الروابدة عن الحكومات البرلمانية : لو بدها تشتي كان غيمت

20 أغسطس 2023
الروابدة عن الحكومات البرلمانية : لو بدها تشتي كان غيمت

وطنا اليوم:خيّر رئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة طلبة جامعة البلقاء التطبيقية في كلية عمّان بين الضمير من جهة أو الطحين والسكر من جهة أخرى، في إشارة منه إلى أنهما لا يلتقيان..
الرئيس ابو عصام روى أمام الطلبة اليوم الأحد، قصة مقابلة اجريت معه لغرض ما احس بخبث الاسئلة فيها، فسأله المقابل عن رأيه بأمريكا وكان له جوابان اثنان، الأول كمواطن عربي يرى أن الولايات المتحدة تهيمن على المنطقة وتنهب خيراتها ويجب التخلص من هذه الهيمنة، أما الثاني كسياسي يؤكد أن الولايات المتحدة دولة صديقة وداعمة وتمول الدولة بمنحها المساعدات المالية.
وعن التناقض بين الرؤيتين كشف الروابدة أن الأولى إجابة من أجل الضمير كمواطن عربي، أما الثانية فإجابة للطحين والسكر كشخص سياسي..
الروابدة والذي وصفه رئيس الجامعة البروفيسور أحمد العجلوني بالمفكر الثاقب وصاحب الرأي الصائب، يخشى التجذيف بعيدا حتى لا يلاحقه القانون، لكنه سيجيب عن كل ما يعرفه ويترك ما لا يعرفه، هكذا قال، إلا أن في الطول لديه مشكلة شعر بها عندما وقف على منصة مدرج الجامعة.
“الأردن بين التاريخ والجغرافيا” كان عنوان المحاضرة، والسياسيون يتحدثون بكل شيء، أكد ذلك الروابدة، إلا أنه يخشى من أساتذة الجامعات حيث يترصدون حيلة للخروج عن الموضوع والحديث في تخصصاتهم، وفي ذات الوقت يجل العلماء ويقدرهم وهذا ما بدا واضحا في وقوف الروابدة عن مقعده مرتين عند مرور رئيس الجامعة العجلوني من أمامه ذاهبا إلى المنصة لالقاء كلمة الترحيب، وعائدا منها.
وبشر الرئيس الأسبق الحكومات البرلمانية بطول سلامة “مربع”، ردا على مستقبل الحكومات البرلمانية في الأردن، مشيرا إلى أنه “لو بدها تشتي كان غيمت”.
وبين أنه تاريخيا لم تنشأ على الأرض الأردنية أي أحزاب غير أحزاب الاشخاص التي كانت تولد وتموت، موضحا، “اقصد الأحزاب التي قامت على الأراضي العربية الاخرى كالبعث مثلا، وذلك لان الاردن كان لكل العرب”.
وقال إن الأحزاب البرامجية تعني أن أي حزب عليه تقديم برنامج يكشف به كيف سيحل كل مشكلة مثل البطالة، والفقر، وملف الطاقة، والمياه، وغيرها من المشاكل، فتكون رؤية الحزب واضحة بخطوات يقول فيها سنفعل كذا وكذا..
وأكد، “ننتظر أن ينشأ حزبا يتحدث بهذه الامور وسنكون أعضاء في ذلك الحزب”.
ويعتقد الروابدة أن الإرادة في الإصلاح لم تصل إلى القاعدة، فيما يحتاج أي مشروع إلى إرادة وتنفيذ، والإرادة في الإصلاح هي لجلالة الملك، لكن في التنفيذ لم نصل لشيء بعد.
وأضاف، “أعرف عن الإصلاح الاقتصادي إذا تحسنت أوضاع الناس، وكذلك في الإصلاح السياسي والإداري.. ولا أعتقد أن هناك إصلاحا اقتصاديا”.
وعن تخفيض سن الترشح في مجلس النواب إلى 25 عاما، أكد الروابدة أن هذا الاجراء لم يقدم ولم يؤخر، وليس له أي أثر على مجلس الأمة، موضحا أن الأمر لا علاقة له في السن، بل صاحب الحق في التمثيل هو من يثبت نفسه في الفعاليات الاجتماعية، قائلا: “لكن اليوم من هو في سن الـ 25 عاما ما زال يأخذ دخانه من أبيه ويبحث عن فرصة عمل”.
وبين أن هذه الخطوة “لن تقدم شيئا، لكنها استرضت شيئا”.
اما في عنوان المحاضرة تحدث الروابدة الذي يقول إنه عرف نفسه أردنيا خلال دراسته في الجامعة الأمريكية ببيروت، عن غياب الهوية الوطنية الأردنية وتشكل الهوية العربية على أرض الأردن، مؤكدا أن الوطن الذي تحبه تخدمه والوطن الذي تخدمه تدافع عنه.
وأشار إلى إنه في البداية قالوا “ليس هناك دولة اسمها الاردن”، ولكن أي دولة موجودة على الخارطة لم تكن في يوم ما موجودة عليها، حتى مصر المذكورة في القرآن الكريم هي ليست ذاتها مصر اليوم.
وقال إن الأردن وطن ضاربة جذوره في عمق التاريخ، وهو اسم اشتق من اسم النهر ثم اطلق على ما ورائه، وفي العهد الاسلامي بعد معكرة مؤتة ارسل ابو بكر الصديق أربعة اجناد لاحتلال هذه المنطقة، وفي عهد عمر بن الخطاب حول هذه الاجناد إلى وحدات إدارية، فكانت عاصمة فلسطين تنتقل بين اللد والرملة ليست القدس، وعاصمة الاردن في طبريا.
وأضاف أنه في نهاية العهد العثماني كان الأردن جزء من ولاية الشام في دمشق، وجاءت اتفاقية سايكس بيكو صنعت اربعة دول لم تكن موجودة سابقا، وهي سوريا الآن غير سوريا الحقيقية التي كانت معروفة سابقا، ولبنان التي لم تكن موجودة على الخريطة، وفلسطين التي كانت ضمن سوريا، والأردن، لكن الاتهام بأننا لم نكن دولة لم يلحق إلا بالأردن.
وأوضح الروابدة أن وعد بلفور يمتد إلى سكة الحديد في شرق عمّان بعد أن كان يصل إلى العراق ثم تم تقليصه، وعندما قامت الثورة العربية الكبرى وبقي الأمير عبدالله آنذاك في معان مدة 3 اشهر وكان تشرشل وصل إلى القدس، ذهب الأمير إلى لقاء تشرشل بحضور 7 قادة عرب، ليس بينهم أردني واحد وهذا يعني أن القيادة عربية، وطلب في اللقاء توحيد الاردن وفلسطين، إلا أنه خلص إلى اخراج الأردن من وعد بلفور.
وأشار إلى أنه في كل قطر عربي نشأت هوية وطنية، إلا في الاردن بقيت الهوية عربية، فلا يوجد نشيد وطني فيه كلمة أردن.
وأكد أن الاردنية اعتزاز وحب ليست تعصب، والوطن ليس قطعة أرض، بل أرض ونظام حكم، وشعب، وتاريخ، وجغرافيا.
اما جغرافيا فيرى الروابدة أن الأردن دولة بين 3 دول عربية قوية، وهي العراق والسعودية وسوريا، ولذلك كان علينا التوافق مع اثنتين منهم، فكانت سياستنا كمن يسير على الحبل ويخشى السقوط.
وبين أن الهوية الوطنية الاردنية هي حق لكل من يحمل الرقم الوطني الاردني بغض النظر عن الاصول والاعراق، إلا أن الأحزاب التي عرفناها بعمرها لم تعترف بالمواطنة، لا البعث والاشتراك والاخوان ولا غيرهم.
وأوضح أنه لم تقم على الارض العربية حتى اليوم “حزبية” وذلك لأن الاحزاب لا تكون عقائد، فالإسلام دين ليس حزبا، وكذلك الشيوعية والماركسية.
وتحدث الروابدة عن الهويات الفرعية مؤكدا أنها دائما موجودة في الهوية الأم، لكن الخطر في تحول الهوية الفرعية إلى هوية أم، إلا أن تنوع الهويات الفرعية امر طبيعي، ونعترف بهذه الهوية لتكون هوية حب، خاصة بوجود الهاشميين كعامل مشترك