القضية الفلسطينية يجري تصفيتها بذبح أهلها في أرضهم بدلاً من تهجيرهم

8 نوفمبر 2023
القضية الفلسطينية يجري تصفيتها بذبح أهلها في أرضهم بدلاً من تهجيرهم

د. رضا البطوش
على الرغم من ان الصراع مع الكيان الصهيوني هو صراع حقوق، وصراع هوية وصراع وجودي، على الأقل هذا ما نفهمه ونؤمن به، حيث يسعى الكيان الصهيوني الى تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، وطمس الهوية الفلسطينية، إلا اننا نكتشف من تطورات المشهد امام أعيننا، بأن أمة الكفر واحدة، فاقدة لإنسانيتها متوحشة تستمري القتل وتستمتع في رؤية المشهد البائس لجرائمهم بغض النظر عن الآلام التي يعيشها الأشقاء الفلسطينيون جراء وحشيتهم، مشاهد تحزن لها القلوب التي تحوي في ثناياها الرحمة والإنسانية فقط، أما الطغاة فلا قلوب لهم.
وكون الصراع هو صراع وجودي وصراع بقاء، حيث هو ايماننا المطلق، فإن الأمة للأسف تعيش الفرقة على نطاق واسع، تمزقها الخلافات، ولا تتقن فن التحالفات الدولية واختيار الأصدقاء تحقيقاً لمصالحها الوطنية كأمة عظيمة، لا بل لا تتقن صياغة أهدافها الوطنية التي تحقق مصالحها، ولا كيفية توظيف مواردها لتحقيق أهدافها، ناهيك عن أن قيمها الوطنية في تراجع مرعب بفعل اعدائها، أمة أصبحت ضعيفة، ترتهن للأعداء، فشلت في هندسة علاقاتها في محيطها الدولي والإقليمي، ولا تدرك أهمية بناء القدرات لمواجهة التهديد المتغير والمتنامي تبعاً لمتغيرات البيئة الإستراتيجية، واليوم وحين نتلمس وسائل وآليات المواجهة المتاحة لأمتنا العربية نصل الى خلاصة مؤلمة مفادها بأنها مقيّدة ومرتهنة لا يمكن توظيفها لنصرة اشقائنا الفلسطينيين الذين يذبحون أمام أعيننا، حيث تمعن عصابة تل أبيب الفاشية وأعوانهم في قتلهم وسفك دمائهم.
اما بالنسبة لنا في الوطن الحبيب فإننا نثق بأن جلالة الملك حفظه الله سيأخذ الوطن الى بر الأمان في هذه الظروف الغاية في التعقيد وفي ظل التداعيات المتدحرجة للأزمة التي تعصف بالأمن العربي برمته، ولكن ما الذي يمكن أن نفعله لوقف موجة الذبح الجماعي لأشقائنا الفلسطينيين الذي تنتهجه عصابة تل أبيب وأعوانها سعياً لتصفية قضيتهم العادلة، والتي حوّلت حياتهم إلى معسكرات اعتقال تذبحهم فيها كيفما تشاء، وأنّا تشاء على مرأى ومسمع من العالم برمته. ما الذي يمكن أن نفعله حيث تتحدد البدائل لا بل تنعدم لأسباب كثيرة نعرفها ليس هذا المكان المناسب للحديث فيها، أو بالأحرى ان الحديثُ فيها الآن يضعف الوطن وهذا ما لا نقبله رغم الألم والظلم والاستهداف، أحسنوا اختيار النخب أو أحسنوا صناعتها على أقل تقدير، ابتعدوا عن نهج الأقل كفاءة وأكثر مطواعية حبّاً في الوطن الحبيب وقيادته الهاشمية الفذّة، فهذا نهج عفى عليه الزمن، فالوطن في أمس الحاجة لأبنائه البررة الأكثر كفاءة وأقل مطواعية للفساد بشتى أنواعه الظاهر منه وما بطن.
إن ما يجري من إبادة جماعية وإمعان في القتل بلا رحمة، جاء استعاضة عن التهجير القصري الذي يرفضه اشقائنا الفلسطينيون، فالقتلة الآن يستهدفون جيلاً بأكمله بأطفاله وشبابه ونسائه وشيوخه، فالتهجير بالنسبة للعصابة الفاشية في تل أبيب أصبح مستحيلاً ولا يُنجز المهمة لا بل أن الهدف الآن هو الإمعان في ذبح الفلسطينيين في موطنهم وليس أدل على ذلك من طلب وزير التراث الصهيوني لتوظيف السلاح النووي ضد اشقائنا الفلسطينيين في قطاع غزة، فأين انتم يا من تدعون بأنكم عرباً مما يجري في فلسطين، أن فلسطين الآن تدافع في الخط الأول عن هويتكم إن كنتم تؤمنون بأنكم عرباً، وستثبت لكم الأيام، يوماً ما، صدق ما نقول، عندما يتم تصفية القضية الفلسطينية لا قدّر الله، عندها لن ينفع الندم، فالكيان الصهيوني الغاصب يضع الأهداف ويسعى لتنفيذها بغض النظر عن تشكيلة العصابة في سدة الحكم لديهم، ولن تقف عند فلسطين “فأينما تطأ أقدامهم هي أرضهم” في مفهوم عقيدتهم.
أن التلميح باستخدام الأسلحة النووية في الصراع يمكن قراءته في اتجاهين على الأقل:
الأول: إن الكيان الصهيوني عاجز عن تحقيق أهداف الحرب في قطاع غزة ولا يمكنه الاستمرار فيها وانعكاسات ذلك على مستقبل الكيان الغاصب لفلسطين، والمستقبل المجهول الذي ينتظر الغزاة.
الثاني: التحول المفاجئ في الإستراتيجية العسكرية المتبناة للتعويض عن فشلها في تحقيق أهداف السياسة المتعلقة في تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسري التدريجي إلى استراتيجية أخرى معنية بالإبادة الجماعية وذبح الفلسطينيين في أرضهم بدلاً من تهجيرهم مستغلين بذلك الدعم الغربي الرسمي منقطع النظير والغطاء الدبلوماسي الذي تمنحه لهم الولايات المتحدة في تعطيلها لمؤسسات الشرعية الدولية لمنع وقف الحرب.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه اين المنظمات الدولية من هذا التصريح الرسمي من عضو في الحكومة الفاشية يعترف بامتلاك القدرات النووية؟ أين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومفتشيها؟ فالمعايير هنا مزدوجة والا كيف ذبح العراق بمجرد الشك والادعاء الكاذب بامتلاكه قدرات نووية من نفس القوى التي تستهدف اليوم اشقائنا الفلسطينيين في كامل فلسطين وعلى ترابه الوطني المغتصب بشتى الأشكال.
هذه الأمم المتوحشة، الفاقدة لإنسانيتها والتي اشبعتنا كذباً وأدمنت التباكي على حقوق الإنسان والطفل والمرأة والديموقراطية، أماط اللثام عن وجهها البشع عملية السابع من أكتوبر “طوفان الأقصى” طوفان الحرية ورفض الظلم والذل والاستعباد لتسقط هذه الدول بشكل يندى له الجبين في وحل عصابة تل أبيب النازية.
أمة الكفر واحدة عندما يتعلق الأمر بتجويع وحصار وذبح اشقائنا الفلسطينيين، وننظره بأعيننا، أمة الكفر واحدة عندما تسود شريعة الغاب ويُعَطَّل القانون الدولي الذي يمنحُ شرعية الدفاع عن النفس لمن يقع عليه الاحتلال ويُحرّمها على المُحتل، وبدلا من توظيف القانون الدولي لنصرة المظلوم الذي يقع عليه الاحتلال، يهرعون بكل وقاحة لنصرة الظالم الذي يحتل الأرض الفلسطينية، أمة الكفر واحدة عندما تقف في وجه المظلوم فقط لأنه تجرّأ وقام بعملية نوعية دفاعاً عن النفس، أوجعتهم، وهم من كانوا يغضون الطرف ويتعامون عن كل ما يجري لأشقائنا الفلسطينيين قبل السابع من أكتوبر 2023 من إذلال يومي ممنهج على نقاط تفتيش المحتل أو في الطرقات وحرمانهم متطلبات الحياة اليومية بلا انسانية، حيث أصبحت حياتهم رخيصة يملك المستوطن المدجج بالسلاح فيها الحرية في قتلهم بدم بارد دون حسيب أو رقيب، وتدمير بيوتهم أو مصادرتها أو مصادرة أرضهم لصالح مستوطنين جاءوا من شتى بقاع الأرض في إطار شريعة الغاب التي تحكم سلوكهم غير الأخلاقي وغير الإنساني.
ستبقى عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023 علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني، تؤسس لما بعدها وستضع القضية الفلسطينية بقوة على طاولة المجتمع الدولي بغض النظر عن النتائج، وسينجلي غبار المعركة عن نصر مؤزر بعون الله لأشقائنا الفلسطينيين، إن ما يسطّره أبطال غزة وفلسطين يغير الآن وجه العالم ويعيد تشكيل الرأي العام الدولي لصالح قضيتهم العادلة، ويدفن إلى غير رجعة حُلم الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى له العصابة الفاشية في تل أبيب وأعوانها.
بورك الدم يا غزة العزة، وبورك الأحرار أنتم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء، فلا نامت أعين الجبناء
حمى الله الوطن وشعبه الطيب وقيادته الهاشمية الفذّة