أَيَا قادةَ عالَمِنا إليكم تَرْنُو العيون وتتجه الأفكار؛ عَالَمُنا يَئِنُّ.. فماذا أنتم فاعلون؟

23 يونيو 2023
أَيَا قادةَ عالَمِنا إليكم تَرْنُو العيون وتتجه الأفكار؛ عَالَمُنا يَئِنُّ.. فماذا أنتم فاعلون؟

بقلم-  حنَّا ميخائيل سَلامة نعمان

عَالَمُنا يَئِنُّ فما أنْ تخبو نيران الحروب والنزاعات في موقعٍ مِنه، حتى تتأجَّجَ في موقعٍ آخرَ فَتُسْفَك الدماء وَتُسْتنزَف المُقدَّرات وَتُهْدَم المنجزات وتتبدد الأحلام فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِمن يوقظون الفِتَن ويُشْعِلون نار الفُرْقة والانقسامات لغاياتٍ ومآرِبَ فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن تضخُّمِ أعداد المُهاجرين، والمُهَجَّرين، والمُشرَّدين فماذا أنتم فاعلون؟

عالَمُنا يَئِنُّفي أرجاءَ واسعة مِن الفقر والجوع والعطش فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن تفشي الأوبئة والأمراض المٌزمنة والمُستعصية فماذا أنتم فاعلون؟

 عَالَمُنا يَئِنُّ مِن تفاقم ظاهرة البطالة وآثارها السلبية ومضاعفاتها الخطيرة فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن تَصاعُد الآهاتِ والتَّأوهات لِلْهُموم الكثيرة والضِّيقات الخانقة فماذا أنتم فاعلون؟

عالمنا يئنُّ مِن المُتعدِّين على إنسانية الإنسان وكرامته وحقوقه المشروعة فماذا أنتم فاعلون؟

 عَالَمُنا يَئِنُّ مِن المُتعالين المتغطرسين المُستكبرين الذين يَحْسَبون أنفسهم أعلى مكانة وأرفع منزلة من غيرهم من بني البَشَر فماذا أنتم فاعلون؟

عالَمُنا يئِنُّ مِن خانِقيِّ الحُرية على اختلاف حُقولها فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن سِياط المُتجاوِزِين لِلمُهمَّات المَسنودة إليهم فيستبدون حَسب أمزجتهم ويتسلطون حَسب رغائبِهم فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن الذين يسترهبون الضعيف والمسكين والأرملة واليتيم، بل ويتحكمون بمصائرهم فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يئِنُّ مِن مُدَّعِيّ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، فيما أفعالهم على النقيضِ مِن ذلكَ فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يئِنُّ مِن شُيُوعِ الأَثَرَةِ وتفشي ظاهرة تأليه الذات وعِشقِ “الأنَا ” فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يئِنُّ مِن تغييب الضمائر وتقسِية القلوب وإخلائها من المحبة والرحمة فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن استثمار الغَنِيِّ المُتَجبِّر للفقير والمُعْدَمِ والمُسْتَضْعَف فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن أصحاب الوجوه المقنعة الذين يُتقنون التصنع والمُمَالقة فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن تَعاظُم أعداد المُفتَرين الذين يَلوون الحقائق وَمُجريات الأحداث والوقائع لمكاسب وغايات فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن انهيار الأخلاق وتمادي المُتاجرين بالأجساد وما يُخالف الطبيعة البشرية مِن شُذوذٍ فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن تجارة المُخدرات وتأثيراتها الخطيرة على بِنْية المجتمعات وتماسُكِ الأُسَر فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن أصحاب الفِكر الإقصائي الذين جعلوا من أنفسهم دَيَّانِيِن على غَيْرِهم فَنَشِطُوا في إثارة النَّعَرات وتمزيق عُرى الروابط المُتآلفة فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ مِن الذين استعبدتهم الشهوات وتملكتهم الأهواء الذين يهدرون الأموال عليها بسخاءٍ بينما يَحبسونها عن الفقير والمحتاج والمريض المُعْوَز فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنّ ُفيما خيرات كوكبِنا الأرضي وثرواته وموارده تـُحـَّولُ لا لِخير أهل الكوكب وحاجاتهم الرئيسية المُلِحَّة، أو لِبَسْط الثروات لإقامة المصانع الضخمة والمشروعات الخَدَميَّة لرفاه الإنسان ورفعِ معاناتهِ وما يُحيط به مِن ظواهر سلبية ومخاطر، إنَّما لتصنيعِ آلاتِ الحربِ والدمارِ والقتلِ والتشريد، ولإيجاد أسواق دائمة لها لاستخدامها.. أو لتخزينها دونما حاجة والانفاق اللامحدود على صيانتها فماذا أنتم فاعلون؟

عَالَمُنا يَئِنُّ، عَالمُنا يتوجع، عَالَمُنا يعاني ويُكابد؛ تأوهات وآهات تستصرخ الضمائر وتتصاعد مِن أرجاءِ عَالَمِنا فتشُقّ عَنان السماء فماذا أنتم فاعلون؟

أيَا قادةَ عالَمِنا إلَيكُم تَرنو العيون وتتجه الأفكار مَن لا يَعْسُرُ عليكم أمرٌ،فالحَاضِرُ حاضِرِكُم، والمسؤولية مَسؤوليتكم،فماذا أنتم فاعلون؟

 

*كاتب وباحث أردنيّ

hanna_salameh@yahoo.com