طوفان الأقصى – تحليل السلوك البشري في زمن الاختبار !!!

7 مارس 2024
طوفان الأقصى – تحليل السلوك البشري في زمن الاختبار !!!


وطنا اليوم_ بقلم الدكتور نعيم الملكاوي

في زمن الأزمات ، تتكشف الطباع وتظهر جلية السمات التي تُعري حقيقة الأفراد والمجموعات وتُسقط الأقنعة عن العقول لتشكل ظاهرة مرضية “الإسهال الاجتماعي – Social Diarrhea” والنفاق في التعامل مع الاحداث والأزمات ، لا يعدو كونه مظهراً من مظاهر الدفاع النفسي أو استجابة لضغوط محيطة او منافع لحظية قد تفرض على  بعض الأفراد والجماعات التصرف بطرق قد لا تتوافق مع قيمهم الأصيلة ، فيبدأ بالانهمار من منابع كريهة محاولة حرف السوية في التفكير والاستجابة عن مسارها الطبيعي .


خلال الأحداث الأخيرة في “حرب طوفان الأقصى”، شهد العالم مرة أخرى كيف يمكن للظروف القاسية أن تدفع بالناس إلى تبني مواقف قد تبدو متناقضة .

البعض يلجأ إلى التعبير الطبيعي عن الأفكار والعواطف التي تعبر صدقية في التفاعل مع الحدث تنطبق مع اصل الفطرة الإنسانية ، فيما يميل آخرون إلى التملق الكاذب أو الظهور بمظهر المتعاطفين دون إخلاص حقيقي للقضية والحدث ، فينتج حالة أخرى من الانهمار المفرط للخيال والتشتت امام الافتراضات المتشابكة بناء على استنتاجات شكلية خاطئة تعبر عن ميلودراما مغلوطة سيدها عدم اليقين و التزلف والبحث عن مكانة او منفعة متصارعاً بذلك مع ذاته وسلامه الداخلي ، فتتعسكر الاطراف احدهما مع الحق والفطرة والأخر مع الهوى وحب الظهور وتعظيم التوافه .


تكشف هذه السلوكيات عن أعماق نفسية معقدة للسلوك الإنساني اثرها قاتل على اللاوعي والتملق الافتراضي يدمر الذات الفردية ليشكل حجر الزاوية للانفصام الاجتماعي ” الشيزوفرانيا ” والعيش بصراع الشخصيات المتعددة التائهة بين اسهالها الفكري المتضارب .


الأزمات الشديدة مثل الحروب والكوارث الطبيعية تنزع عذرية الأفراد وتضعهم أمام اختبار لقيمهم ومبادئهم . يصبح الفرق شاسعاً بين من يتمسك بالصدق والنزاهة ، ومن يستسلم للخوف والرغبة في النجاة ولو على حساب الآخرين .


هذا لا يعني الحكم المطلق على طبيعة البشر، بل يدعو لتحليل أعمق لهذا السلوك الإنساني . يتطلب الأمر فهماً للدوافع والضغوط التي تشكل تصرفات الأفراد في أوقات الشدة . فالمواقف الصعبة تكون بمثابة مرآة تعكس أخلاقيات الفرد والجماعة ، كاشفة عن الشجاعة والجبن ، الأنانية والتضحية ، الصدق والزيف .


أخيراً ، تُظهر الأزمات الحقيقة المؤلمة والجميلة لحال البشرية الحقيقي . ورغم كل شيء ، تبقى الأزمات فرصة للتقييم والتعلم وتعديل المسارات لهذا التدفق في الأفكار والمواقف والعواطف ، داعية كل واحد منا للتأمل في قيمنا ومبادئنا وكيفية تطبيقها وتوظيفها في أصعب الظروف .


هذا العصف يسعى لتقديم تحليل موضوعي حول كيفية تأثير الظروف الصعبة على السلوك البشري ، مستشهدا بالأزمة الحالية دون الإساءة أو الانتقاص من أي طرف ولكنه فرصة ثمينة لتقييم الذات وتقويمها ورفع مستوى الوعي الذي يلامس الواقع وينبذ الخيال …