سارة طالب السهيل
تحيي الاردن في شهر ابريل سنويا ذكرى رحيل المشير الركن حابس المجالي عن عالمنا ، هذا الاحتفاء بذكراه العطرة تمثل تجسيد لمعاني الوفاء الأردني قيادة وشعبا لرحلة عطاء وطني مخلص وفداء وبطولات سجلتها صفحات التاريخ الوطني للمغفور له بأحرف من نور .
فهو قامة من القامات العسكرية التي دافعت عن تراب الوطن الأردني وعن فلسطين وعن العروبة ، واحياء مسيرة هذه القامة هو تخليد وتكريس لقيم الوفاء لمن أخلص للوطن لدى الاجيال الناشئة ،خاصة وان بطولاته وجهود الجيش العربي الأردني ستظل محل فخر واعتزاز كل الأجيال .
ولي او ولنا كعائلة آل سهيل مع البطل والمغوار رمز البطولة الاردنية والعربية حابس المجالي علاقة من نوع خاص ، ليس فقط لكونه رمزا وطنيا مشرفا ، ولكن لارتباط علاقة الدم التي تسري بعروقنا ، فهو من بني تميم التي خرجت منها جذوري ، والمجالية من أعيان بني تميم (اولاد عم )، وقد ربطته علاقة صداقة حميمة مع والدي الشيخ طالب السهيل رحمهما الله .
وهذه العلاقة المميزة بين الشهيد الشيخ طالب السهيل و البطل الباشا حابس المجالي تمتد جذورها من
جدي الشيخ علي السهيل و قد سمعت من اهلي قصة دعوة جدي المغفور له الأمير علي السهيل للباشا حابس المجالي
حين كان في زيارة إلى المملكة العراقية على الغذاء وكان بالدعوة المغفور له الملك فيصل و الأمير عبد الإله و نوري باشا السعيد وقف حابس باشا المقامة الدعوة على شرفه الوقوف مع المعازيب ودعاه الملك للغذاء اخبره يا جلالة الملك انا ضيف عند كل العراقيين الا هنا انا معزب بديار عمامي
وروح الفروسية والشجاعة مفتاح لشخصية هذا البطل المغوار الشيخ حابس المجالي، ورغم جأشه العسكري ، الا انه كان يتمتع بفراسة مؤمن وذكاء فطري ترجمته خططه العسكرية التي حقق فيها انتصارات كبيرة .
و قد كانت له زيارة الى مصر مع المغفور له جلالة الملك الحسين وقد استقبلهم جمال عبدالناصر انذاك و سأل المشير حابس لماذا انت غاضب مني فأنا ليس لي اي علاقة باغتيال هزاع المجالي فأنا من بني تميم (الكلام لجمال عبدالناصر)
والجميل في شخصيته الثرية الجوانب ، انه كان مبدع ومرهف الحس الأدبي والذي تجلى في قصائده الوطنية والعاطفية ،
كقصيدة حنا كبار البلد
وهو بالحق من كبار البلد و رجالها الشجعان أعيان الأردن و قادة جيشها العربي
يا أردن والمجد ميعاده
في أرضك دوم، في أرضك دوم في بلاده
وحنا اللي أخدنا عهد
وحنا اللي أخدنا عهد بالروح نفديك
لو نادا وحنا كبار البلد
وحنا كبار البلد والبيت حنا أوتاده
حنا كبار البلد وحنا كراسيها
حنا رماح القناة اللي تعكزت فيها
(حنا كبار البلد وحنا كراسيها (كراسيها
حنا رماح القناة اللي تعكزت فيها
و ايضا قصيدة تخسى يا كوبان التي غنتها المبدعه سلوى العاص في مطلع سبعينات القرن الماضي و التي شارك في كتابة كلماتها رموز الأردن وصفي التل و حابس المجالي و الشاعر الوطني حسني فريز.
وقد كان رحمه الله يؤمن بالعلم ودوره في بناء الاوطان فكان المشير المجالي من أوائل المبادرين لتأسيس الجامعة الأردنية .
ومع مرور ثلاثة وعشرين عاما على رحيله فان سيرته الوطنية الهمت المؤلفين لإصدار العديد من الكتب والدراسات عن رحلة كفاحه الوطني .
وتاريخ العسكرية الأردنية قد ارتبط بالمشير حابس المجالي كأحد أبرز قادتها ، حيث تولى المجالي ، منصب القائد العام للقوات المسلحة الاردنية في الفترة بين عامي 1961 – 1968.
فقد كان المشير المجالي أول ضابط في الجيش العربي برتبة مرشح، أول ضابط يقود كتيبة مشاة ، وأول أردني يشكل ويقود كتيبة أردنية في حرب 48. والتاريخ يخلد للمجالي بطولات عديدة فهو بطل معركة القدس واللطرون وباب الواد .شهد العدو له بالبطولة ببطولته أطلق عليه ” أسد الأردن الرابض ” .
وقد تمكن المجالي خلال قيادته للكتيبة الرابعة الاردنية في حرب 1948، من أسر اريل شارون رئيس وزراء اسرائيل الاسبق عندما كان ملازما في الجيش بالقرب من القدس .
واعترف مؤسس الكيان الإسرائيلي ديفيد بنغوريون عام 1949 م أمام الكنيست ببطولة الجيش العربي الاردني وبخسارة اليهود بقوله “لقد خسرنا في معركة باب الواد أمام الجيش الأردني ضعفي قتلانا في الحرب كاملة ” .
وأهل القدس لا ينسون هذه البطولة لحابس المجالي وقواته الأردنية ويتغنون بها حتى اليوم في افراحهم منشدين : حابس حابسهم بالوادي .. حابس وجنوده وتادِ .. وفي انشودة اخرى يتغنون : سرية قايدها حابس .. تهيش الأخضر واليابس .
ولد رمزنا الوطني حابس المجالي من رحم الالم والشرف والعزة والاباء ، خلال الثورة التي اشعلها رجال الكرك للدفاع عن الانفس و الاوطان والبيوت من مدافع الدولة العثمانية واعتقلت خلالها الشرفاء من الأردنيين وأودعتهم المعتقلات ، وكان من بينهم والدة المجالي السيدة الكريمة بندر الكركية التي أنجبت ابنها في المعتقل عام 1910 ، حيث شرارات الثورة العربية الكبرى وحركات التحرر .
فقد رضع حابس المجالي روح النضال والدفاع عن الأوطان والفروسية والبطولة وهو في المهد فالتحق بالخدمة العسكرية في سن مبكرة، و تخرج من مدرسة السلط ، و ليواصل رحلته العملية بالنبوغ العسكري الذي ترجم في الرتب والمناصب العسكرية التي حصدها وحملت مسئوليات وطنية جسام ، لكن كان من أجدر الأردنيين على حمل الامانة ، ولذلك ثمن الأردن والوطن العربي عطاءه المخلص بمنحه العديد من الاوسمة والشارات منها : وسام النهضة المرصع ، وسام النهضة من الدرجة الأولى ، وسام النجمة من الدرجة الأولى، وسام الخدمة العامة بفلسطين ، وسام الاستقلال ، وسام الاستحقاق السوري ووسام الرافدين العراقي .
وخلدت المملكة الأردنية الهاشمية ذكراه بتحويل منزله في عمان إلى متحف يضم مقتنياته وسيرته العطرة للأجيال التي تتخذه خير قدوة للوطن .