لم يكن نتنياهو هو الوحيد الذي عمل دون كلل لتقويض الاتفاق الذي تم التوصل إليه عام 2015 لكنه كان الأعلى صوتا في الحلف المناهض للاتفاق والذي يضم صقور الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة إلى جانب السعودية والإمارات.

وكان الخروج من الاتفاق أحد أبرز تعهدات ترامب خلال حملته الانتخابية مما ضمن له الحصول على تأييد الاوساط السياسية المؤيدة لإسرئيل في الولايات المتحدة مثل ايباك، وكان من أكبر المتبرعين لحملته قطب عالم القمار شيلدون اديلسون المقرب من نتنياهو وصاحب صحيفة “اسرائيل اليوم” اليومية التي تعتبر الناطقة باسم نتنياهو.

وقد أوفى ترامب بتعهده بل واعاد فرض العقوبات الامريكية على إيران وتوسع في هذه العقوبات لتشمل كل المجالات تقريبا.

يصف بايدن الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما الذي عمل نائيا له مدة 8 سنوات كلما تطرق إليه الحديث بـ صديقي باراك، والاتفاق النووي الايراني يعتبر من أهم انجازات اوباما على الصعيد الدولي. وصرح بايدن في هذا الشأن أنه إذا التزمت ايران بتعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق فإن الولايات المتحدة ستعود للعمل بالاتفاق الى جانب الاوروبيين والأطراف الدولية الاخرى.

لكن هل ستعود طهران الى العمل بالاتفاقية دون مقابل، إذ ترى ايران انها لم تحصل على ما كانت تطمح اليه من منافع اقتصادية بعد رفع العقوبات الدولية عنها. كما ان الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي تجري اواسط العام المقبل قد تشهد عودة التيار المتشدد للسيطرة على منصب الرئاسة بعد أن احكم سيطرته على البرلمان في الانتخابات الماضية.

خلال السنوات القليلة الماضية باتت القوى الاقليمية التي كانت تدور في فلك الولايات المتحدة أكثر جرأة في اتخاذ خطوات أو شن عمليات عسكرية دون التشاور مع الولايات المتحدة وأحيانا في تحد لمشيئتها مثل العملية العسكرية التركية في شمال سوريا العام الماضي والدعم الاماراتي لخليفة حفتر في ليبيا في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة دون أن يكون لذلك أي عواقب.

ترافق ذلك مع تراجع الدور الأمريكي في المنطقة والذي بدأ خلال عهد اوباما وتسارع خلال عهد ترامب.

تعرضت المنشآت النفطية السعودية لهجوم بطائرات مسيرة وصواريخ العام الماضي كما تعرضت ناقلات نفط في الخليج لهجمات وعمليات تخريب اواسط العام الاضي ويعتقد على نطاق واسع ان إيران تقف خلفها هذه الهجمات.

تركت هذه التطورات ندوباً كبيرة في مصداقية الولايات المتحدة في الالتزام بأمن حلفائها وخلفت شكوكاً قوية في قدرة واشنطن على لعب دور قيادي في حل أزمات المنطقة مثل الازمة بين قطر والامارات والسعودية حيث فشلت إدارة ترامب في حلها.

لن تعود إيران الى طاولة المفاوضات دون الحصول على ثمن مقابل ذلك، والموقف الأمريكي بات أضعف مما كان عليه عام 2015 إذ أن العلاقات بين واشنطن وروسيا والصين متردية للغاية ومن المؤكد انهما لن تقفا الى جانب واشنطن في مسعاها لالزام إيران ببنود الاتفاق التي اخلت بها هي قبل طهران.

الوجود الامريكي في المنطقة

يتفق ترامب وبايدن على ان الوجود العسكري الأمريكي في المنطقةيجب تقليصه الى أدنى درجة ممكنة وفي حال الحاجة يجب أن يظل هناك ما بين ألف وخمسائة إلى ألفي عسكري من القوات الخاصة للعمل مع الشركاء المحليين لمواجهة الجماعات الإرهابية مثل الدولة الاسلامية في كل من سوريا والعراق.

وقال بايدن في مقابلة مع مجلة الجيش الأمريكي ستارز اند سترايبز ( نجوم وخطوط) إن عصر الحروب اللانهائية يجب ان ننتهي منه وقال ” يجب أن تنتهي هذه الحروب التي لا نهاية لها. أؤيد تخفيض القوات في الخارج لكن لا يجب ان نغفل عن مسألة الارهاب والدولة الاسلامية”.

يذكر أن الولايات المتحدة خفضت عدد قواتها في العراق إلى 3 آلاف جندي بنهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي بينما سيتم تخفيض عددها في افغانستان من 8600 جندي إلى 4500 بحلول نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

ووصف بايدن الأوضاع في البلدان تنتشر فيها القوات الأمريكية، سوريا والعراق وافغانستان بأنها معقدة ولا يمكنه التعهد بسحب القوات الأمريكية منها بشكل كامل في المستقبل القريب.

يرى بايدن أن مهمة القوات الأمريكية يجب أن تقتصر على مساعدة الشركاء المحليين في مواجهة التنظيمات والجماعات التي يمكن أن تهدد مصالح الولايات المتحدة وشركائها ولا يجب ان تلعب أي دور سياسي في هذه الدول. ففي سوريا على سبيل المثال يجب أن تقتصر مهمة هذه القوات على التصدي لبقايا تنظيم الدولة الاسلامية وتخفيف حدة العنف والوصول الى تسوية سياسية للأزمة السورية.

يذكر ان بايدن واوباما رفضا إرسال قوات أمريكية الى سوريا وكان من المعارضين لتقديم الدعم المالي والعسكري للمعارضة السورية.

ففي ذروة الحرب في سوريا عام 2014 قال بايدن حينما كان نائبا لاوباما: “لا توجد معارضة معتدلة في الحرب الاهلية السورية وشركاء أمريكا في المنطقة فاقموا الاوضاع في سوريا عبر ارسال الأموال والأسلحة إلى الجماعات المتطرفة على الارض. إنهم عازمون على الاطاحة بالاسد مهما كان الثمن وخوض حرب سنية-شيعية بالوكالة هناك”.