بقلم: أسعد العزّوني ( الأردن ) – الخميس 14/1/2021 م …
هي رحلة مقدسة من صحراء الجنوب الأردني بالحسا إلى ماليزيا عبر بريطانيا،ولكن من قام بها ليس قديسا أو رسولا نبيا تحرسه الملائكة وتحميه وتظلله ،كي يصل إلى هدفه وغايته،بل هي عند الله أكبر من ذلك ،فهي طالبة علم وصانعة مجد،بدون دعم الحكومات المتعاقبة ،بل بجهود ذاتية وبدعم من الأهل والزوج لاحقا،وقد أنجزت سجلّا حافلا ،كان أجدر بنشئنا أن يتعلمه لو كنا نعرف قيمة الإنصاف والتقدير.
نشأت دهمة الحجايا في صحراء جنوب الأردن بمنطقة الحسا ،حيث الفقر والجهل وقسوة الظروف،بسبب عدم إنصاف الأطراف من قبل حكومات النخبة التي لا ترى في الأردن سوى “مقيلها” عمّان الغربية،ولا تهتم إلا بأبنائها وبناتها كي يترعرعوا في بلاد الفرنجة على حساب الدولة ،ويعودون قادة لإكمال مسيرة آبائهم الهدامة،ويحلبوا هذا الوطن متى وكيف يشاؤون.
لم تلتحق دهمة الحجايا بركب التعليم لظروف كثيرة، منها قسوة الظروف في الصحراء وشظف العيش، ولكنها أيقظت المارد بداخلها ،وانتفضت نشمية عربية أردنية ورفعت رؤوس أهلها وزوجها،فبعد أن إلتحقت بمدارس محو الأمية كمستمعة،طارت في رحلتها المقدسة إلى جامعات ماليزيا لتحصل على شهادة الدكتوراة،عبر الجامعات البريطانية لتنجز إضافة نوعية في سجلها الأكاديمي الإبداعي،وتعود إلى الوطن متوجة بشهادة الدكتوراة ،وتحمل تخصصات مختلفة يحتاجها الوطن من تنمية وإدارة عامة وعلم الجريمة،ما يؤهلها –لوكانت في بلاد الفرنجة- أن تحتل منصب وزير سيادي معتبر،ولكنهم في بلادنا يقولون عن الورد الجوري منقصة يا أحمر الخدين،ويعتقدون جازمين أن بلبل الحي لا يطرب؟؟؟!!!
هذه الرحلة المقدسة التي نتحدث عنها وأنجزتها دهمة الحجايا،لم تكن مفروشة بالورود،ولا هي كانت مضمونة العواقب كما يحدث مع أبناء الذوات،كما أن دهمة مع حفظ اللقب المقدس،لم تحظ بملاءة مالية تعينها على الصرف على قبيلة بذاتها في ماليزيا وبريطانيا وحتى هنا في وطنها مع أنها مفخرة،كما يفعلون مع أبناء الذوات،بل سجلت دهمة الحجايا ظاهرة عجيبة من حيث قدرتها على التحمل والمعاناة ،من أجل تحقيق هدفها السامي لتكون عبرة لبنات وحتى أبناء وطنها وأمتيها العربية والإسلامية بشكل عام،ومع ذلك لم تحظ دهمة الحجايا بما يحظى به عادة أبناء الذوات ،حيث الوظائف العليا المحجوزة لهم ،والرواتب الفلكية مع أنهم عادوا إلى الوطن بمثل ما غادروه ،ولكن جواز سفرهم الوظيفي أنهم أبناء ذوات،بعكس دهمة الحجايا فهي إبنة أكابر.
لا أعرف د. دهمة الحجايا ولكنني ذات عملية إجتهاد صحفي قرأت عن مسيرتها ،فأردت أن أتشرف بالإسهام في نشر رسالتها وكشف وسبر أغوار رحلتها المقدسة ،من صحراء الإحساء إلى جامعات ماليزيا وبريطانيا ،ورجوعها بتخصصات من صميم إحتياجات الوطن،فما كان مني إلى التواصل معها عبر وسائل التواصل الإجتماعي وأنجزت المقابلة ونشرتها،وفوجئت بأنها تشكرني عبر تويتر الأمر الذي أوقعني في خجل،لأنني أنا الذي يتوجب عليّ توجيه الشكر لها،فهي التي أضافت إليّ وليس العكس.
أتابعها في وسائل التواصل وأقرأ ما تكتب وأكتشف ما بين السطور،فهي تشعر تماما أن وطنها لم ينصفها،مع أنها أنصفت وطنها وقدمت له ما يستحق من جهد ،وحصلت على تخصصات تصب في عمق عملية بناء الوطن والحفاظ عليه كالتنمية والإدارة العامة وعلم الجريمة كما أسلفنا،كما أنها حرقت المراحل لتحقيق قمة النجاح لأنها ترفض “حفّة “النجاح ،الذي يتخصص به أبناء الذوات في حال نجحوا أصلا،وأتقنت اللغة الإنجليزية في بريطانيا بمستوى خبير لغة كي تتأهل للدراسة في بريطانيا،مع أنها عانت كثيرا في إمتحان التنافس في جامعة مؤتة كونها ليست إبنة ذوات ،ولا يقدرون إبنة الكابر،فما كان منها إلا أن عقلت ناقتها وتوكلت على الله وحققت المراد.
صحيح أن والداها يستحقان التقدير وهي تستحق أعظم جائزة ،لكن زوجها الذي دعمها وكسر المتعارف عليه بأن الرجل الشرقي يكره نجاح زوجته،وقف معها بالباع والذراع – كما يقولون – ، ووفر لها الإحتياجات المادية والدعم والتشجيع المعنوي،لذلك أقول أنه يستحق ما هو أكبر من الجوائز وما هو أفخم من التقدير،إنه الشريك الذي يعتمد عليه في الرحلة المقدسة التي أنجزتها د.دهمة