بقلم : سهل الزواهرة
ليلة أم صباح لا يهم ، هو وقت جَدَع أنفَ المنطق و توازنات البشر المُركبة و جاء على بساط الحق حاملًا لِرجالٍ فضحوا كيان القهر المُتخم و كشفوا قناعه الهش و قبضوا على عنقه الغليظة المتخمة دعمًا و تطبيعًا و محاباة و تلاعبوا بأمنه العتيد فأحالوه ريشًا تطاير في غلاف غزة و تحت وقع عبير الأقصى الذي عود الدنيا أن نبات رجاله و حُماته لا يبور و كلما ظن البغي أنه نال منه يقوم و يستند و يدق رأس أهل التوهم و الفجور …
ليلة أم صباح لا يهم ، فالليل يخجل من قلوب استأسدت و زأرت فحالفها مُرغمًا و الصباح يُعانق وجوهًا بيضًا و نداه يغسلها و يربت برياحينه على كتفٍ حمل روحه بين أنامله فنال العُلا و نالته أمته التي ملَّت من الخيبات و الرقود على طوابير البؤس بانتظار فُسحة من كرامة لن تأتي إلا بطوفان قد حلت بشائره و غمر ماءه العذب قلوبًا تهوي إلى العلياء …
ليلة أم صباح لا يهم ، فالحق ليس له إلا ملمح أوحد استيقظ في تشرين الصغير و قام ينفض عن عباءته التليدة غبار الصمت و إنهاك السنين فحوَّل ذلك الصباح الى ملحمةٍ سالت حروف كلماتها في شرايين أمة قتلها الجبن و الركون إلى بيوت ملونة فغدت أملًا ثائرًا يستطيل فيعانق سماءَ المعراج و يداعب حدودا خائبة صاغتها ثعالب المكر فيطويها و يلقي بقايا ورقها الباهت في وجه كل خانع اعتاد هز الدماغ و الخصر في لحظة واحدة …
ليلة أم صباح ، لا يهم ، فالظلم قد أطلق قدميه فارًا مذعورا من أرض لم تكن يومًا إلا درجًا للعزة و غزتها بابًا للمجد و قدسها مؤشرًا لا يتوه و لا يقف إلا على خانات الشرف صلبًا تتحطم على قبة صخرته أمواج الكِبر و أساطير الفراغ الذي سقط به كيان الشتات و الرعونة فراح يلملم خيبته و يخفي جراحه التي لن تندمل و لو اسعفته بوارج الكون و بيانات الإنقاذ المتدافعة …
ليلة أم صباح لا يهم ، فالقفص قد ذابت قضبانه و الكذبة قد شاعت بين الأمم و غدا السجَّان جَديًا يُساق إلى مصيره الذي كتبته عقول لم تستسغ النوم الطويل و أذرع ارتفعت و هوت على وجه الكيان البغيض و لقنته درسًا احمرًا و قالت بصوت لا ارتجاف فيه : هذا أوان الحق قد أذِن و تردد صداه في الدنيا : لن تذل أمة فيها انتم …