وطنا اليوم: إننا نؤمن، ان الفكر الوطني الراسخ ، القابل للإستمرار
هو ذلك الفكر الناجم عن معاناة الشعب، المنبثق عن الحقائق والوقائع التي يعيشها المجتمع، المتميز بالتحليل الموضوعي للأحداث والنظرة الشمولية للأمور ، والخاضع لقوانين التطور الإجتماعي ، والمستوعب لشبكة العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على الوطن .
إن النظرية السياسية الفاعلة هي التي تكون رهينة شروط الزمان والمكان، تحدد مجرى الأحداث التاريخية ، وتشخص الأخطاء والعقوبات، وإلا فإن تلك النظرية ستعيش حالة من التقوقع قد تفضي إلى التلاشي .
الحتمية التاريخية تقتضي إنبعاث حركة فكرية ثقافية تناسب حركة المجتمع الأردني كجزء من المجتمع العربي الكبير بأحداثه ونوازله الكبرى ، ترتكز على منطلقات فكرية واعية مدركة ، تهدف إلى تصويب المسار الإجتماعي والإقتصادي والسياسي والثقافي، بتبني برامج إصلاحية شاملة تناسب حاجات المجتمع ومتطلباته وتتطور معها ويتم مراجعتها بإستمرار، ومعبرة عن اراء الشعب ، متفاعله مع ظروفه وواقعه متجاوبة مع قدراتة وطموحاتة .
ونؤمن عند تناول القضايا ، بأن تبقى في إطار المسار الوطني المستقل وفق مصالح الأردن وخصوصيتة الوطنية ، وفي مظلة الدولة الأردنية ، وإن محاولات إضعاف الدولة تحت أي ذريعة كانت، ما هو إلا تهديد مباشر ، وأدوات للخصوم وقوى الشر الطامعة لتمرير مخططات السوء على حساب الكيان والنظام والهوية ….
إن الإصلاح المطلوب من كافة القوى الوطنية، يتطلب أن يبقى في إطاره الوطني وبهدف وطني وتحت مظلة الدولة الأردنية ….
وبذات الوقت ، مطلوب من الحكومة تحمل المسؤولية بأن تكون قادرة على بناء توافقات وشراكة حقيقية مع الشعب بالمصارحة والشفافية، وفتح قنوات الحوار والتواصل الحقيقي والجاد ، وبعيداً عن الديكور ، مع كافة القوى الوطنية والسياسية والحزبية، دون الإنغلاق عن أي تجمع أو فعالية شعبية ، فجميع الأردنيين خيّرين نحو وطنهم وملتفون حول قيادتهم الهاشمية ، فلا مزاودة من جهة على جهة في هذه الثوابت عند الأردنيين ..
ومطلوب من الحكومة عاجلاً، تحديد أولويات القضايا لإيجاد الحلول العملية المنطلقة من الحقائق والوقائع الأردنية، وتحديد ماذا ينتظر الوطن من تحديات وصعوبات قد تكون قادمة ، ليكون الجميع في خندق الدولة ، وقاعدة في الدفاع عن مصالحها واستراتيجياتها بالمسؤولية الوطنية المطلوبة من الجميع …
وعلى الحكومة أن تنزل إلى الميدان وتشتبك بالحوار العقلاني مع الشعب ، ببرامجها وخططها التنفيذية بما يخدم المواطنين ويلبي طموحات الأردنيين بحلول لقضاياهم ،
وأن لا تحمل في حواراتها خطاب التبرير والذرائعية والوعود الوهمية للتغطية على عجز المسؤولين في مواقعهم …
وعلى الحكومة أن تتقدم بمشروع وطني نهضوي ، وفق خطة وطنية واقعية شاملة، وبتحديد الإمكانيات والثروات والموارد، وأين المعيقات، وبآليات لتنفيذ خططها ، لتطمئن الناس أن هناك إستراتيجية دولة في مواجهة التحديات الداخلية وبمشاركة شعبية واسعة، وحتى يتحقق الإستقرار الإجتماعي والسياسي في البلاد، للنهوض بواقع الوطن بمجالات الإصلاح كافة ….
إن المراقب للمشهد العام، يرى أداء التقليد لا زال مهيمناً على عديد مواقع المسؤولية، مما أحدث إرباكاً حقيقياً وتشويشاً واضحاً حول امتلاك الحكومة لخطط حقيقية في معالجة قضايا الخدمات وتأصيل منظومة التحديث السياسي وفق إرادة شعبية، ومواجهة التحدي الإقتصادي، وقضايا البطالة والفقر والإصلاح الإداري ، وهي جميعها قضايا تمس حياة الأردنيين وواقعهم اليومي ….
مطلوب من الحكومة أن تتحرك وتقدم خططها بآليات حقيقية وقابلة للتنفيذ والتطبيق وبما يلمسه المواطن على أرض الواقع، وأن تفتح الحوار ومأسسته، وتفعيل كافة ادوات الدولة المنظمة، والتي طال أمد تعطيلها بعلاقتها مع الدولة عبر الحوار المسؤول ، ولتمارس دورها بأن تكون الحزام الواقي للرأي العام الأردني على أهداف الدولة وغاياتها.
ونتساءل مع عقل الدولة ودوائر القرار ؟ أين مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات والإتحادات والمنتديات والجمعيات، ومتى تنتظم علاقتها بالدولة ؟ لشراكة حقيقية وليتحمل الجميع مسؤولية وطن بتحدياته، وهل الأردن جمعية خيرية يقوم على نظام الفزعة، في منطقة تعصف بها الرياح والحرائق والنوازل والتحولات ؟ أم نحن وطن ودولة ؟ ومتى يتم تحديد الأدوار وتنظيمها لمفهوم المجتمع المدني في دولة تسعى نحو دولة وطنية ديمقراطية حديثة ؟ وحتى يتحرك الجميع في إطار مرسوم كإستراتيجية دولة، وبما يحقق أهداف وغايات الدولة ، التي هي بالضرورة كرامة الأردنيين ورفاه حياتهم في وطنهم ….