ابو حليمه تكتب: فارق العمر ليس رقم بمجرد تعلق بالزواج

26 فبراير 2024
ابو حليمه تكتب: فارق العمر ليس رقم بمجرد تعلق بالزواج

هبة أبو حليمة
أخصائية أصول التربية

إن فارق السن بين الزوجين لا يؤثر كثيراً، ولكن يكون اختلاف الأفكار والشخصيات مؤثراً سلبياً في بعض الأحيان، ولا ننكر أنه أحد أهم الأمور التي لا يمكن إغفال تأثيرها على الحياة الزوجية، لأن هذا الفارق يؤثر فارق سن بين الزوجين ليس مجرد رقم وله تأثيرات كبيرة على مسيرة الحياة الزوجية، ويؤثر بشكل كبير على التفاهم والانسجام والتواصل الفكري والمعرفي، ويلعب دوراً مهماً في استمرار العلاقة الزوجية وليس له قاعدة ثابتة، ولكن لابد من مراعاة الكثير من الاعتبارات قبل الدخول في هذه الخطوة الهامة، وهو فارق السن بين الشريكين، فقد نجد أنه من الصعب تحديد سن مناسب في العمر بين الزوجين، لأننا قد نرى نجاح واستقرار بعض العلاقات يكون الفارق العمري فيها كبيراً وفشل علاقات أخرى قد تكون بفارق العمر الكبير او قد تخلو من فرق العمر.

يميل الرجال إلى التخريب خلال أزمة منتصف العمر واتخاذ قرارات متهورة مثل إنهاء الحياة المألوفة والعلاقة مع الزوجة، والتطلع إلى علاقات مع من هن أصغر سنا ولكن كل هذا سرعان ما ينتهي مؤديا إلى الدمار
أن فرق العمر الكبير بين البالغين الراشدين، ليس هو المشكلة ولكن اختلافات المعتقدات الثقافية والخصوبة هي المشاكل التي تواجه الطرفان .
إلى أن الدوائر الاجتماعية وأهداف الحياة والقيم هي من فرضت ضرورة الزواج من شخص نفس العمر، لكن في النهاية، يمكن أن تحدث اختلافات في القيم والآراء بغض النظر عن عمر الشريك، وربما يكون قبول علاقات شريكين بينهما فرق عمر كبير أو كما
يسمى بـ ” الفجوة العمرية “، أمرًا بسيطًا حيث يعود نجاح العلاقة إلى مدى سعادة الطرفان وتوافقهما معاً، مع عدم وجود مشاكل كبيرة في الصحة، عندئذ يمكن أن تنجح هذه النوعية من العلاقات الزوجية.
“نجاح العلاقة لا يتوقف أبدًا على التقدم في العمر، بل يرجع إلى القيم وتطلعات العلاقة وأهدافها .. والعمر هو مجرد عامل لنجاح العلاقة يمكن إغفاله بجانب عوامل أخرى تشارك في نجاحها مثل مدى توافق ودعم الطرفان لبعضهما البعض…إذا كان الحب بينهما صادق فلا يهم فرق العمر بينهما”.

في حال كان مستند على النضج والتفكير الواعي مهم جدًا أن يكون قرار الزواج مستندًا إلى النضج العاطفي والتفكير الواعي، وأن يتم اتخاذه بعناية وتوازن. ينصح بأن يتم اتخاذ القرار بالزواج بعد التأكد من استعدادك الشخصي وتوافقك مع الشريك المحتمل، وتفهم المسؤوليات والتحديات المرتبطة بالزواج
مهما كانت العمر المثالي للزواج بالنسبة للشخص
فإن الأهم هو الاستعداد الشخصي والاستعداد لبناء علاقة صحية ومستدامة مع الشريك المناسب بالطبع يحتاج الزواج إلى حد أدنى من النضج النفسي الاجتماعي كي ينجح، لكن ملاحظاتي أن قلة النضج تأتي في المرتبة الثانية كسبب لطلاق الشباب الصغار بعد نقص الثقافة الزوجية والعوامل الأخرى.

النضج النفسي اللازم للزواج يحتاج إلى القدرة على الحب مع الشعور بالاستقلالية الذاتية واحترام استقلالية الطرف الآخر بحيث لا ينظر إلى الطرف الآخر على أنه ملكية جديدة حصل عليها وهي موجودة من أجله هو بالدرجة الأولى.

ومن النضج الضروري لنجاح الزواج أن يكون الإنسان قد حقق أهم مهمة من مهمات المراهقة وهي تحديد الهوية بوضوح، والمقصود بذلك أن يكون المراهق قد عرف ما يريد من حياته وما يريد أن يحقق فيها، ومَنْ يريد نفسه أن يكون في هذه الحياة، وهذا يحتاج إلى اختيار الكثير من مكونات هويته.

لأن العمر يواجهك بالواقع لتكون الحسبة أكثر دقة، فهو مربوط بالتوظيف وسن التقاعد والفرص المتاحة التي تتطلب أعماراً معينة، يرتبط بالصحة والقدرة البدنية، ويرتبط حتى بدخول بعض الأماكن التي تشترط أعماراً معينة لأنها لا تأبه لعبارة العمر مجرد رقم، ويرتبط بالحمل والإنجاب بالنسبة للمرأة، يرتبط بعمليات الأيض والحرق، فهو سن بلوغ، وسن يأس، سن صحة وسن وهن.. مواعيد مع الفطرة وطبيعتنا البشرية لا يمكن أن نعتبر أن التقدم بالعمر أمر سلبي إذ يعتبر حصيلة خبرات، توازن وحسبة مختلفة في الحكم على الأمور، سعة صدر وتصالح وحكمة .. حتى مقاييس المواقف التي تستدعي الخجل تختلف حسب العمر وتبقى الحالات الاستثنائية استثنائية ولا تمثل الأغلبية .. ويبقى العمر ليس مجرد رقم وإنما مراحل ولكل مرحلة جمالها الخاص بكل تفاصيلها .. بأخطائها وهفواتها، بطيشها ورزانتها، بانفعالها وهدوئها، بخجلها وجرأتها .. ويبقى الرابح الأكبر هو من عرف كيف يستمتع بجميع مراحل عمره، فللعمر أيضاً أنظمة ولوائح.