بقلم: الدكتور قاسم جميل العمرو
ثلاث سنوات صعاب مرت على أطول أزمة شهدتها دول الخليج استغلها كل الطامعين في المنطقة لينفخوا فيها لتزداد نيرانها ضرامة، وتتوسع الهوة بين الاشقاء وتُسد كل طاقة يمكن ان تطل منها خيوط شمس المصالحة ، وساهم في ذلك فضائيات لم ترحم ضعف الامة وعجزها وحجم الدماء المنهمر من عروقها بل صبت على النار مزيدا الزيت لتبقى مشتعلة، وهناك كثيرون مستفيدون من حالة الخصام وتوتر المنطقة.
بعد ثلاث سنوات من القطيعة والتراشق الاعلامي والتوتر والاذى الذي لحق بالجميع جاءت المصالحة الخليجية لتؤكد على وحدة الدم والمصير والتعاضد في وجه التحديات التي يواجهها الاقليم، وإعادة قراءة المشهد من جديد وتقييم المصالح بما يتوافق مع تطلعات شعوب المنطقة في التقدم والرقي والديمقراطية وبناء القوة بمعناها الوطني وليس العدواني تجاه الاخرين، نعم يكفي ما جرى للامة من شرذمة وتفتت وضياع ، ومن واجب المسؤولين قراءة الحالة قراءة موضوعية ووضع حد لكل هذه الخلافات التي كبرت من خلال تراكمات تضخمت مع الزمن وانفجرت لتولد أكبر أزمة تواجهها دول الخليج العربي.
المنطقة برمتها تدفع الثمن ففي اليمن حرب ضروس لا تبقي ولا تذر وجائحة كورونا حطمت اقوى الاقتصاديات على مستوى العالم والحرب في سوريا لم تنتهي بعد ويدفع ثمنها الأبرياء العزل حتى أصبحت ساحة للقتلة والمأجورين من كل الأطراف ليزيدوا الدمار دمارا.
وفي العراق الذي تستبيحه ايران جهارا نهارا وعلى مرأى الجميع يدفع أبناؤه ثمنا باهظا نتيجة الامراض الطائفية والعنصرية التي مزقت جسده واعادته عشرات السنين الى الوراء.
محاصل من ترطيب للأجواء وصولا الى عقد قمة تصالحية بين الاشقاء يجب ان لا يمر دون قراءة معمقة لأسباب الازمة والوقوف على تداعياتها واضرارها لتلافي تجددها او استغلال تجار الازمات لأي خطأ قد يقع لإشعال فتيل أزمات جديدة.
ويجب أيضاً ان تتقدم إرادة العمل المشترك انطلاقا من واقع اجتماعي سياسي اقتصادي يتشابه في مجمله فالتحديات واحدة والاخطار ان وقعت تصيب الجميع وبنفس الوقت مقومات التوافق موجودة للأسباب التي ذكرتها فيكاد يربط المجتمع العربي كله من غربه الى شرقه روابط عصية على الاختراق فما بالك بالمجتمع الخليجي الذي تتقسم الاسر فيه بين دوله الست وبينهم روابط دم وعلاقات تاريخية راسخة اقوى من كل اشكال التفكك والانحسار.
تمتين المصالحة يحتاج الى جهود جبارة لتلافي أي خلل او ثغرة او تدخل خارجي قد يلقي بضلاله على طبيعة العلاقات وخصوصا في ظل وجود دولة إقليمية متربصة بالمنطقة وتملك كل أدوات القوة لولا خنق المجتمع الدولي لها.
المصالحة الخليجية امر طيب ومبارك ونتمنى للأشقاء مزيدا من التلاقي والتعافي والاستقرار.
أستاذ العلوم السياسية جامعة البترا
ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري