ذوقان عبيدات يكتب: نعم! أنا مع المهرجان

15 يوليو 2024
ذوقان عبيدات يكتب: نعم! أنا مع المهرجان

وطنا اليوم_بقلم الكاتب ذوقان عبيدات الفكر، والثقافة، والفنون هي ما يشكل ضمير المجتمعات، ويجمع بين تنوعاتها، وينتج إبداعاتها.

وفي كل الظروف، من حق كل مجتمع أن يمارس حياته وإبداعاته، سواء تم توظيفها لصالح المعركة أم لا! إن لوحة غورنيكا للفنان بيكاسو، وأغنية الله أكبر بعد حرب السويس، وقصائد بابلو نيرودا، وحتى كل قصائد نزار قباني وأغاني فيروز، وغيرها لم تكن كلها إلا توظيفًا للفن، والفكر، والإبداع في معركة البناء! ولا أظن أن التعليم، والفرح، والحب، أو الغناء، والمسرح يمكن أن تتوقف بسبب استمرار المعركة! بل المطلوب هو أن يتصدى فنانونا، وشعراؤنا، ومفكرونا لإنتاج كل ما يدعم المعركة!الشعب والمعركة منذ السابع من أكتوبر “معركة الطوفان” والأردنيون جميعهم مندمجون مع آلام الشعب الفلسطيني، حيث تنافس حي الطفايلة مع العشائر، والجمعيات، والقرى في دعم غزة والشعب الفلسطيني، وكلنا شاركنا في المظاهرات، والوقفات، والمساعدات بأنواعها، ولم أسمع أن ألغي حفل فرح بسبب هذه الأحداث، فالدعم الحقيقي هو في استمرار الفكر، والفن، والثقافة، فأيُّ عارٍ في إقامة حفل، أو معرض فني، أو موسيقي، أو في إتمام مراسم خطوبة، أو زواج، أو فرح في نجاح مدرسي! وأيُّ عارٍ في أن نغني، ونحتفل، ونستمع للموسيقى، ونجري انتخابات؟ إذن؛ الأردنيون مع المعركة، وما احتفالهم سوى شكلٍ من أشكال دعم المعركة؛ فالاحتفال سموٌ فوق المعركة، وارتقاء بها، ودليل على صمودنا لا على لهونا؛ فالمهرجان لن يلهينا عن فلسطين، فالفرح الأردني: الملتزم أو غير الملتزم، هو قوة وصمود بعكس التجهّم، والتشكي!(02) هيفاء النجار وأيمن سماوي المعلمة هيفاء النجار، إنسانة لم يعرف عنها سوى الجد، والوعي، والاشتباك مع القضايا الوطنية، ومدارسها نموذج للهوية الوطنية، والعروبة والمقاومة، وكذلك أيمن سماوي نموذج للنجاح، والحياة والوطنية! فلماذا توجه السهام؟ لم يخلُ مهرجان جرش سنويًا من نقد هجومي، يتهمه بالفسق والانحلال، ومع ذلك استمر برغم كل الظروف الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية الصعبة، وقدم البهجة والفرح اللذين نحتاجهما، ويكفي أن تلاحظ مظاهر الفرح والتفاعلات الشبابية: شعرًا، ونثرًا، وغناءً، ورقصًا… حتى تقول: هذه هي الحياة التي نحتاجها! إن أسبوعي فرح في جرش لن يصرفا “المناضلين” عن المطالبة بدعم المعركة، والمساهمة في إمداد غزة بأساليب الصمود!بعد هزيمة 1967؛ امتنعت الإذاعات المصرية عن تقديم برامجها العادية، وانحازت إلى التديّن، والصمود، والأغاني الوطنية، فأصدر جمال عبد الناصر توجيهات، بأن الحياة ستستمر، وليس بمقدور مجتمع أن يستمر في حزنه! فالفرح هو ما نحتاج، ولا يجوز أن نتهم وزارة الثقافة بأي تهَم انتهازية، أو “مزايداتية”. لا مانع من الفرح بأشكاله كافة! فالفرح صمود، وطرد للهزيمة، والإحباط!(03) أسبوعا فرح! أنا من عاش آلام غزة وفلسطين، وأنا من دعا إلى نظام تربوي مستمدّ من طوفان الأقصى، وحددت عشر قيم تربوية مستمدة من هذا الحدث! والمطلوب من كل مختص استنتاج دروس في اختصاصه، فالمهندس يبحث عن دروس هندسية، والطبيب عن دروس طبية، والعسكري عن دروس عسكرية، والأديب عن دروس أدبية، وكذلك الفنان، واللاعب، والحِرْفي، فما الدروس التي يقدمها مهرجان جرش، أو الاحتفال به هذا العام؟نحن شعب نحب الحياة، وجديرون بها.

نحن شعب يحب الفرح، والغناء؛ وسط كومة الآلام. نحن شعب لا يلهينا الفرح عن الحشد، والدعم. نحن شعب يصعب إحباطنا! نحن شعب اقتطع أسبوعين؛ ليمارس إنسانيته! نحن شعب نقاتل، ونغني، ولا نستسلم! المهرجان فكر، وثقافة، وفن، وهذه مقومات نصر، لا خسارة تحية لكل من وقف مع غزة، وفلسطين، والفن، والفكر.