وطنا اليوم – تشهد الساحة الأردنية حراكاً شعبياً وحزبياً يتزامن مع استمرار الحرب على قطاع غزة، حيث يقف الحراك داعماً للموقف الرسمي الداعي لوقف الحرب التي تسببت بقتل وجرح آلاف المدنيين وتدمير مرافق الحياة.
كما يتزامن الحراك مع تظاهرات عالمية، بما فيها احتجاجات الشعوب المنددة بمشاركة دولها، جيش الاحتلال الاسرائيلي في حرب وصفت بالهمجية، وكشفت العقلية الصهيونية الوحشية، والسقوط الأخلاقي دون النظر إلى قواعد الحروب، والامتثال للقوانين الإنسانية الدولية.
وبين حزبيون دور المكون الشبابي في التظاهرات وما يتطلب من الأحزاب من سياسات وآليات عمل لاستعادة ثقة المكون الوطني بالحياة الحزبية وقياداتها لتكون الأحزاب فاعلة في جميع قضايا الوطن والأمة، التي باتت تقف عند منعطف، أكثر من أي وقت مضى.
الحزبيون، وزير الشباب سابقاً، عضو حزب تقدم، بشير الرواشدة، ومساعد أمين عام وزارة الشباب لشؤون المحافظات، مدير عام مدينة الأمير هاشم بن عبدالله للشباب، عضو حزب إرادة، الدكتور إبراهيم الشخانبة، وعضو المجلس الاستشاري في حزب العدالة الاجتماعية (محامية متدربة)، ملاك الأعمر، أكدوا في لقاءات ل “الراي” أجراها الزميل الصحفي الاستاذ عبد الحافظ الهروط أن الأردن يؤدي دوراً سياسياً فاعلاً من هذه الحرب يستند فيه إلى قوى شعبية،قوامها الشباب، والنخب والشخوص الحزبية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني.
الرواشدة: 《رهان خاسر》
بدأت الأحزاب بحراك إيجابي منذ إقرار المؤسسات الدستورية التعديلات الواجبة وتصويب بعض النصوص في القوانين الناظمة لتتلاءم مع مخرجات اللجنة الملكية للإصلاح السياسي حيث هناك ما يقارب 30 حزباً تمثل التيارات السياسية كافة.
وقد قدمت منها عدة برامج وجرى حولها حراكات ولقاءات و مناقشات لغايات تجويدها وتطويرها والالتفاف حولها.
لكننا اليوم نتساءل هل تستطيع هذه الأحزاب استعادة الثقة في العمل الحزبي وتحفيز الناس للمشاركة فيها والبناء على الإيجابيات والتخلص من السلبيات؟
ندرك تماماً أن استعادة الثقة والمصداقية العالية والبرامج التي تلامس الواقع وتبتعد عن الشعارات البراقة.
وحتى أكون منصفاً فقد قدمت الدولة بجميع مؤسساتها كل ما هو مطلوب منها وتبقى المرة في مرمى الراغبين في المشاركة والمستعدين لها.
واللافت في الموضوع الآن هو تحفيز طلبة الجامعات على المشاركة من خلال منحهم المساحات للتعبير والمشاركة داخل الحرم الجامعي لمزيد من كسب الثقة والتدرج في بناء الشخصية القادرة على المشاركة في الحياة العامة وكذلك تصميم المواد المدرسية المحفزة لبناء جيل جديد قادر على مواكبة التطورات.
لذلك على الأحزاب اليوم، أن تسعى بكل جهد للتركيز على فئات الشباب والتي تمثل الغالبية العظمى من مجتمعنا وعلى الأحزاب أن تدرك أنه مطلوب منها خطاب مختلف يتناسب مع طموحاتهم وتطلعاتهم.
صحيح ان القانون قد الزم الأحزاب لا يقل عن 20% من الشباب لكن أن تسعى الى زيادة هذه النسب نفسها مع ضرورة تقديم الضمانات اللازمة لهم لأن مشاركتهم ليست ديكورية تجميلية.
بل جعلهم في مقدمة الصفوف وتقديم كل ما يلزم لهم لإخراج أفضل ما لديهم من أفكار وبطاقات تعزز من وجودهم وتزيد من ثقتهم بأنفسهم وأنهم المستقبل.
إن الخيارات الموجودة للشباب اليوم واسعة وشاملة وعلى الشباب أنفسهم أن يبذلوا جهداً لأخذ المكان اللائق بهم بالتعاون مع اصحاب الخبرات والتجارب فالعلاقة يجب أن تتصف به التكاملية بين طرفين.
المعادلة أن هذه اللحظة التاريخية المتاحة لابد من التمسك بها والبناء عليها فالطريق أمامنا تحتاج إلى إدراك عميق وفهم واسع لما نطمح أن تكون عليه لذا انصح الشباب بالانخراط بكل قوة وإمكانية للمشاركة والتفاعل والتأثير والتغيير لضمان المستقبل الأفضل لهم ولمن سيأتي بعدهم.
وعلى صعيد دعم الموقف الرسمي بالمطالبة بوقف الحرب على غزة، فمنذ 7 اكتوبر الماضي والهجوم البربري غير المسبوق على القطاع لم يتوان الأردن قيادة وحكومة وشعباً عن تقديم الدعم والمساندة لأهلنا في غزة والضفة الغربية الغربية والأردن الذي كان على الدوام يحذر من أن بقاء الشعب الفلسطيني دون نيل حقوقه الوطنية والمشروعة واقامة دولته المستقلة على ترابها الوطني لن تنعم المنطقة بالسلام وأن هذا الصراع غير المتكافيء مع المحتل الغاصب سوف يجلب المزيد من القتل والتشريد والدمار الى المنطقة برمتها.
اللافت إلى جانب الموقف الرسمي الأردني الذي قاده جلالة الملك وعبرت عنه الدبلوماسية الأردنية بكل إقتدار وقد أصبح واضحاً للعيان، أن هذه الحرب المتكررة منذ سنين أكدت الدور غير المسبوق الذي عبر عنه الشعب الأردني بكافة فئاته وخاصة فئات الشباب، ومنهم الشباب المنتسبون للأحزاب، وهي الفئات التي يراهن عليهم العدو الصهيوني انها ستكون اقل حدة وأنها ستتقبل الواقع كما هو، لكنها أثبتت للقاصي والداني علو كعبها في فهمها للقضايا الوطنية والإقليمية والدولية وسخرت كل وسائل التواصل الحديث للتعبير عن رأيها وبكل وضوح وهذا ما زاج الموقف الرسمي الأردني صلابة بعد هذا التناغم.
لذلك أتمنى على الشباب مزيداً من الاصرار والتماسك لنصرة اهلنا في غزة كيف لا والاردن يعتبر القضية الفلسطينية القضية المركزية ولن يتنازل عن الدفاع عنها لحين عودة الحق لأصحابه في دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.
《الشخانبة》:توحيد الجبهة الداخلية
إن استعادة الثقة بالعمل الحزبي من خلال الاحزاب يحتاج الى تضافر الجهود كافة بعدما تصلنا على ضمانة ملكية وقانونية من خلال لتشريعات التي تم اقرارها في الآونة الاخيرة ومنها قانون الاحزاب الجديد الذي احتوى على صوص تشريعية غير مسبوقة تضمن حق المواطن الاردني بالانضمام الى الاحزاب السياسية وحماية حقه، والأهم من ذلك فتح باب الممارسة للعمل الحزبي من داخل الجامعات واشراك الشباب بالعملية الانتخابية والحماية القانونية.
ان مشاركة الشباب الفاعلة في الحياة السياسية واقبالهم على الانضمام للأحزاب المرخصة يعني وصولنا الى احزاب سياسية لديها برامج حقيقية وقابلة للتطبيق وستكون المنافسة بين الاحزاب بين البرامج وليس بين الشخوص والتي سينتج عنها الحصول على ثقة الاغلبية من خلال برامج وخاصة الاقتصادي والذي سينفذ بالحكومة التي ستشكل على أساس الأغلبية البرلمانية الحزبية.
اليوم وبعد دخول الاحزاب مرحلة العمل الحزبي وعبورها مرحلة التنظيم والترخيص اصبح الطريق مليئاً بالأمل ويضع على عاتقها استعادة المواطن الثقة بها واظهار برامج قابلة للتطبيق والوصول الى البرلمان وحكومات برلمانية حزبية.
ان اعادة الثقة للشاب الاردني اصبحت أولوية خاصة وان اكثر من 60% من الناخبين هم من فئة الشباب، وبعد تضمين النصوص اللازمة بقانون الاحزاب الجديد وخاصة بالمادة الرابعة منه يعد ضمانة حقيقية للشباب متجاوزين مخاوف الماضي.
ومن هنا نعمل يومياً بعد يوم على رفع الوعي لكافة المخرجات بين فئات الشباب باللقاءات التي تعقد بكافة المحافظات والجامعات واللقاءات، وهي مستمرة لعلمنا بأن تعزيز دور الشباب في الحياة العامة وتمكينهم من ممارسة دورهم الفاعل في الحياة السياسية اصبح ضرورة ولا رجعة عنه.
في حزب ارادة وصل نسبة الشباب لأكثر من ٤٣% ويعمل الحزب على تعزيز وتصدر القيادات الشبابية ومساعدتها للوصول الى مراكز صنع القرار.
إن اشراك الشباب كشركاء اساسيين وفاعلين في بناء مستقبل الأردن سيولد استعادة الثقة بالعمل الحزبي في ضوء التحديث السياسي الذي سينعكس ايجاباً على فرص الشباب في احداث التغيير الايجابي المطلوب.
واخيراً أُبين ضرورة اطلاق الاحزاب الأردنية المشاريع لتشجيع الشباب والحوار معهم وتفعيل دور الاعلام والتعليم الجامعي للمشاركة بالحياة الحزبية وتعزيز التوعية القانونية حول حقوقهم وواجباتهم خاصة في قضية سيادة القانون وإنفاذه.
وبلا شك بأن الأحزاب الأردنية عليها واجب وطني ودور مهم في اسناد الموقف الأردني الرسمي من خلال الوقفات الشعبية المنظمة والتي تنسجم مع مصلحة الدولة ورفض الحرب المستعرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وخاصة في غزة والتي تشنها دولة المحتل اسرائيل على ارض فلسطين وضرورة فضحها وتعريتها واطلاع العالم على حقيقة افعالها المنافية للقانون الدولي والابادة والتطهير العرقي لأصحاب الارض الحقيقيين.
إن مطالبات الاحزاب السياسية بوقف الحرب يأتي للتعبير عن تطلعات الاردنيين بموقف موحد ورفض تهجير اصحاب الارض من وطنهم.
ومن هنا يأتي دور الاحزاب بضرورة توحيد الجبهة الداخلية والرفض القاطع لمخطط التهجير الصهيوني لاهلنا في القطاع.
ومن هنا نعتز نحن بثبات الموقف الرسمي والشعبي والمشرف للأردن منذ اليوم الاول للعدوان الغاشم وان التناغم الرسمي والشعبي الكبير هو رسالة واضحة لاسرائيل والذي اصبح بشكل هاجساً حقيقياً لجولة الاحتلال.
كما أن دور الأردن المحوري ورفضه للتهجير تحت أي ظرف سيجعل اسرائيل توقف مخططاتها المشبوهة علماً بأن الأحزاب السياسية قبل الحرب الاخيرة كان لها موقف موحد من الاقتحامات التي كانت تمارسها دولة الاحتلال بالقدس ورفض المساس بقدسيتها وخصوصيتها وحق اصحاب الارض وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس.
《الأعمر》أداةضغط على الرأي العام
تعد الاحزاب السياسية في الاردن أحد أهم العوامل التي تشكل المشهد السياسي وخاصة بعد اصدار قانون الأحزاب والتعديلات الدستورية التي ولدت من رحم اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي شكلت للخروج بتوصيات من شأنها التشجيع على العمل الحزبي المنظم وتشجيع الشباب والمرأة على المشاركة في الحياة الحزبية واتخاذ القرارات.
التجارب السابقة التي عاصرها الشباب الأردني أو عوائلهم على مر العقود ونتيجة الظروف السياسية التي طرأت على المشهد السياسي الأردني وأدت الى توقف الحياة الحزبية في الأردن، جعلت مصطلح أحزاب) يشكل خشية لحامليه ومؤيديه وهو ما اضعف المشهد الحزبي في الاردن وجعل عملية استعادة الثقة في الأحزاب السياسية صعبة، خاصة وأن معظم الشباب لا يؤمنون بأن للأحزاب دوراً حقيقياً في عملية صنع القرار ولا يؤمنون بأن لهم دوراً مؤثراً في هذه الأحزاب، مع أن الشباب يمتلكون جميع الإمكانيات التي من شأنها احداث تغيير إيجابي الا أنهم لا يملكون الفرصة لإظهار طاقاتهم وقدراتهم، وهو ما يدعو للعمل بالتوازي وعلى خط واحد مع الأحزاب السياسية.
ولأجل استعادة ثقة الشباب في العمل الحزبي،
يتعين على الأحزاب اعطائهم المساحة الكافية للمشاركة في صنع القرارات وتشكيل السياسات وحثهم على التفاعل لخوض غمار المنافسة في الانتخابات وتشكيل لجان شبابية تتابع قضاياهم وتستشيرهم في القرارات المتعلقة بالحزب، وتوفير فرص التدريب لتطوير قدراتهم.
مثل هذه الفرص وغيرها، يمكن تعزيز الديمقراطية والشفافية في مجتمع فتي يشكل ما نسبته 63% من سكانه شباب، كما ينعكس على وجود تنوع في الأفكار والخبرات ويعكس الصورة الحقيقية لاحتياجات المجتمع الاردني بمختلف شرائحه وطبقاته.
وإذ تشهد المنطقة العربية حالياً تحديات كبيرة، ومن أهمها القضية الفلسطينية وتدهور الأوضاع في غزة، فإن موقف الاردن المشرف والثابت بشأن هذه القضية يعطينا الأمل ويحملنا مسؤولية كبيرة نحن كشباب في اظهار الولاء والاعتزاز في هذا الموقف واظهار للعالم اجمع أن الاردن قيادةً وشعباً موقفه واحد لا انعطاف فيه، وهنا يأتي دور الأحزاب السياسية في دعم الموقف الأردني لوقف الحرب على غزة والوقف الآني لإطلاق النار، حيث أن وجود عمل حزبي منظم قادر على تنظيم فعاليات ووقفات احتجاجية سلمية يلعب دوراً حيوياً في تشجيع المجتمع الدولي على التحرك واعلاء صوت الشباب ليصل للعالم كله وليستخدم كأداة ضغط على الرأي العام وعلى صناع القرار السياسي العالمي تجاه القضية الفلسطينية وبضرورة انهاء النزاع وتحقيق الاستقرار واعادة الحق لأصحابه وضرورة تطبيق القانون الدولي الذي ينص على محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب ليسود العدل وليتحقق السلام.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأحزاب أن تظهر التضامن والدعم الكامل للشعب الفلسطيني من خلال التشجيع على حملات المقاطعة للمنتجات الداعمة لاطلاق النار وهدر الدماء وحملات لتوفير المساعدات الإنسانية والطبية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الإعلاء صوت الحق وإظهار الحقائق.
باختصار، يمكن للأحزاب أن تغير المشهد كاملا وأن تعزز الثقة بينها وبين الشباب عن طريق تفعيل دعمهم للمواقف الإنسانية من أجل أن تكون مصلحة الوطن والمواطن الأولوية القصوى والأولى لجميع المسؤولين وصناع السياسيات في بلدنا الحبيب.