وطنا اليوم:يقوم فريق صغير بوزارة الخارجية الإسرائيلية بمهمة سرية تتعلق باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لإقناع العرب بتقبّل اليهودية، إذ يركز الفريق أنظاره على العالم العربي وهو يعمل في مساحة صغيرة وحوله عدة خرائط للشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإسرائيلية.
ويقود الفريق حملة باللغة العربية عبر منصات مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام، في إطار مسعى دبلوماسي متعدد المحاور للفوز بالقبول الشعبي في الشرق الأوسط.
وتأكدت ضخامة مهمة الفريق في الآونة الأخيرة بالانتقادات التي انتشرت على الإنترنت، بعد ظهور صور الممثل ومغني الراب المصري محمد رمضان مع شخصيات إسرائيلية في دبي على وسائل التواصل الاجتماعي، في نوفمبر/تشرين الثاني، مع مقطع فيديو يظهر فيه الضيوف وهم يحتفلون، بينما تتردد في الخلفية أغنية يهودية.
إذ أعاد فريق التواصل الاجتماعي الإسرائيلي نشر الصور من حساباته الرئيسية على فيسبوك وتويتر، ومنها صور لرمضان وهو يلف ذراعه حول مغني البوب الإسرائيلي أومير آدم، مع تعليق يركز على مقولة إن الفن يجمع الشعوب.
ويسعى مسؤولون إسرائيليون إلى كسب دعم الدول العربية في منطقة ينتشر فيها التأييد على نطاق واسع للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي أو لاجئين في أنحاء الشرق الأوسط.
يوناتان جونين الذي يرأس وحدة التواصل الاجتماعي باللغة العربية قال في مقابلة إن الفريق نشر صور رمضان مع الشخصيات الإسرائيلية لإظهار التطبيع بين الإسرائيليين والعرب.
وسلّم بأن الضجة التي أثارتها الصور مخيبة للآمال، لكنه قال إنه كانت هناك ردود إيجابية أيضاً، وإن “الأمر يستغرق وقتاً، والناس يغيرون آراءهم على مدى أجيال”.
اللغة العربية لاستهداف العرب
فيما قال أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن أعداداً متزايدة من العرب ترى في إسرائيل حليفاً، وإن كثيرين يبدون تأييدهم على الملأ على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتابع جندلمان “مع اتساع نطاق السلام الإقليمي تتزايد أهمية مخاطبة جيراننا بلغتهم”، مضيفاً أن إسرائيل تعتزم التوسع في مساعي التواصل باللغة العربية.
فيما لم يردّ رمضان على طلبات للتعليق، وقال في وقت سابق على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الضجة، إنه لا يسأل الناس الذين يلتقطون صوراً معه من أين جاءوا. كما قال إنه يوجه “تحية للشعب الفلسطيني الشقيق”.
الدكتورة آلاء الشهابي، الباحثة الأكاديمية التي تحمل الجنسيتين البحرينية والبريطانية، قالت إن الشعور العام في الدول العربية مازال يميل نحو تأييد الفلسطينيين، وعلقت على حملة التواصل الاجتماعي الإسرائيلية قائلة “لا تعد ناجحة إذا لم تغير الرأي العام”.
دبلوماسية رقمية
إسرائيل تحاول اكتساب تأييد عربي أوسع نطاقاً للاتفاقات الجديدة التي أبرمتها مما حققته بالتطبيع مع مصر والأردن في عامي 1979 و1994 على الترتيب، وتؤيد قيادات البلدين المعاهدتين، غير أن عدداً كبيراً من المصريين والأردنيين لا يشعر بحماس يذكر تجاههما.
وورد في تقرير أصدرته وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، في أكتوبر/تشرين الأول، أن أكثر من 90% من التعليقات العربية على وسائل التواصل الاجتماعي عن اتفاقات التطبيع، خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول كانت سلبية، وذلك وفقاً لملخص واف عن التقرير أطلعت الوزارة رويترز عليه.
فيما قال مسؤول بالوزارة إن مستوى التعليقات السلبية انخفض بحلول يناير/كانون الثاني إلى 75%.
“محتوى ناعم” لكسب تأييد العرب
ويضم الفريق الإسرائيلي الذي يعمل في وزارة الخارجية باللغة العربية عشرة أفراد من اليهود والعرب.
وتتضمن الحملة رسائل تستخدم فيها كلمة “سلام” العربية و”شالوم” المقابل العبري لها، وتنطوي على ما يصفه جونين بأنه “محتوى ناعم” مثل الموسيقى والطعام والرياضة، كما يبث الفريق منشورات عن خصوم إسرائيل مثل إيران وحركة حماس وجماعة حزب الله.
تأسَّست الوحدة العاملة باللغة العربية في 2011، وقد زاد نشاطها على نحو ملحوظ منذ أواخر الصيف عندما خرجت أخبار الاتفاق الأول إلى العلن. إذ قال جونين إن الفريق ينشر في الوقت الحالي ما يصل إلى 700 منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في الشهر، أي ما يزيد ما بين 15 و20% عما كان ينشره قبل الاتفاقات.
وخلال زيارة إلى دبي مؤخراً نشرت لورينا خطيب، عضو الفريق، صورةً على تويتر لها وهي تقف في مكان مفتوح وعلى ظهرها العلم الإسرائيلي.
وقالت في 21 نوفمبر/تشرين الثاني في تغريدة باللغتين العربية والإنجليزية، إنها لم تكن تتخيل أن ترفع العلم الإسرائيلي في دولة عربية. وبعد أيام نشر حساب إسرائيلي رسمي باسم إسرائيل في الخليج وتديره لورينا صورة مماثلة لها بالعلم، وقالت لورينا لوكالة رويترز إن معظم الردود على ما نشرته إيجابية، لكن بعض الردود كانت سلبية.
قياس النجاح
جونين يقول إن الهدف هو خلق “تواصل وتفاعل وحوار” مع الجماهير العربية. وقال إن فريقه يصل إلى 100 مليون شخص شهرياً من خلال حسابات التواصل الاجتماعي، وهو ما يعادل مثلي العدد المسجل قبل عام.
والحساب الرئيسي للفريق على تويتر والذي نشر صور الفنان المصري رمضان له أكثر من 425 ألف متابع.
ومع ذلك فلا تزال إسرائيل تواجه معارضة واسعة النطاق لجهود المصالحة التي تبذلها في المنطقة التي يعيش فيها أكثر من 400 مليون نسمة يتحدثون باللغة العربية.
وقال مايكل روبنز من شبكة الباروميتر العربي المتخصصة في الأبحاث، والتي تدرس الاتجاهات في مختلف أنحاء العالم العربي، إن مسحاً أجرته الشبكة بعد التطبيع في المغرب والجزائر وتونس وليبيا والأردن ولبنان أشار إلى أن جهود إسرائيل وحلفائها في المنطقة “لم يكن لها تأثير يُذكر على آراء المواطنين العاديين”.
أضاف أن الشبكة تفتقر إلى بيانات من دول الخليج التي لا تسمح لها بتوجيه أسئلة يرد فيها اسم إسرائيل، لكن الاتجاهات في الدول التي أجرت فيها الشبكة مسوحاً لم يطرأ عليها تغيُّر يذكر عن السنوات السابقة.
وقال روبنز “عموماً هذه النتائج تشير إلى أن استراتيجية إسرائيل لكسب القلوب والعقول تُمنى بالفشل. فقلة قليلة من المواطنين العرب لها آراء إيجابية في إسرائيل، بغض النظر عن السن أو الجغرافيا”.