وطنا اليوم: منذ ثلاثين عاما بدأت كوريا الشمالية تجربتها التصنيعية وخاصة التصنيع العسكري. وحيث أن النظام السياسي والاقتصادي في كوريا الشمالية هو نظام شيوعي فإن صناعاتها كانت تتم من خلال مؤسسات القطاع العام.
فَشلُ القطاعِ العام في معظم الدول التي اعتمدتهُ كعربة لتقدمها اجبر تلك الدول على خصخصة صناعاتها وخروج القطاع العام من السوق ملفعاً بعباءة الفساد وتدني الانتاجية وارتفاع الكلفة وعدم الكفاءة ورداءة نوعية المنتج.
وبالرغم من هذه الحقيقة فإن دولا عدة غالبيتها عربية استوردت انظمة صواريخ من انتاج كوريا الشمالية وحاولت تقليدها. وقد بانت فعالية تلك الصواريخ بشكل مبهر في حروب ابطال انظمة حزب البعث واليمن وليبيا ومصر والجزائر .
تكررت محاولات كوريا الشمالية لاطلاق اقمار صناعية الا أن جميعها فشلت لحد الان. كما فشلت عدة انواع من الصواريخ السطحية بعد تجربتها.
ما تقوم به كوريا الشمالية من تعزيز لقدراتها العسكرية يأتي على حساب المستوى المعيشي البائس جدا للشعب الكوري. كوريا الشمالية في وضع سئ على مختلف الاصعدة مقارنة بشقيقتها كوريا الجنوبية.
بالمقابل، فإن الهند نجحت في تحقيق قفزات مثيرة تجاوزت ما وصلت اليه كوريا الشمالية رغم أن كوريا الشمالية قد بدأت قبل الهند بفترة طويلة.
استطاعت الهند اطلاق اقمار صناعية ووضعتها في مدارات الفضاء. وهاهي تنجح في انزال مركبة غير مأهولة على سطح القمر، كما نجحت في اطلاق مركبة لدراسة الشمس.
ما مكن الهند من هذه النجاحات هو تمكنها من احتلال مركز الصدارة عالميا في مجال IT. ومن المعروف أن العلماء والمهندسين الهنود يمثلون عصب “السيلكون فالي” في الولايات المتحدة الامريكية.
تقدم الهند في مجال تكنلوجيا المعلومات ساعدها ايضا في النهوض بقطاعي الزراعة والصناعة. وهاهي الهند بلد الفقر والمجاعات في القرن الماضي تُصبحُ مُصدرةً لفائض ضخم من الحبوب بانواعها زائدٍ عن حاجة شعبها.
الفارق الآخر في التجربة الهندية عن تجربة كوريا الشمالية أن التطور الصناعي والزراعي والتكنولوجي والعسكري في الهند لم يأت على حساب المستوى المعيشي لشعبها، بل ساهم في اشباع شعبها وايجاد فرص العمل لملايين الباحثين عن عمل وبالنتيجة هزيمة آفتي البطالة والفقر.
لعل الديموقراطية واحترام حقوق الانسان والولاء الوطني الصادق والحر كان ولا زال اهم ما يميز الهند عن كوريا الشمالية. إذ اعتمدت كوريا الشمالية على القهر والتخويف والتسلط والسخرة وتجاهل حقوق الانسان واضطرار الشعب لممارسة “التقية” في التعبير عن الولاء للوطن والنظام.
الديموقراطية تنتصر، والاستبداد ينكسر. الهند تتقدم وجارتيها باكستان وافغانستان تتأخران.