وطنا اليوم:أسفرت الاحتجاجات وأعمال الشغب التي جرت في محافظات ومدن تونسية عدة عن اعتقال 632 شخصا من المشتبه بضلوعهم في أعمال حرق وسرقة طيلة الأيام الأربعة الأخيرة، تزامنا مع فرض حجر صحي شامل في البلد. وفرضت السلطات حجرا من الرابعة عصرا إلى السادسة صباحا، منذ يوم الخميس، الذي صادف الذكرى العاشرة للثورة التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
واندلعت اضطرابات ليلية في عدة مدن أشعل خلالها يافعون العجلات المطاطية وألقوا قنابل مولوتوف على قوات الأمن ما أدى إلى إصابة عدد غير معروف منهم، بينهم حالات خطرة على ما قال الناطق باسم وزارة الداخلية خالد حيوني الذي قال إن “ما حدث ليست احتجاجات وإنما أعمال إجرامية. هناك أعمال سلب ونهب ووقعت إصابات بليغة في صفوف الأمن”. وأظهرت شاشات المحطات التلفزيونية المحلية صورا لمعارك ليلية بين الشرطة والمتظاهرين، والأضرار التي لحقت بمراكز الشرطة وسياراتها وآلياتها.
وأثارت أعمال الشغب استنكارا واسعا بين الرأي العام وخاصة الأحزاب والنقابات، الذين وصفوا الضالعين في تلك الأعمال باللصوص، بعدما تعرضت متاجر ومحلات خاصة وعامة وفروع مصارف ومكاتب بريد إلى أعمال نهب وتدمير. ويُخشى من أن تمتد الاضطرابات إلى مدينة ماجل بلعباس (وسط شرق) حيث يمر الأنبوب الجزائري الذي ينقل الغاز المسيل إلى إيطاليا عبر تونس. وسبق أن هدد محتجون بوقف تدفق الغاز، لكن السلطات اعتبرت ذلك خطا أحمر، وعززت قوات الأمن في المنطقة.
ولوحظ أن قوات من الجيش اتخذت مواقع حول البنايات الرسمية ومقرات السيادة لحمايتها من أعمال الشغب.
الرئيس اجتمع مع سكان حي شعبي وانتقد “من يخططون في الظلام”… والداخلية: أعمال إجرامية وليست احتجاجات
وكانت تونس شهدت أعمال عنف وسطو ليلية تحت غطاء مظاهرات في 2016 في ظل حكومة حبيب الصيد. إلا أن محللين حذروا من وجود أطراف سياسية وراء أعمال الشغب، وسط قطيعة بين رأسي الدولة قيس سعيد رئيس الجمهورية وهشام المشيشي، رئيس الوزراء، الذي أدخل تعديلا واسعا على الحكومة شمل 12 وزيرا، خرج بموجبه الوزراء المحسوبون على سعيد من التشكيلة الحكومية الجديدة.
وتنقل سعيد أمس إلى الحي الشعبي المنيهلة شمال العاصمة، واجتمع مع شباب من سكان الحي وحضهم على ألا “يتعرضوا لأي كان في ذاته أو عرضه”، ولم يستنكر أعمال الحرق والنهب. إلا أنه حمل على “من يُخططون في الظلام”، من دون تسمية الأطراف التي يقصدها.
وفي شارع بورقيبة وهو الشارع الرمز ونقطة محورية في الاحتجاجات التي أنهت حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي قبل عشر سنوات، طالب المتظاهرون أمس الاثنين بإطلاق سراح المعتقلين في أحداث الأيام الماضية.
وقالت شابة تدعى سنية وهي عاطلة عن العمل منذ أعوام بعد حصولها على شهادة جامعية في الآداب “إنهم يصفون كل من يحتج على النظام بأنه لص… لقد جئنا بوجوه مكشوفة في النهار وليس بالليل لنقول إننا نريد وظائف… نريد الكرامة… لنقول يكفي احتقارا… يكفي تهميشا يكفي جوعا”.
وهتف المحتجون “لا خوف لا رعب… الشارع ملك الشعب”.
وتجمع محتجون أيضا الاثنين في منزل بوزيان التابعة لولاية سيدي بوزيد حيث أدى حرق بائع فاكهة في أواخر 2010 إلى اندلاع الثورة.
وأجج حادث تعنيف راعي أغنام من قبل شرطي في سليانة الاحتجاجات منذ الخميس الماضي. واتسعت رقعة الاحتجاجات وأعمال العنف يوما بعد يوم لتشمل عدة مناطق.
وتجري هذه الاضطرابات على خلفية عودة الحديث عن الأموال التي هربها الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وأسرته إلى سويسرا، بعدما انقضى أجل استرجاعها المحدد بعشر سنوات. لكن السلطات التونسية لم تستكمل إجراءات الاسترجاع في المواقيت المحددة. وحضت جمعيات المجتمع المدني ونقابات وأحزاب حكومة المشيشي على استعادة كل الأموال المجمدة في الخارج، خاصة أن السلطات تحتاج إلى ثمانية آلاف مليار دولار لسد النفقات المبرمجة في موازنة 2021 خلال فترة قريبة.