السفيرة البريطانية لدى الاردن تكتب : الاحتفال بسنة تاريخية من العلاقات والتعاون بين المملكة المتحدة والأردن

19 يونيو 2023
السفيرة البريطانية لدى الاردن تكتب : الاحتفال بسنة تاريخية من العلاقات والتعاون بين المملكة المتحدة والأردن

السفيرة بريدجيت بريند 

بمناسبة عيد الميلاد الرسمي لجلالة الملك تشارلز الثالث.. يسر المملكة المتحدة الاحتفال هذا الأسبوع بعيد الميلاد الرسمي لملكنا المتوج حديثًا، صاحب الجلالة الملك تشارلز الثالث. لطالما رأى الملك تشارلز في الأردن صديقاً له كما يتضح من زيارته الأخيرة إلى الأردن في تشرين الثاني 2021 للاحتفال بمئوية الأردن، عندما قال يومها: «إنني أشعر بهذه الصداقة بشكل شخصي، فقد كان الأردن دائماً جزءاً من حياتي».

تعتبر الروابط بين عائلتيْنا الملكيتيْن مثالاً بارزاً على روابط الصداقة الوثيقة التي تطورت بين المملكة المتحدة والأردن على مدى أكثر من قرن من التعاون. كانت السنة الماضية استثنائية وتاريخية حقا بهذا الصدد، بما فيها من أوقات حزينة وسعيدة. وجلالة الملك عبد الله قام بما لا يقل عن أربع زيارات رسمية إلى المملكة المتحدة في أقل من 12 شهرا.

فقد وقفت العائلتان الملكيتان جنباً إلى جنب في شهر أيلول الماضي حداداً على رحيل صاحبة الجلالة الراحلة الملكة إليزابيث الثانية، وهي العاهل الملكي البريطاني الأطول حكما. وقبيل حضور جلالة الملك عبد الله للجنازة الرسمية، كان قد أشاد جلالته بالملكة الراحلة واصفاً إياها بأنها «منارة للحكمة» و”شريكة للأردن وصديقة عائلة عزيزة». كما نتذكر أيضا بكل إعتزاز استضافة جلالة الملك حسين الراحل لجلالة الملكة الراحلة في الأردن في عام 1984، والعلاقات الودية التي ربطت بينهما منذ اعتلائهما العرش في نفس السنة قبل ذلك بعقود.

كذلك تجلّت قوة العلاقات بوضوح أثناء اللحظات التاريخية السعيدة لتتويج جلالة الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا في شهر أيار. فقد حظيت مشاركة صاحبي الجلالة الملك عبد الله والملكة رانيا في تلك المراسم الخاصة في لندن بتقدير كبير، وكذلك حين تمنّيا للملك تشارلز «عهداً مجيداً ومزدهراً».

وفي تشرين الثاني من العام الماضي، كان جلالة الملك من أوائل قادة العالم الذين اتصلوا بملكنا الجديد وبرئيس وزرائنا الجديد ريشي سوناك.

ولا غرْوَ أن صداقتنا قد تألقت في أبهى صورة لها في أوقات الفرح، كما شهدنا في الأول من حزيران الحالي، عندما كان صاحبا السمو الملكي أمير وأميرة ويلز من بين الضيوف الكرام المدعوين لحضور حفل الزفاف الملكي لصاحبيّ السمو الملكي الأمير الحسين والأميرة رجوة الحسين. وكان من دواعي سرورنا أن نشهد هذه الاحتفالات الشخصية والوطنية الرائعة، وأن نرى مشاركة هذا العدد الكبير من أصدقاء الأردن البريطانيين وعائلتنا الملكية ليتمنوا للعروسين أطيب التهاني في حياتهما معا.

وهكذا نرى أن صدى هذه الروابط الملكية الوثيقة بين بلدينا يتردّد في مناسبات وفعاليات أخرى في إطار علاقتنا التي تبلورت وتطورت لتصبح شراكة حديثة وحيوية تخدم مصالح كلا البلدين. الودّ الذي شهدناه من الزيارات الثنائية العديدة والاتصالات السياسية على مدار العام الماضي يجسد استمرار متانة الصداقة الدائمة بيننا، وجهودنا العملية المشتركة في أولياتنا لما هو في صالح شعبينا.

كما ندرك التحديات الأمنية المشتركة، ونعمل معاً لتعزيز قدرة المملكة المتحدة والأردن على مواجهة هذه التحديات. ففي كل عام تُجرى تدريبات مشتركة بين القوات المسلحة البريطانية والأردنية، وكانت المرّة الأخيرة في شهر شباط، عندما اشترك لواء الملك حسين بن علي وفوج دوق لانكستر في تدريبات جرت في الأردن. ولقد سعدتُ بزيارة سفينة صاحب الجلالة لانكستر إلى العقبة في تشرين الثاني الماضي، وتشرفت بحضور مراسم تخريج الضباط بحضور الملك في الأكاديمية الملكية العسكرية البريطانية في ساندهيرست في نيسان، بحضور جلالتيّ الملك تشارلز ال?الث والملك عبد الله الثاني، ولقاء آخر دفعة من الخريجين من الضباط العسكريين الأردنيين. وبصفتها مانحةً رئيسيةً لخطة العمل الوطنية الأردنية بشأن المرأة والسلام والأمن، فإن المملكة المتحدة تدعم كلاً من القوات المسلحة الأردنية ومديرية الأمن العام لزيادة المشاركة النسائية في عملها لتعزيز الاستقرار والأمن العام.

كما رحب وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي بزيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى لندن في آذار، حيث أكدا التزامها بالحفاظ على شراكتنا الاستراتيجية القوية، وبحثا القضايا الحيوية، بما فيها القضية الفلسطينية وسورية. كما استضاف الأردن أندرو ميتشل، وزير شؤون التنمية بوزارة الخارجية البريطانية، حين عاد في شباط في زيارة إلى مخيم الزعتري للاجئين، بعد 10 سنوات من زيارته الأولى، لتأكيد التزام المملكة المتحدة بالحفاظ على دعمنا للأردن لاستضافته السخية للاجئين. أيضاً حين زار لورد أحمد، وزير شؤون الشرق الأوسط بو?ارة الخارجية والتنمية، الأردن في وقت سابق من الشهر الجاري، أكد على دعم المملكة المتحدة لبرنامج الإصلاح المحلي في الأردن، والدور الحيوي للمجتمع المدني في هذا الشأن، إلى جانب الاستراتيجية الدولية للمرأة والفتاة، وهي استراتيجية بريطانية جديدة. وذلك يؤكد الإدراك بأن تعزيز حقوق وحريات وإمكانات النساء والفتيات يمكن أن يساعد في تحقيق نتائج أفضل للجميع.

المملكة المتحدة تقدر جهود الأردن الدؤوبة لتعزيز السلام والاستقرار في هذه المنطقة وخارجها. وإننا نرحب بالموقف الأردني من الغزو الروسي لأوكرانيا من حيث المبدأ؛ فالعدوان الروسي دون سابق استفزاز قوض أمن ورخاء المواطنين العاديين في كل مكان، وجعل التعافي من آثار جائحة كوفيد-19 أكثر صعوبة. المملكة المتحدة ملتزمة بأن تلعب دورها في تعجيل الدعم لأوكرانيا دفاعا عن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي يكفل سلامتنا جميعا، وأن تساعد على إنهاء الحرب هناك بسرعة أكبر، بما في ذلك للحد من العواقب العالمية الفظيعة التي تؤثر على الج?يع.

كما تظل المملكة المتحدة شريكاً ملتزماً على المدى البعيد في مجال العمل الإنساني والتنموي في الأردن. وندعم أيضاً التعليم والحماية الاجتماعية، ونقدم المساعدة النقدية لمن هم بحاجةٍ ماسّة لها في المجتمع الأردني لضمان عدم نسيان أحد، ومساعدة الأردن في مواصلة توفير ملاذ آمن لملايين اللاجئين من سورية والمنطقة. وفي مؤتمر التعهدات لدعم مستقبل سورية والمنطقة، الذي عقد مؤخرا في بروكسيل، تعهدت المملكة المتحدة بتقديم 150 مليون جنيه إسترليني دعما للأزمة السورية. وبهذا المبلغ، إلى جانب 43 مليون جنيه الذي قدمناه في أعقاب ال?لازل المأساوية التي وقعت في وقت سابق من السنة الحالية، يصل إجمالي الدعم البريطاني المقدم هذه السنة إلى نحو 200 مليون جنيه.

وفي حزيران من العام الماضي، أعلنت المملكة المتحدة تقديم مساعدات جديدة بقيمة 95 مليون جنيه إسترليني مساهمة منها في دعم توسيع نطاق الحماية الاجتماعية للعمالة غير الرسمية من أردنيين ولاجئين بحاجة للمساعدة، وتوسيع نطاق دعم تعليم أطفال اللاجئين الذين يعيشون في الأردن. كما أن برنامج المساعدة النقدية متعدد الأغراض والمقدم على مدى عدد من السنوات، الذي تبلغ قيمته 80 مليون جنيه إسترليني، يدعم كلاً من برنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حتى وصل هذا الدعم إلى أكثر من 250,000 لاجئ منذ عام 2019.?وينسِّق برنامجنا لحماية الأردن مع اللاجئين والأردنيين المحتاجين إلى المساعدة، ويدعم 30,000 شخص بتقديم الخدمات الأساسية التي تساعد الأطفال المحتاجين وذوي الإعاقة والناجين من العنف الجنساني. وخلال عامه الأول، ساعد البرنامج أكثر من 3,600 شخص من المعرضين لخطر العنف الجنساني، كما ساعد في تدريب الموظفين الحكوميين لتعزيز الخدمات الوطنية.

إن المملكة المتحدة لتفخر بدعم البرامج التعليمية في الأردن وبالشراكة الناجحة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مبادرة القراءة والحساب للصفوف المبكرة. ومنذ عام 2015، أخذنا على عاتقنا إدخال التحسينات في محو الأميّة باللغة العربية والحساب لأكثر من 430,000 طالب، كما ندرّب 15,000 معلم كل عام. وفي عام 2022، كان برنامجنا شريكاً لوزارة التربية والتعليم الأردنية في إطلاق الخطة الوطنية لمحو الأمية.

وفي الشهر الماضي، وقعت وزارة التربية والتعليم الأردنية وشركة التعلم البريطانية بيرسون الرائدة عالمياً اتفاقية شراكة طويلة الأمد من شأنها دعم رؤية التحديث الاقتصادي 2033 للأردن من خلال التعليم والتدريب التقني والمهني. ويسعدني أن هذه الشراكة يستفيد منها أكثر من 150,000 متعلم في الأردن خلال السنوات القادمة: ذلك بتزويدهم بالمؤهلات والمهارات والمعرفة المعترف بها دولياً، والمساعدة في زيادة فرص توظيف الشباب.

يعتبر هذا مجرد مثال واحد على كيفية دعمنا للأردن لتحقيق رؤية التحديث الاقتصادي 2033 الجديدة وهدفها المتمثل في استحداث مليون فرصة عمل جديدة على مدى عشر سنوات. كما نوفر المساعدة الفنية لدعم الإصلاحات لزيادة حجم التجارة والاستثمار، ودعم النمو الاقتصادي والفرص، والمساعدة في إدارة الديون وقطاعات المياه والطاقة.

وعلى الصعيد التجاري، علاقتنا مستمرة في النمو، ونعمل لأجل تحقيق أقصى فائدة من اتفاقية الشراكة الجديدة بين المملكة المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية للشركات، وتعزيز قيمة اتفاقية التجارة الثنائية الجديدة لتعزيز الازدهار الاقتصادي في كلا بلدينا. وإنني أرحب بأول صفقة أردنية مع الوكالة البريطانية لتمويل الصادرات لتوسيع مصنع كلاسيك فاشون للملابس والمنسوجات في العقبة بقيمة تفوق 60 مليون دولار. سيؤدي ذلك إلى خلق أكثر من 3,000 فرصة عمل للأردنيين بحلول عام 2024 والمساعدة في تعزيز الرخاء المشترك.

كما أني فخورة بأن كلية لندن الجامعية ستشارك الأردن بما تتمتع به من تميز في الرعاية الصحية والتعليم الطبي، وذلك كواحدة من الشركاء في اتفاقية شراكة جديدة قيمتها الإجمالية أكثر من 400 مليون دولار بين صندوق الاستثمار الأردني والصندوق السعودي-الأردني للاستثمار. سيعمل المشروع على إنشاء مستشفى جامعي في عمان، ومن المتوقع أن يؤدي إلى خلق أكثر من 5,000 وظيفة في الأردن، ويشجع جيلاً جديدا من الأطباء والباحثين والقيادات الطبية في المستقبل.

إن تغير المناخ هو التهديد الذي يواجه جيلنا، وعلينا أن نتصدى له معاً. ولطالما كانت هذه أولوية شخصية للملك تشارلز، وسندعم الأردن في الوفاء بالالتزامات التي تعهد بها في قمة العمل المناخي 26 في غلاسغو، وفي التكيف مع تأثير تغير المناخ، من أجل حماية الشعب الأردني من أسوأ عواقبهً، واستغلال إمكانات المستقبل، على سبيل المثال لتوفير الطاقة المتجددة.

وأخيرا، أتطلع إلى عام 2024 حين يكون الأردن في طليعة الدول التي ستستفيد من نظام تصاريح السفر الإلكترونية البريطانية الجديدة، وهو ما يعني أن الأردنيين لن يحتاجوا بعد ذلك إلى تأشيرات للزيارات القصيرة إلى المملكة المتحدة. إن جعل فرص السفر أسهل وأقل كلفة يقوي الروابط بين المملكتين ويعزز علاقاتنا التجارية والتعليمية والثقافية.

بينما نتمنى لصاحب الجلالة الملك تشارلز الثالث عيدَ ميلادٍ سعيد، فإننا نتطلع إلى سنوات طويلة أخرى من حُكمه، وإلى علاقات شخصية وسياسية واقتصادية وثيقة بين بلدينا، ليساعد في تحقيق السلام والرخاء لشعبيّ المملكة المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية. إن علاقات الصداقة الفريدة بين بلدينا التي يرسخها ماضينا الغني المشترك تضع نصب عينيها مستقبلا مزدهرا.