرف عن تقديره “للدور المهم للأردن في تعزيز التضامن والتعاون العربي”، مؤكدا “حرص قادة دول مجلس التعاون الخليجي على تعزيز العمل المشترك مع الأردن، وخصوصا في ما يتعلق بـ”دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما يضمن إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
ويبدو أن العلاقات الأردنية الخليجية مقبلة على مرحلة جديدة تعود فيها العلاقات إلى سابق عهدها وربما أفضل، بحسب المحلل السياسي منذر الحوارات، الذي أكد على أن الأيام القادمة ستشهد تحركات دبلوماسية وسياسية بالمنطقة في أكثر من اتجاه.
منافع مشتركة
وقال الحوارات إن الأردن بحكم علاقته مع شخص الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن “ربما يكون له دور مهم ومحوري في المرحلة المستقبلية، بعد أن تشوهت العلاقات في المنطقة بسبب تفرد دونالد ترامب وإدارته بإصدار الرأي النهائي في ماهية وطبيعة هذه العلاقات”.
وأضاف أن ثمة توقعات بعقد اتفاق نووي أمريكي إيراني جديد تخشى دول الخليج أن يكون على حسابها، مما يتطلب خليجيا حشد الدعم من جميع دول الإقليم، والأردن أحدها، بالإضافة إلى توحيد الصف العربي لمواجهة محاولات التوسع الإيرانية في المنطقة العربية.
ولفت إلى أن اتفاقات التطبيع المستجدة بين بعض دول الخليج العربي و”إسرائيل” ستكون راسما للمستقبل الاستراتيجي في المنطقة، متوقعا أن تعيد دول الخليج النظر في الخسائر الأردنية جراء هذه الاتفاقات التي لم تأخذ مصالح الأردن و”حل الدولتين” بعين الاعتبار.
وحول الآثار الاقتصادية للانفتاح الخليجي على الأردن؛ رجّح الحوارات أن ترفع دول الخليج وتيرة استثماراتها في الأردن بعدما ضعفت بسبب الأزمة الخليجية وجائحة كورونا، مؤكدا أن الخليج بات يدرك أن مرور الأردن بأزمة اقتصادية سيؤدي إلى تداعيات اجتماعية وسياسية خطيرة لن تكون دول الخليج في معزل عنها.
وتوقع مراقبون أن تسهم المصالحة الخليجية في تنشيط التجارة البرية بين عمان والدوحة، والتي تعطلت بشكل كامل محدثة خسائر قدرت في العام الأول من الحصار بعشرات الملايين، بالإضافة إلى مساهمتها في توسيع هامش مناورات الأردن السياسية، وإزالة الحرج عنه بانفتاح أكثر مع كل من قطر وتركيا، وإعادة مفهوم التضامن العربي باتجاه الرؤية الأردنية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
“لا مساعدات بلا مطالب سياسية”
ورأى المحلل السياسي هشام البستاني أن الأردن الرسمي عوّل كثيرا على الانفتاح مع الخليج، وخصوصا من الجانب الاقتصادي، دون أن ينتج شيء حقيقي عن هذا التعويل، مؤكدا أن أنظمة الخليج “لا تقدم المساعدات دون مطالب سياسية تصبّ في صالح زيادة مساحات نفوذها وتأثيرها الإقليميين”.
وقال البستاني إن الأموال التي كان الأردن الرسمي ينتظر تدفقها عليه لم تأتِ بحسب المأمول.
ورجّح أن التقارب الخليجي الأردني يهدف إلى تحقيق الانسجام أو الاصطفاف في المحور الخليجي- الإسرائيلي المتشكل في مواجهة إيران، وربما الاستفادة من تجربة الأردن الرسمي في إدارة علاقاته التطبيعية والأمنية مع “إسرائيل”.
وتابع: “ربما تسعى دول الخليج أيضا إلى الاستفادة مما يشاع عن قرب بعض أصحاب القرار في الأردن من إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، والذي يُنظر إليه خليجيا على أنه لن يسير على خطى سلفه في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وملفات حقوق الإنسان وحرب اليمن وغيرها”.
وحول العوائد الاقتصادية المرجوة للأردن جراء انفتاح الخليج عليها؛ أكد البستاني أن هذه العوائد ستكون مؤقتة كالعادة وغير ذات تأثير، وإن تمت فإنها ستذهب إلى وجهات لا علاقة لها بإحداث تنمية في البلاد، مضيفا أن المواطنين لا يلمسون أية انعكاسات حقيقية لهذه التسويات والمخططات التي لم ينالوا منها سوى المزيد من التبعية والفقر والقمع.
العلاقة مع الإسلاميين
وأثار توثيق العلاقات بين الخليج والأردن تساؤلات حول انعكاس ذلك على علاقة الأخير بالحركة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين التي كانت مدار خلاف بين الطرفين، كون بعض دول الخليج صنفتها ضمن لائحتها الخاصة بالإرهاب.
المحلل السياسي الحوارات رأى أن دول الخليج وقعت اتفاق المصالحة مع قطر دون النظر إلى علاقتها مع التيارات الإسلامية، وبالتالي فإن ذلك سينعكس على انفتاحها مع الأردن الذي ثبت على موقفه من أن التيار الإسلامي جزء من المجتمع الأردني لا يمكن بتره بالكلية.