حسين الرواشدة
كيف يمكن للأردنيين أن يستردوا عافيتهم الوطنية ؟ لدي أربع وصفات سريعة ،تصلح ان تكون عناوين أساسية لضمان انتقال بلدنا من الوضع القائم ،بما فيه من أزمات وتراكمات ومخاوف ،إلى وضع قادم أفضل ، تشكل فيه عملية التحديث ، بمساراتها الثلاثة، رافعة لبناء واقع جديد ومختلف أيضا ، مع ملاحظة أن هذه الوصفات ستفقد قيمتها ،إذا لم نأخذها ” رزمة” متكاملة ،بلا انتقائية ،وبدون استفراد.
الوصفة الأولى : ترسيم المسارات وخطوط النفوذ والصلاحيات ، أقصد -بالطبع- الفصل بين السلطات والإدارات ،لكن بشكل عملي ومدروس ،و بما يتناسب مع الحالة الأردنية ،بدون مبالغه في التوقعات ،هنالك مسارات سياسية وأمنية، ودينية واجتماعية واقتصادية ، تتحرك عليها عجلات الدولة ،وهي تشبه إلى حد بعيد مسارات النقل أو الطيران، وتحتاج إلى وضع خطوط وإشارات لكي يعرف كل مسار حدوده وصلاحياته، ويلتزم بها ، هذا موجود بالدستور وبالقوانين ، لكنه يحتاج إلى ترسيم عملي، أو توافق وطني، ينهي حالة الاشتباك والتزاحم ،ويعيد لكل مسار نفوذه الطبيعي وصلاحياته، وحدود حركته.
الوصفة الثانية: تنظيم حدود التداخلات( التدخلات أيضا) ، أقصد ان بين المسارات بعض التدخلات أحيانا ، هذه تحتاج إلى عملية ضبط ،بحيث تظل ضمن الاضطرارات فقط ، كمثال ثمة تداخل بين السياسي والأمني ،والسياسي والديني، والسياسي والاقتصادي ، مما يستوجب فتح قنوات التنسيق والتكامل ،بموجب تبادل المعلومات ، و إدارة الاختلافات ، لا فرض الأوامر والوصايات ، أو سوء التوظيف والاستخدامات.
الوصفة الثالثة: تفعيل المحاسبة على المسؤولية ، أقصد الحوكمة العادلة التي تتضمن وجود منظمومة واضحة للنزاهة والشفافية والمساءلة، تخرج من إطار التنظير ، إلى إطار الممارسة الحقيقية التي تقنع الأردنيين بأنه لا يوجد احد فوق المساءلة ، وأن الجميع أمام القانون سواء ، هذه لا تتعلق ،فقط ، بقضايا الفساد والتجاوزات الإدارية وغيرها مما تجرمه القوانين ، و إنما بأي قضايا تتعلق بالتقصير في أداء المسؤولية ، أو الإخلال بواجبات الوظيفة العامة، أو ضعف الأداء السياسي ، بما يتسبب عنه من اضرار بمصلحة الدولة.
الوصفة الرابعة: خروج نخب المجتمع من حالة الصمت والانفلات ، أقصد أن إصلاح إدارات الدولة يجب أن يتزامن مع اصلاح نخب المجتمع التي تشكل “الرأس”لقيادة الجماهير ، وإصلاح النخب يشكل رافعة لإخراج المجتمع من اليأس والإحباط ،والشك واللطم، أو (اللاعقلانية ) في الطرح والتصور والسلوك ، إذن واجب النخب “عقلنة” المجتمع ، ولا تستطيع ذلك إلا إذا تجاوزت حالة الصمت واللا مبالاة ، ثم حالة الانفلات والإرتباك والفوضى .
إذا تحققت هذه الوصفات ، يمكن أن نتحدث عن مضامين التحول الذي نريده ، ابتداء من العدالة إلى الحريات العامة ،إلى الانتعاش الاقتصادي ،إلى الوئام الوطني، إلى المناخات السياسية المشجعة على الانخراط والمشاركة بالعمل العام ،وصولا إلى مواجهة الأزمات والتحديات الخارجية ، لكن يبقى السؤال الاهم : هل تتوفر لدينا، إدارات الدولة ونخب المجتمع معا ، الرغبة والإرادة للسير في هذا الاتجاه ؟ اترك الإجابة للقراء الأعزاء.