وطنا اليوم:عرفت المملكة على مدار عقود من الزمن بتقدمها العلمي في المجال الطبي، وامتلاكها أدوات متطورة وكوادر طبية على درجة عالية من الكفاءة مما أسهم في استقطاب المرضى للحصول على العلاج في مستشفيات الأردن، وجعل منها مقصدا إقليميا، كما تبؤات المملكة المرتبة الأولى على مستوى الاقليم ومن أفضل 10 دول في العالم في مجال السياحة العلاجية.
وفي السنوات الأخيرة انخفضت أعداد المرضى القادمين لتلقي العلاج في المملكة لأسباب مختلفة أبرزها تلك المتعلقة بتبعات الربيع العربي على البلدان المحيطة، وظهور أسواق منافسة كـ”تركيا والهند.
119 مليون دينار عوائد السياحة العلاجية عام 2023
وكلما ارتفع عدد القادمين للمملكة بهدف السياحة العلاجية والاستشفائية كلما نمى المردود المالي المتأتي على مختلف القطاعات في البلاد، وفي هذا الصدد قال مدير مديرية السياحة العلاجية في وزارة الصحة الدكتور أمين المعايطة إن عدد القادمين إلى المملكة بهدف السياحة العلاجية من جميع المعابر والمطارات بلغ نحو 200 ألف زائر.
وبين المعايطة أن الـ200 ألف يشير إلى الزوار المرضى ومرافقيهم، حيث أن كل حالة دخول إلى المستشفى يقابلها تقريبا 3 مرافقين، وفقا لمسح أجرته دائرة الاحصاءات العامة.
وكشف عن الدخل المتأتي للسياحة العلاجية على مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد والذي وصل إلى 119 مليون دينار عام 2023، شاملا خدمات العلاج والخدمات اللوجستية الأخرى.
ويبلغ حجم سوق السياحة العلاجية العالمي 69 مليار دولار، من المتوقع أن ينمو إلى 194 مليار دولار بحلول عام 2028 ما يجعل استثمار الدول به أمرا هاما.
أكثر الدول التي تصدر السياحة العلاجية للمملكة
وتعتبر المملكة وجهة سياحة علاجية لعدد من شعوب المنطقة، وكانت أكثر الدول تصديرا لزوار السياحة العلاجية والاستشفائية إلى الأردن، المملكة العربية السعودية وليبيا واليمن وسوريا ومصر ومن ثم تليها الجزائر وتشاد والسودان.
المعايطة قال إن أكثر زوار المملكة كانوا من السعودية ثم ليبيا ثم اليمن وسوريا ومصر.
وتابع:” كانت السودان تزودنا بعدد جيد من زوار السياحة العلاجية إلا أنها توقفت مع اشتعال الحرب الأهلية هناك، كما ويوجد حالات محدودة لعلاج كنديين وأوروبيين وأمريكيين وأشخاص من الإمارات العربية المتحدة ولبنان والكويت”.
لماذا تراجعت أرقام مرتادي السياحة العلاجية إلى الأردن؟
ورغم توافر الإمكانات والمزايا العديدة في الأردن على الصعيدين الطبي في المستشفيات المتقدمة والبنى التحتية المتطورة، أو على صعيد مواقع السياحة الاستشفائية كمياه البحر الميت العلاجية وحمامات ماعين وعفرا العديد من المناطق، إلا أن أعداد القادمين للسياحة العلاجية انخفضت.
واستطاعت تركيا التي تعد سوقا رائدا اليوم في السياحة العلاجية تحقيق عوائد بلغت مليار و700 مليون دولار من هذا القطاع الشهور التسع الأولى من عام 2023، بينما راوحت عوائد الأردن مكانها بـ119 مليون دينار خلال نفس الفترة.
المعايطة بين أن الأرقام التي تتحدث عن مردود السياحة العلاجية الاقتصادي في الأردن غير دقيقة؛ نظرا لعدم توفر نقاط رصد رسمية على المعابر الحدودية تسجل عدد القادمين لغرض السياحة العلاجية ومقصدهم وغير ذلك.
وحول أسباب تراجع أرقام مرتادي المملكة لهذه الغاية قال:” الأسباب عديدة لتراجع الأردن في هذا المجال خلال السنوات الماضية، ومنها عدم وجود خط طيران مباشر مع بعض الدول، إضافة إلى الحروب التي أشعلت المنطقة خلال السنوات الماضية ووضع شروط مسبقة على سكان تلك الدول للحصول على التأشيرات لدخول المملكة؛ بسبب التخوفات الأمنية التي حدثت”.
وبين أن وجود أسواق منافسة مثل تركيا ومصر والهند أدى إلى تراجع الأردن وانخفاض أعداد مرتاديها بغرض السياحة العلاجية، مشيرا إلى أن دول مثل تركيا والهند تقدم أسعار تنافسية للمرضى في عصر التكنولوجيا بحكم صناعتهم للمعدات التي تؤدي تلك المهام.
وأكد أن تلك الدول اتبعت نظام “الحزم- البكجات” للمرضى، من خلال تقديم عروض شاملة لعملية العلاج وإقامة دائمة للمريض ومرافقيه طوال مدة العلاج، عدا عن توفير أنشطة ترويحية وتسويقية لهم.
كيف يمكننا البقاء في مضمار المنافسة الإقليمية؟
المعايطة طالب بإنشاء قاعدة بيانات وحوسبة النظام الصحي بما يتيح تسجيل كافة الأشخاص الذين تلقوا العلاج، وهو ما سيمنح المديرية والجهات ذات العلاقة إمكانية إحصاء أعداد متلقي العلاج بشكل دقيق أسوة بدول العالم.
كما واعتبر أنه من غير المعقول أن تعمل مديرية السياحة العلاجية منذ 20 عاما من دون نظام عمل أو تشريع يحكم عمل السياحة العلاجية والطب الاستشفائي.
ويطالب خبراء في هذا الشأن بوضع وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة نقاط رصد في مختلف المعابر الحدودية والمطارات؛ يتم من خلالها استقبال الزوار القادمين بهدف السياحة العلاجية وتقديم المشورة والتوجيه لهم، إضافة إلى تسجيل معلوماتهم والمتابعة معهم إلى حين إنهائهم رحلتهم العلاجية.
المعايطة أكد ضرورة تطوير السياسات المتعلقة بالشكاوى بعد دخول المريض إلى المملكة، وتفعيل قانون المساعدة الطبية والرقابة الحقيقية على أداء المؤسسات الصحية بشكل عام.
كما وطالبت مديرية السياحة العلاجية في وقت سابق من وزير الصحة رفد سفارات وقنصليات المملكة بملحقين متخصصين يروجون للقطاع العلاجي الاستشفائي في دول العالم قاطبة.
بكجات علاجية للمرضى بأسعار تفضيلية
ولمواكبة الركب العالمي وضمان تقديم خدمة الرعاية الصحية اللازمة والحد من عمليات الاحتيال على المرضى، أقدمت مديرية السياحة العلاجية في وزارة الصحة بالتعاون مع جمعية المستشفيات الخاصة وهيئة تنشيط السياحة وجمعية الفنادق وغرفة تجارة الأردن ووزارتي الخارجية والداخلية على انشاء “حزم – بكجات” علاجية للمرضى.
المعايطة يقول إنهم في المراحل النهائية من اعداد “الحزم”، حيث ستتضمن كل حزمة علاجية نوع المرض ومدة الإقامة المتوقعة والمستشفى مقدم الرعاية الطبية الصحية واسم الطبيب المعالج والتكلفة المالية الكلية لكافة الخدمات اللوجستية بما فيها العلاج.
وأوضح أنه تم إعداد 120 إجراء طبيا، بحيث تتناول الإجراءات العشرين الأولى العلاجات الأكثر شيوعا في الأردن، مثل عمليات القلب المفتوح والصمامات وتغيير المفاصل وتصحيح العمود الفقري، والعيون وتصحيح النظر وجراحة التجميل.
وكشف أن هذه الحزم تم رفع جزء منها على منصة سلامتك التي تعنى بتقديم كافة الإجابات على تساؤلات الراغبين بتلقي العلاج في المملكة https://www.salamtak.gov.jo
وعلى سبيل المثال تتراوح تكلفة إجراء عملية القلب المفتوح وتركيب صمامات بما بين 14 ألف إلى 16 ألف دولار شاملة كافة تفاصيل العلاج والخدمات اللوجستية الأخرى، وفق ما يشير موقع منصة سلامتك.