محمد داودية
يجدر ان نأخذ في الاعتبار التحولات العميقة التي جرت على بنية النظام السياسي، الأمنية والسياسية والقانونية والثقافية والفكرية والاجتماعية.
وهي تحولات إيجابية جداً، أسهم فيها إلى حد كبير، انتفاء التهديدات الخارجية الانقلابية التي كانت تستهدف تغيير النظام لا إصلاحه.
انتفاء التهديدات الخارجية، وتحول المعارضة من معارضة حكم إلى معارضة حكومات، وسقوط “النموذج الخارجي”، طمأن النظام السياسي الهاشمي، وأفرده نموذجاً للقياس، مما حقق أهم متطلب للشرعية السياسية وهو: الرضى والقبول.
يضاف إلى أعلاه، مرونة النظام السياسي الهاشمي وتسامحه وقدرته الفائقة على احتواء المعارضة.
وايضا مغادرة المعارضة حالة “أُحُد أُحُد” والجمود والحتمية والعقائدية. وانهيار الانظمة الشمولية، وانكشاف ما خلفته من كوارث وانتهاكات واهوال ومقابر جماعية.
لقد حددت اطروحة النائب عمر العياصرة تحت القبة، أهم المفارقات التي ما يزال يثيرها التصنيف العتيق، الذي يستخدم مسطرة الأبيض والأسود فحسب.
تحدث العياصرة عن الانتقال من ظهر البكب إلى إكراهات السلطة. من مساحات الأحلام الجميلة النبيلة، التي تصدح شعاراتها من سماعات البكبات، إلى الإكراهات المتعددة التي تكبل متخذي القرارات.
لقد وقر في الاذهان ان تحول المعارض إلى موالٍ، تم ضمن عملية قبض وشراء، باع فيها المعارض نفسه وتاريخه وطبقته ورفاقه !!
في حين لم يتم وصم من يتحول من الموالاة إلى المعارضة، حتى في اكثر التجليات قسوة وعنفاً وانتهاكاً وظلماً، بأنه انتقل وخلع بِزّة الولاء أو ترك سوط الجلاد لأنه احيل على الهامش او المعاش، او لأنه لم يحصل على الشرهة المرتجاة.
لقد اعلنتُ فور إحالتي على التقاعد عام 2012 لبلوغي ال 65: “انا لست ممن يتقاعد فيصبح معارضاً”.
لا استطيع ان امثل هذا الدور، ولا اجيد هذا التناوب بين الخطين المتوازيين. على انني لن اتوقف عن انتقاد الممارسات السلبية ولا عن الكتابة الناقدة لها.
ويعرف تاريخنا رجالاً “دولاتيين” لهم أسمى المراتب في وجدان شعبنا، كما هي مراتب معارضين أشاوس تركوا أثراً وأسهم نضالهم المرير في ما نحن عليه اليوم من تطور وتقدم وانفراج أودى بالانفراد.
وصفي التل، هزاع المجالي، محمد عودة القرعان، سليمان عرار، عبد خلف الداودية.
سليمان النابلسي، يعقوب زيادين، أمين شقير، حسين مجلي، عبداللطيف عربيات.