وطنا اليوم:بعد أن ندّدت الولايات المتحدة بتصريحات أدلى بها وزيران في الحكومة الإسرائيلية، ودَعَوَا فيها إلى عودة المستوطنين اليهود إلى غزة بعد انتهاء الحرب الحالية و«تشجيع» الفلسطينيين على الهجرة من القطاع باتجاه الكونغو ودول أخرى، خرج النائب عن حزب «الليكود» الحاكم، موشيه سعدة، بتصريح أخطر، قال فيه إنه وغالبية الإسرائيليين يدعون لإبادة أهل غزة.
وقال سعدة، خلال لقاء مع القناة 14 اليمينية التي تروج عادة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: «مثلما أصبح واضحاً اليوم للجميع أن اليمين كان صادقاً وصحيحاً في طرحه موقفاً ضد إقامة دولة فلسطينية، أصبح واضحاً أيضاً أمر بسيط، وهو إبادتهم. أينما تذهب اليوم يقولوا لك: «أبيدوهم»، مشدداً على أن «رفاقي الذين خدمت معهم في النيابة العامة للدولة، حتى في الكيبوتسات (اليسارية)، الجميع يقولون لي: يا موشيه. الجميع يريدون إبادتهم».
غير أنه بعد نشر انتقادات لتصريحات النائب الليكودي، وحذره رجال قانون من أنه «يدعو عملياً إلى إبادة شعب وهذا يدخل في باب جرائم حرب»، تراجع سعدة وحاول تصحيح أقواله بالادعاء أنه قصد «إبادة (حماس) فقط». لكن أقواله تنتشر بشكل واسع في الشبكات الاجتماعية وما زالت تترك أثراً سلبياً.
دعم يميني
ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، الأربعاء، عن مصدر كبير في مجلس الوزراء المصغر، القول إن إسرائيل تجري مباحثات مع الكونغو ودول أخرى «لقبول مهاجرين» من قطاع غزة، بينما جدّد وزير إسرائيلي مطالبته بإعادة توطين سكان غزة خارج القطاع.
وقال المصدر: «الكونغو ستكون مستعدة لاستقبال مهاجرين، ونحن نجري محادثات مع آخرين». ولم يذكر البلدان الأخرى التي تجري معها إسرائيل مباحثات في هذا الشأن.
كما نسبت الصحيفة لوزيرة الاستخبارات الإسرائيلية، غيلا غملئيل، القول أمام الكنيست الثلاثاء: «في نهاية الحرب سينهار حكم (حماس)، ولن تكون هناك سلطات بلدية، وسيعتمد السكان المدنيون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية. لن يكون هناك عمل، وستتحول 60 في المائة من الأراضي الزراعية في غزة إلى مناطق عازلة أمنية».
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر قد هاجم، الثلاثاء، تصريحات عنصرية أخرى أدلى بها كل من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير، دعا فيها إلى ترحيل أهالي غزة عن أراضيهم «عقاباً على هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)»، مشدداً على أن «الولايات المتحدة ترفض التصريحات الأخيرة للوزيرين الإسرائيليين سموتريتش وبن غفير، التي تدعو إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة». وأضاف أن هذه التصريحات «غير مسؤولة».
ولكن ميلر أضاف أن «الحكومة الإسرائيلية، بمَن فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أبلغتنا مراراً أن هذه التصريحات لا تعكس موقف الحكومة الإسرائيلية». وشدد على أن الولايات المتحدة ترى «غزة أرضاً فلسطينية وستبقى أرضاً فلسطينية».
ورد كل من بن غفير وسموتريتش على المسؤول الأميركي بالرفض التام. وقال بن غفير: «أقدّر جداً الولايات المتحدة الأميركية. ولكن مع كل الاحترام، نحن لسنا نجمة أخرى في العلم الأميركي. ونعمل أولاً ما هو لصالح إسرائيل»، مجدداً الترويج لحل يشجع على هجرة سكان غزة، لأنه «الحل الوحيد لزرع الأمان لدى سكان إسرائيل في غلاف غزة وإعادتهم إلى البلدات التي اضطروا لإخلائها منذ بداية الحرب».
من جهته، قال سموتريتش إن أكثر من 70 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون اليوم ما وصفه بـ«الحل الإنساني الهادف إلى هجرة فلسطينية طوعية من قطاع غزة إلى دول تستوعبهم»، زاعماً أن العالم بات يفهم أن إسرائيل لا تستطيع الاستمرار في أن يكون هناك أعداء يريدون تدميرها «على مسافة 4 دقائق من بلداتنا»، مشدداً على أن هذا الواقع لا يمكن أن يستمر، «وينبغي لأصدقائنا أن يشاركونا العمل على تغييره».
ولم يخفِ سموتريتش رغبته في إعادة الاستيطان اليهودي إلى غزة بقوله: «خروج الفلسطينيين من غزة من شأنه أن يفتح أيضاً الطريق أمام إعادة إنشاء مستوطنات يهودية هناك».
يذكر أن اليمين الإسرائيلي الاستيطاني يدير حملة واسعة لإقناع الجمهور بضرورة تأييد التهجير. وقد خرجت صحيفة «مكور ريشون» اليمينية، بدعوة الكاتب والمؤرخ الإسرائيلي، يوآف سوريك، إلى «وضع قضية تهجير أهل غزة في رأس سلم الاهتمام».
سوريك، الذي يعد من مرجعيات أحزاب اليمين، عضو في مجموعات عدة تحاول دفع هجرة واسعة من غزة، بوصفها مخرَجاً وحيداً سيحول اليوم التالي (بعد الحرب) إلى يوم سلام.
وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد وعد بتشكيل فريق عمل لدراسة فكرة تشجيع الهجرة الطوعية لأهل غزة. وفي شهر أكتوبر الماضي، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن وثيقة أُعدت في وزارة الاستخبارات، بعد انطلاق الحرب بأسبوع، أوصت فيها «بتنفيذ ترانسفير كامل لسكان غزة».
وحسب الوثيقة، فإن على إسرائيل أن «تجلي السكان الغزيين إلى سيناء» أثناء الحرب، وإقامة مدن خيام ومدن جديدة في شمالي سيناء، لسكان غزة المطرودين، ثم «إنشاء منطقة عازلة بطول كيلومترات عدة داخل مصر، وعدم السماح بعودة السكان للقيام بنشاط أو السكن قريباً من حدود إسرائيل».