نموتُ نموتُ ليحيا الوطن!!

3 مارس 2024
نموتُ نموتُ ليحيا الوطن!!

د. عادل يعقوب الشمايله

عانى المستضعفونَ مالياً وطبقياً والاقلَ تعليماً على مرِ العصورِ  من هذا الشعار البائس. واليوم يجري استبدالهُ بشعارٍ اكثرَ بؤساً “يموتُ الشعبُ ويضيعُ الوطن ليبقى السلاح الذي لم يحمي لا الشعب ولا الوطن”.

الوطنُ بدونِ الإنسانِ وجودٌ ميت. عندما يموتُ الناسُ من اجلِ ميتٍ يتحولُ الوطنُ الى مقبرة.

يتزوجُ الرجالُ والنساءُ لإنجابِ ذريةٍ تخلفهم  حتى تستمرَ حياتهم وخلودهم وتستمرَ الحياة. ذُريةً يَسعدونَ بها ويُسعدونها. وهكذا يتوالى مُسَلسلُ  السعادةِ والإسعادِ عبرَ الاجيال. 

لم يرد على ذهن أيِّ زوجينِ على مدى التاريخ، أن يُنجبوا أطفالاً ليموتوا. لإنجابِ اضاحي للوطنِ او لغير الوطن. ولذلكَ فحقُ الحياةِ يأتي على رأسِ قائمةِ الحقوقِ الانسانية.

وجودُ الوطنِ سابقٌ لوجودِ الناس. ويؤكدُ ذلكَ القرآن:   “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً”. هذا يعني أنَّ وجودَ الأرضِ “وطنُ البشريةِ” سابقٌ على خلقِ الانسان. فالإعلانُ عن خلقِ الإنسانِ كانَ اعلاناً عن تأسيسِ مشروع. ولا بُدَّ لأي مشروعٍ أن يكونَ لهُ مدير. فعناصرُ المشروعِ حسبَ عِلميْ الاقتصادِ والإدارةِ هي الأرضُ ورأسُ المالِ والادارة. فالأرضُ كانت موجودةً وتزخرُ بالموارد. ولا ينقصِ المشروعَ حتى يكتمل سوى الادارة، ولهذا خُلِقَ الانسان.

وقد نصت آياتُ القرآنِ صراحةً على تسخيرِ الأرض وما عليها وما فيها من مواردَ نباتيةٍ وحيوانيةٍ ومعدنيةٍ ومائيةٍ  للانسان بهدفِ انشاءِ هذا المشروع ونجاحه.

“أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ”،   “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)،  “وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمرِهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلون”،  “اللَّـهُ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزقًا لَكُم وَسَخَّرَ لَكُمُ الفُلكَ لِتَجرِيَ فِي البَحرِ بِأَمرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنهارَ)”. 

(وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). “سورة الجاثية، آية: 13”.

وقد نفى القرآنُ  مبدأَ عبثيةِ الخلقِ: “أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ”

لقد هاجرَ النبيُ  إبراهيمُ ابو الأنبياءِ مُضحياً  بالوطنِ من اجلِ المبدأ والرسالة. كما هاجرَ  النبيُ محمد من مكةَ التي وصفها بأنها احبُ ارضِ اللهِ اليهِ للسببِ ذاته وكلاهما لم يحاربا حرباً خاسرةً للبقاء في الوطن. وبنى نوحُ السفينةَ ليهاجرَ من ارضٍ لم تعد وطناً لأنها لم تستقبل بذورَ رسالتهِ فحطت بهِ في وطنٍ جديد.

 وقد نعى القرآنُ على الضعفاءِ تمسكهم بارضٍ يعانونَ فيها منَ الذلِ والهوانِ  وانعدامِ  حريةِ التفكيرِ والتعبير: “إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ”. 

كُلُّ ما سبقَ ذكرهُ لا يعني أنَّ الوطنَ لا قيمةَ لهُ. فلقدْ أباحَ  الإسلامُ وشجعَ على الدفاعِ  عن الوطنِ  حسبَ نصِ الايةِ القرآنيةِ: من اعتدى عليكم فاعتدوا عليهِ بمثلِ ما اعتدى عليكم. لكن، شريطةَ “ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة”. 

لكنْ علينا تَذكُر ما روي  عن ابن عمر عن النبي والذي صححه الألباني: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة، ويقول: ما أطيبك، وأطيب ريحك! ما أعظمك، وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله، ودمه. أخرجه ابن ماجه.

وحديث ابن عباس: لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، قال: مرحبا بك من بيت، ما أعظمك، وأعظم حرمتك! وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك. أخرجه البيهقي في الشعب، وهو في السلسلة الصحيحة برقم: 3420.

والمسلمونَ جميعا يؤيدونَ أو لا يعترضونَ على موقفِ عبدالمطلبِ شيخ مكة عندما ذهبَ لأبرهةَ الاشرم قائدَ الجيش  الحبشي الذي قدِمَ لهدمِ الكعبة، وطالبهُ بإعادةِ إبلهِ وعندما سألهُ ابرهةُ وماذا عن الكعبة؟ أجابهُ: للبيتِ ربٌّ  يحميه.  طبعاً إجَابةُ عبدالمطلب يمكنُ تفسيرها بالجبنِ والأنانيةِ وخيانةِ الوطن والدين. ولكن عبدالمطلب كانَ يدركُ أنَّ سكان مكة لا يستطيعون حماية الكعبة من جيش يتفوق عليهم بقوته. 

ألمْ يقم الرسولُ وصحابتهُ بحفرِ الخندقِ والاحتماءِ خلفهُ لتجنبِ القتالِ المباشرِ مع عدوٍ غاشمٍ يتفوقُ في عدده وتعداده على ما هو متوفرٌ للنبي؟  الا يؤكدُ قرارُ النبيُ بحفرِ الخندقِ أنَّ الموتَ ليسَ هدفَ المسلمِ ولا جنتهُ؟ 

وتثبتُ قصةُ الخندقِ أنَّ الرسولَ كانَ حريصاً على حمايةِ المدينةِ كلها وحفظِ ارواحِ ساكنيها وليسَ المقاتلينَ فقط، والحفاظِ على الرسالةِ التي كُلِفَ بها. وأنَّ جيش الصحابةِ لم يختبئ داخلَ الخندقِ،  وإنما كانوا  يقفونَ  على حافةِ  الخندقِ  يتراشقونَ بالسهام ويتبارزون مع فرسان العدو . ولو كانَ الموتُ  هدفاً او كانَ الموتُ سعادةً لسارعَ اليهِ الانبياء.

إذاً النظريةُ  الإسلاميةُ للحربِ تقومُ على المبادئِ التاليةِ:

١-الحربِ الدفاعيةِ ضد المعتدي،  ومنعِ الظلمِ او إزالته. “ولا تعتدوا إنَّ الله لا يُحبُ المعتدين”. وهذا نصٌ عام يشملُ المسلمينَ أيضاً إذا بادروا بالعدوان. “﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ”. معنى ثقفتموهم إن كنتم قادرين على قتالهم. “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِير”.

٢-الاستعدادُ التامُ والحقيقي: “وَأَعِدُّوا لَهُم ما اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ”.

٣-الردعُ لمنعِ المعتدي من التفكير في العدوان: “ومن رباط الخيل ترهبون به”، أي المرابطةِ على الحدودِ والمواقع الحيوية لحمايتها. 

٤-مواجهةُ المعتدي بكلِ شراسةٍ وعدم الانسحاب والهرب.

-الاثخان: أي تلقينِ المعتدي درساً لا ينساهُ ليكونَ  عبرةً لغيرهِ. 

٥-مقاطعةُ الإعداءِ وحلفائهم: “إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”. معنى ان تولوهم: موالاتهم ، مصادقتهم، التعاون والتعامل  معهم. 

-الجنوحُ للسلمِ اذا جنحَ المعتدي على  شروط المسلمين.

ينبني على هذه السياسةِ الدفاعيةِ، محاسبةَ القادةِ والمسؤولينَ المقصرين وخاصةً في مجالِ الاستعدادِ مما يعرضُ الشعب للتهلكة. 

هذا ما حدث ويحدث في اسرائيل: 

-اقصى الاستعداد

-حماية المدنيين

-الاثخان. أي الضرب بشدة ووحشية لحماية شعبهم وحماية كيانهم.

-محاسبة المسؤولين المقصرين المتسببين بالهزائم او الخسائر كما حدث بعيد حرب تشرين ١٩٧٣ وما يحدث الان.  

اليهودُ لمْ ولا يمجدونَ مسؤوليهم على اعتبارِ ما الحقوه بالعرب من دمار وقتل. هذا يعتبرونهَ تحصيلَ حاصل. ولكنهم يحاسبونهم على ما ألحقتهُ الحربُ من ضحايا اسرائيليين وخسائر للاسرائيليين.

بينما لم يُحاسب أيُ زعيمٍ عربيٍ او فلسطينيٍ عن الهزائمِ والضحايا والدمار وضياعِ الاراضي العربيةِ والكرامةِ العربية. بل على العكس يتحولُ المهزومونَ الى أبطالٍ يمجدهم المتخلفونَ والاغبياءُ والدونيون.

قام عبدالناصر باغلاق مضائق تيران لمنع الملاحة الاسرائيلية. صفقت له الجماهيرُ وهتفت بحياته. النتيجةُ حربٌ هُزِمت فيها  مصر  ودُمِرَ جيشها واحتلت اسرائيلُ كاملَ سيناءَ ووقفت على شاطئ قناة السويس واكلت الوحوش جثث الاف الجنود المصريين. ورغم ذلك اعتبر الاعلام الناصري أن اسرائيل لم تنتصر لأنها لم تحقق هدفها بالقضاء على عبدالناصر. ويخرج الملايين يطالبون عبدالناصر بالبقاء في الحكم.

قام صدام حسين بغزو ايران لمنع المد الشيعي على حَدِّ زعمهِ. النتيجةُ هُزِمَ العراقُ وقُتلَ  مئاتُ الالاف من العراقيين واستنزفت أموالهُ واحتياطاتهُ وخرجَ مديناً مما اضطرّهُ لمغامرةِ احتلال الكويت. الآنَ  تسيطرُ ايرانُ الشيعيةُ على العراق  المقسم وعلى سوريا  المدمرةِ ولبنان واليمن. ومع ذلك،  فصدامُ حسين هو بطلُ العروبة والاسلام بدون منافس. هذه هي معايير وشروط النصر عند العرب.  هل هناك امة ضحكت من هوانها وغباءها الامم غير الامة العربية؟

هناكَ أراضٍ هنديةٍ تحتلها الصين، وجزرٌ يابانيةٌ تحتلها روسيا، وجزرٌ تركيةٌ تحتلها اليونان، وولاية الاسكا الروسيةُ اصبحت جزءا من الولايات المتحدة الامريكية، وتايوان لا تستطيعُ الصينُ استردادها وهاهي صابرةً وتستعد. محاولةُ تغييرِ الأمرِ الواقعِ بين هذهِ الدولِ ستتسببُ بحروبَ مدمرةٍ لها،  ولهذا ترفضُ الدولُ المُحتلةُ اراضيها  المغامرةَ المكلفةَ جداً وقبلَ الآوانِ وضمانِ النتيجةِ.

قبلَ طوفانِ الاقصى، كانَ وضعُ الفلسطينيين مع الاسرائيليين يُشابهُ وضعَ البحارِ  في هذه الايام بتأثيرِ تغيراتِ المناخِ وارتفاعِ درجاتِ الحرارةِ التي تُذيبُ شمالَ الارض المتجمد. بدءَ منسوبُ مياهِ البحارِ يرتفعُ مهدداً الجزرَ بالابتلاعِ ومهدداً الشواطئَ بالطوفان. 

عددُ الفلسطينيينَ في داخلِ اسرائيل والضفة والقطاع تزايدَ خلالَ خمسةٍ وسبعينَ عاماً الى أنْ اصبحَ مساوياً او يزيدُ عن عددِ اليهود. مستوى معيشةِ الفلسطينيين افضلُ من مستوى معيشةِ باقي الشعوبِ العربيةِ ما عدا دولِ الخليج. عددُ المستشفياتِ في غزةَ اكثرَ وأفضلَ من المستشفياتِ في الاردن الذي يبلغُ تعدادُ سكانهِ خمسةَ أضعاف سكانِ غزة. هذا علماً بأنَّ المستشفياتِ الأردنيةِ افضلَ من مثيلاتها في عدد من الدول العربية.

أهلُ غزةَ والضفةَ يعيشونَ في مساكن وخدماتٍ تعليميةٍ ومستوى دخلٍ افضلَ منَ المتوفرِ للمصريين والعراقيين والسوريين والجزائريين والمغاربة. أعدادُ الجامعاتِ في فلسطين نسبةً الى السكان تفوق اي دولةٍ  عربية. وحالهم افضلُ من حالِ الفلسطينيين الذين هاجروا عامي ١٩٤٨ و ١٩٦٧ ويعيشون في مخيمات لبنان وسوريا والاردن.

 هذا هو الانتصار بكافة المقاييس. صمودُ الشعب الفلسطيني على ارضه، وتعمير انفسهم بالعلم والمهارات وتعمير مدنهم وقراهم رغم ارادة الكيان المحتل. كما كان للفلسطينيين دولتين وحكومتين في غزة والضفة عدا عن مشاركتهم الواسعة في الحكومة الاردنية. وهذه النغنغةَ لا تتوفر لاي شعب عربي. 

أمَّا  الدخولُ  في مغامراتٍ غيرَ محسوبةٍ وطنياً ولكنها محسوبةً اقليميا وعالميا فهو انتصارٌ لاسرائيل وايران والشياطين التي تؤز المغامرين أزاً.

كُلُّ ما  سبقَ بيانهُ  يقودُ الى تعريفِ كلمةِ وطن أو مفهومِ وطن.

دائماً هناكَ ما قبلَ الوطنِ وطن، وما قبلَ قبلَ الوطنِ وطن. كما أنهُ يُمكنُ انْ يكونَ للوطنِ بديلٌ يصبحُ هو الوطن وأن يتحول البديلُ الى أصيل. مُعظمُ  الأوطانِ مُكتسبةٌ  بالغزو والاحتلالِ . والناسُ تتوطنُ او تستوطنُ  بالميراثِ أو بالانتقالِ  أو بالهجرةِ الطوعيةِ او بالتهجير القسري. الم تصبح الاندلس وطناً للعرب؟ ثم تحول ما كان وطناً الى  ذكرياتٍ جميلةٍ ممزوجةٍ بالحسراتِ والتنهداتِ التي تبخرت كما تتبخرُ مياهُ بحيرةٍ بلا روافد.

ما هو تعريفُ الوطن للبدوي؟ وهل يموتُ البدوي دفاعاً عن بقعةٍ جغرافيةٍ  أمْ عن ما فوقَ البقعةِ الجغرافيةِ من ماءٍ وكلأٍ لأنهما ضمانُ حياةِ أغنامهِ وجمالهِ وبالتالي حياته؟ ومن الثابت اختلافُ مفهوم  وارتباط ابنُ القريةِ عن ابن المدينة بالوطن.  فكلما زادت حريةُ الحركةِ  mobility ضعفت قدسيةُ الوطن وتخلخلَ وتده. 

هل الوطنُ هو بقعةُ الترابِ ضمنَ حدودٍ جغرافيةِ معترفٍ بها؟ أم هو الكرامة؟ 

وعندما يصدق المثل: لا كرامة لنبي في وطنه. فهل يستحق ذلك الوطن ان يكونَ وطناً للنبي؟ وهل يستحقُ أن يموتَ احدٌ من اجله؟ 

ام أنَّ الوطنَ هو نوعيةُ الحياةِ ومجموعةُ الحقوقِ  الإنسانيةِ المعترفِ بها دوليا؟

هل يستحقُ الوطنُ الذي يخضعُ للاستبدادِ السياسي او الاستبدادِ الاقتصادي او الاستبدادِ الديني او الاستبدادِ الثقافي  أنْ يموتَ الفقيرُ  أو المهمشُ او المضطهدُ من اجله؟ وهل تختلفُ نتائجُ وآثارُ الاستبدادِ على نفسيةِ الإنسانِ المُستضعفِ باختلافِ لونِ عيني ولونِ شعرِ المستبدِ ومقياسِ بسطاره؟

تعريف الوطن في القواميس الانجليزية:

1-native land, birthplace, motherland, fatherland . Collins Dictionary. 

2- the country where someone was born in.

3- a large area of land where a particular group of people can live.

Dictionary of contemporary english

4- the country you were born in. Cambridge dictionary.

جميعُ هذهِ التعاريفِ اعلاه تبينُ أنَّ الوطنَ هو المكانُ الذي ولد الانسان فيه. تعاريفَ واقعية ولكنها باردة لا تتضمنُ اي عواطف.  السؤال: هل يتوجب على من ولد في امريكا  او كندا او بريطانيا اثناء دراسةِ والدهِ ان يدافعَ عن البلد الذي ولد فيه حتى الموت؟