وطنا اليوم_يفترض أن تشكل الانتخابات النيابية المقبلة مرحلة مختلفة عن الانتخابات السابقة وصولاً لعام ١٩٨٩. يكمن هذا الاختلاف في نقطتين مهمتين؛ أولهما اتساع الدائرة الانتخابية، حيث توسعت لتشمل كامل المحافظة في عشر منها، وتقلصت لخمس دوائر في أكبر محافظتين هما العاصمة عمان واربد. النقطة الثانية هي القائمة الوطنية الحزبية، التي تبتعد عن فلسفة قانون الصوت الواحد.
الشكل الظاهر للانتخابات المقبلة لا يمكن أن يكفي لأن تكون محطة جديدة. إنه يتطلب جهود خمس عناصر مجتمعة معا، الأهم منها سعي الجميع لاستعادة ثقة المواطن في العملية السياسية وجوهرها، حيث انخفضت نسبة المشاركة من ٦٢٪ عام ١٩٨٩ إلى أقل من ٣٠٪ في انتخابات عام ٢٠٢٠.
استعادة الثقة تتطلب من الدولة – كل الدولة – أن يكون خطابها وإجراءاتها وانحيازاتها واضحة جلية لا تخرج البتة عن روح ومفهوم عملية التحديث السياسي التي قادها جلالة الملك. يجب أن تترجم هذه الإرادة بانحياز تام لكسب ثقة الناخب في العملية الانتخابية، متجنبة التدخلات السلبية أو الإيجابية للمرشحين والأحزاب.
استعادة الثقة يتطلب من الأحزاب أن تقدم أصحاب الكفاءة والتاريخ الناصح ليتصدروا قوائمها، وألا يكون للمال النصيب الأوفر في ترتيبها. يجب أن تقدم برامجًا وخطابًا موضوعيًا يرتقي بالحياة السياسية.
من جهتها، يتطلب من العشائر أن تقدم من أبنائها خيارهم وأكثرهم علماً ورسالة، لا أن تقدم صاحب المال أو صاحب الفخذ الأكبر أو ربما صاحب السطوة.
يتطلب استعادة الثقة من الإعلام أن ينحاز لنجاح العملية برمتها وليس لأشخاص أو أحزاب لاعتبارات مصلحية أو مالية. يجب أن يعلي من شأن الحوار العام المتركز على المصلحة العامة.
أما المرشحون، فيتطلب منهم احترام عقول المواطنين وعدم المبالغة في التوقعات الممكنة، والابتعاد عن الوعود الشخصية بالتوظيف والتنفيع، والالتزام بالمنافسة الشريفة.
أخيراً، يتطلب من الإخوة المواطنين الانحياز للمصلحة العامة وليس لاعتبارات العشيرة والمصلحة الشخصية فحسب، وأن نحارب جميعاً أية عمليات لتأثير المال في الانتخابات.
انخفاض نسبة المشاركة سيكون عاملاً مهماً في تقديم أصحاب الكفاءة والخبرة والمواقف الشجاعة. ما سبق من استعادة الثقة وغيرها من العوامل ضروري أن يكون محل اهتمام وعمل من الجميع، أفرادًا ومؤسسات، لعلنا نعبر فعلاً إلى محطة جديدة تبشر بالخير وتتغلب على التحديات. فهل نحن فاعلون؟!