‏من نُصدّق في أزمة”التوجيهي”؟

24 يوليو 2023
‏من نُصدّق في أزمة”التوجيهي”؟
بقلم/ ‏حسين الرّواشدة
‏من يتحمل مسؤولية ما حدث بامتحان التوجيهي : الوزارة ،ام قطاع التعليم الموازي، أم الطلبة، أم المجتمع؟
‏لا يمكن الإجابة بمجرد وضع دائرة حول البديل الصحيح ، المسألة تبدو أعمق من ذلك ، يمكن فهمها بأكثر من سياق : الحالة العامة للتعليم في بلدنا ، تراكمات الأخطاء بإدارة ملف التوجيهي على مدى العقود الماضية ، توسّع سوق التعليم بالدروس الخصوصية، انسحاب وزارة التربية من ملفات تطوير المناهج و تدريب المعلمين ، وتنامي فجوة الثقة بينها وبين الجسم التعليمي ، ارتباك المجتمع بالتعامل مع التوجيهي ، ثم “صدمة “المصير التي ترسخت لدي الطلبة والأهلي ، اختزال العملية التعليمية ،لدى معظم الأطراف ، بمعدل التوجيهي، دون الاهتمام بمراحل التعليم السابقة.
‏يمكن أن أضيف سياقات أخرى ، لكن أستأذن بالإشارة لعدة ملاحظات على هامش ما حدث هذا العام تحديدا ، وعلى مدى الأعوام الماضية أيضا ، الملاحظة الأولى ان ما جرى من صرخات و نقاشات يمنحنا فرصة لرؤية صورتنا ، أقصد صورة المجتمع وإدارات الدولة ، على حقيقتها ، كل طرف يلقي باللوم على الاخر ، لا احد يتحمل المسؤولية ، حدة الصراع غطّت بدخانها ، على كل شيء ، والضحايا ، بالطبع ، هم أبناؤنا الطلبة .
‏الملاحظة الثانية : في كل مرة تواجهنا أزمة التوجيهي، الامتحان والنتائج ، نكتشف رداءة مستوى التعليم ، وقلة اهتمامنا به ، ثم نتدافع لتبادل الاتهامات حول من يتحمل المسؤولية ، دعوات الخبراء الأكاديميين في العام الحالي مطابقة تماما لصرخاتهم بالأعوام الماضية ، وهكذا يتوزع دم الفشل بين القبائل التعليمية، لنكتشف لاحقا إن امتحان التوجيهي ليس مجرد أزمة تحصيل علامات ، وإنما أزمة تعليم ، و أزمة أخلاق ، وأزمة أولويات ، وأزمة اصرار على عدم التطوير والتحديث .
‏الملاحظة الثالثة: صحيح، وزارة التربية تتحمل مسؤولية التعليم والامتحان معا ، وهي مسؤولية تراكمت اخطاؤها عبر سنوات طويلة ماضية ، وقد حان الوقت لنتصارح حولها ، ثم نتناقش حول ما يلزمها من حلول ، لكن أكيد مجتمعنا (الطلبة والأهالي) يتحملون قسطا من هذه المسؤولية ، كما أن انفلات التعليم بشقيه الخاص والموازي( الدروس الخصوصية ) ساهم بإفراز حالة من الطبقية في التعليم ، وحالة من البزنس التعليمي ، وربما مافيات المنصات التعليمية ، و أباطرة الدروس الخصوصية.
‏الملاحظة الرابعة : مشهد التوجيهي ،بما فيه من اشتباكات واتهامات وتراجع للقيم والأخلاقيات، يعكس حالة مجتمع يحاول أن ينتقم من نفسه، إذا أردت أن تعرف ما آلت إليه أحوالنا بمعظم المجالات ، وما فعلناه بأنفسنا ، يكفي أن تتوجه إلى قاعات امتحان التوجيهي، لترى كيف تحول هذا الامتحان ، الذي كان يشكل قيمة (أخشى أن اقول مقدسة ) لدى الأردنيين ، إلى مهزلة مخجلة نتفرج عليها ،للأسف ، دون أن نحرك ساكنا، لا أتحدث ،، فقط عن انفعالات الطلبة التي يصطادها الإعلام ، ولا اتهامات المعلمين للوزارة والعكس، وإنما عن قصص تسريب الأسئلة ، وأساليب الغش ، وكأن مجتمعنا استسهل الشطارة والتجاوز على القانون ، لمواجهة بعبع التحصيل والقبول بالجامعة،
‏الملاحظة الاخيرة: أعرف ان امتحان التوجيهي تحول إلى رُهاب عام(إرهاب أحيانا) ، يدفع ثمنه أبناؤنا الطلبة ، أعرف أيضا أنه ما زال يشكل المعيار الوحيد لتحديد مصير ومستقبل أبنائنا ، أعرف ثالثا أن أبناءنا تحولوا إلى حقل تجارب ، وأن ما يقال عن الارتقاء بمستوى الامتحانات ، وكفاءة الطلبة ، مجرد كلام مرسل لا علاقة له بالواقع ، كل هذا يطرح علينا سؤلا يفترض أن نفكر فيه ، وهو ، من أهم : أبناؤنا ام الامتحان؟ الإجابة لدى وزارة التربية والتعليم.