السابع من أكتوبر 2023 علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني

16 أكتوبر 2023
السابع من أكتوبر 2023 علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني

د. رضا البطوش
طوبى للشهداء الذين قضوا في سبيل فلسطين الحبيبة على مر الصراع مع الكيان الصهيوني الذي يسرق أحلام الفلسطينيين في ارضهم واستقلالهم وحريتهم وبدعم قوى الظلام على مر التاريخ، لهم الخلود، بقاءٌ بلا فَناء، وعزٌ بلا زوال، في سبيل الله مضوا واناروا الطريق في ملحمة تحرير الأرض والإنسان، فلا نامت أعين الجبناء.
لطالما حذر جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ومنذ سنوات قادة العالم من تبعات الظلم وانعدام العدالة الذي تمارسه دولة الاحتلال على اشقائنا الفلسطينيين وكان آخرها من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل عدة أسابيع، واليوم يتعرض الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة لحملة جوية شرسة من كيان غاصب يمكن وصفها بالتطهير العرقي سعياً لتصفية القضية الفلسطينية من خلال كسر إرادة الأشقاء الفلسطينيين تمهيداً لتهجيرهم القسري إلى دول الجوار وبدعم غير مسبوق من غرب ظالم كشّر عن أنيابه في أعقاب عملية طوفان الأقصى منطلقاً من مفهوم استغلال الفرص، حيث لا زال يعشعش في أدمغتهم هوس الحروب الصليبية لكن بغطاء يهودي، وهذا ما يعزز فكرة إقدام إسرائيل على التدخل البري في غزة بحجة تصفية حماس لكن الهدف غير المعلن لها هو تصفية القضية الفلسطينية، وإذا ما نجحت إسرائيل لا قدر الله في غزة “ولن تنجح بإذن الله”، فأن ضم الضفة الغربية والإجهاز عليها بالكامل ستكون الخطوة القادمة مباشرة، وسيقام الجدار الحاجز على حدودنا الغربية مع الضفة الجريحة وسيدفن الحلم الفلسطيني لا قدّر الله إلى غير رجعة لمئوية قادمة.
أجزم بأن إسرائيل في أضعف أحوالها فجيشها في حالة وهن واضح وجلي أكدته عملية طوفان الأقصى، وداخلها منقسم تحكمه حكومة متطرفة أقل ما يمكن وصفها بالفاشية، وسيكون مسرح عمليات قطاع غزة مقبرة لهم بأذن الله جزاء ما ارتكبوه من جرائم فظيعة بحق شعبنا الفلسطيني.
نحمد الله بأن اشقائنا الفلسطينيون قد طوروا من قدراتهم الذاتية في التصنيع والتدريب والعقيدة القتالية وببراعة فائقة لإدارة ما يسمى بالحرب غير المتماثلة (Asymmetric Warfare) والتي ستفرض على إسرائيل بجيشها النظامي خوض حرب تقليدية في ظروف حرب غير تقليدية في مدن بكثافة سكانية عالية، ومسرح عمليات ثَبت فعلا بأن حركة المقاومة الإسلامية أتقنت وبمهارة فائقة تحضيره وبما يليق بالإسرائيليين إذا ما اقدموا على الغزو البري لغزة. حركة المقاومة الإسلامية في غزه ومختلف الفصائل الفلسطينية فيها على قلب رجل واحد، وتمتلك قدرات نوعيه في هذه الحرب والتي اثبتت من خلال عملية طوفان الأقصى بأنها قادرة بأن تجعل من غزة مقبرة للإسرائيليين، إن زمن الغطرسة الإسرائيلية قد ولّى إلى غير رجعة، فالخاسرون في ميزان العدالة هم الرابحون.
على الرغم من كل البروباغندا والحملة الإعلامية الشرسة التي نشاهدها ونسمعها وتشنها إسرائيل وبدعم كبير من وسائل الإعلام المنحازة لها فإنني أعتقد بأن إسرائيل لن تقدم على خطوة التدخل البري في قطاع غزة للأسباب التالية:
– حالة الوهن التي يعيشها ما يسمى بجيش الدفاع الإسرائيلي، والمؤشرات على ذلك الفشل استخباراتيا وعملياتيا على المستوى الإستراتيجي والعملياتي والتعبوي كنتيجة لعملية طوفان الأقصى، والذي قاد وبشكل فوري إلى تقديم الدعم العسكري السريع وغير المسبوق من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا ونشر حاملات الطائرات في شرق المتوسط، والتضامن الغربي غير المسبوق مع اسرائيل.
– استراتيجية الغموض التي تمارسها ايران وحزب الله والخوف من اندلاع القتال على الجبهة الشمالية، وانفجار الضفة الغربية والداخل الفلسطيني، والرعب الذي يسيطر على القيادة الإسرائيلية من إمكانية فشل التدخل البري في مثل هذه المعطيات وما سيترتب على ذلك من انهيار للجيش.
– إطالة أمد الحرب يعني انهيار الدولة اقتصاديا وأمنياً وإجتماعيا من حيث ترسيخ حالة الانقسام الموجودة اصلاً في بنية المجتمع الإسرائيلي وتشجيع الهجرة المعاكسة.
وفي ظل جميع هذه الظروف والمعطيات وما تواجهه إسرائيل وحلفائها من ضغط إقليمي ودولي متزايد رافض لبشاعة ما يجري في قطاع غزة من قبل إسرائيل، وإذا ما مضت إسرائيل في خيارها للحرب البرية فإنني أعتقد بأن تدخلها البري في غزة سيكون محدوداً الهدف منه تحقيق بعض النجاحات لخلق موقف تفاوضي ملائم من أجل قضية الأسرى التي سيتشكل رأي عام ضاغط بسببها سواء في إسرائيل أو خارجها في الولايات المتحدة يجبر إسرائيل على تبادل الأسرى بعد توقف العمليات العسكرية من جانب، ومن جانب آخر التغطية على الفشل الاستخباراتي والعملياتي الإسرائيلي على المستوى الإستراتيجي والفشل العملياتي على المستوى التعبوي كنتيجة لعملية طوفان الأقصى.
عملية طوفان الأقصى ستكون علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني، وستطيح بالحكم الفاشي في إسرائيل، وسيؤسس السابع من أكتوبر 2023 لما بعده في ملحمة تحرير الأرض والإنسان والنصر واسترداد الحقوق المسلوبة في فلسطين التاريخية، حيث إن متطلبات النصر تستوجب كسر إرادة ما يسمى بجيش الدفاع الإسرائيلي، وعلى نطاق أوسع كسر إرادة ما يسمى بالشعب الإسرائيلي، فلسطين تستحق التضحيات وتستحق دماء الشهداء الزكية، وبالصمود ستسقط اسرائيل وقد سقطت أخلاقيا أمام العالم.
طوبى لكم أهلنا في غزة وفلسطين، وجزاكم الله عنا خير الجزاء ورحم الله شهداءكم وشافى جرحاكم. “قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين” صدق الله العظيم
حمى الله الوطن وشعبنا الطيّب وقيادته الهاشمية الفذّة