د. ياسين رواشده/ دبلوماسي وخبير دولي
لما قررت مصر عبدالناصر( ومعها سوريا) في اواخر ايار ١٩٦٧..الحشد على حدود اسرائيل واغلاق البحر الاحمر..كانت ملامح حرب عربية اسرائيلية تلوح في الافق..كان الشارع العربي وبما فيه الاردني يشتعل ترقبا للحظة حاسمه عززتها التهديدات المصريه عبر الاذاعات بان لحظة تحرير فلسطين قد اقتربت.
لكن اجهزة الاستخبارات والاستطلاع العسكريه الاردنيه كانت تشير الى ان قدرات مصر العسكريه الحقيقيه غير ذلك و ليست كما هب في الاعلام. وقد حذر المرحوم وصفي التل( كان وقتها خارج الحكومه) وعدد من ضباط الجيش من عدم الانخراط في اي عمل عسكري مشترك دون اعداد وتجهيز وعمل جبهة موحده..
لكن الة الاعلام المصري وتصريحات قادة مصر كررت ان مصر ” جاهزة وقادره” على سحق العدو..وهزيمته.
كانت سوريا قد انضمت لمصر في الحشد العسكري..وبقيت الاردن التي طالب الاعلام المصري والسوري والشارع الاردني نفسه بان ينضم” للمشاركه في معركة التحرير القادمه”..قام حينها الملك حسين بزيارة مصر وانضم للتحالف المصري السوري.واضعا جيشه تحت تصرف مصر( في معركة التحرير القادمه)..
بل ان مصر ارسلت ضابطا مصريا هو اللواء عبدالمنعم رياض ليكون قائدا للجيش الاردني( تاكيدا لالتزام الاردن بالمعركة والمصير المشترك).
رغم معارضه ضباط اردنيين كبار لهذا التعيين كون هذا الضابط سيكون ولاؤه الاول لمصر
وبانه لايعرف طبيعة الجيش ولا تسليحه..
وفي صبيحة ٥ حزيران ابلغ الرادار الاردني القياده المصريه بانه لاحظ ان الطيران الاسرائيلي يتحرك لقصف المطارات المصرية .لكن المصريين لم يفكو الرسالة الاردنيه المشفره لانهم ( وبقدرة قادر او قدرة خائن) قد غيرو الشفره قبل يوم!.
اسرائيل حذرت الاردن في فجر ذاك اليوم بان لا تتدخل في الحرب. لكن قائد الجيش عبدالمنعم رياض رفض التحذير بل انه وبعد ساعات اصدر امرا للقوات الاردنيه في الضفه الغربيه ان تفتح النار وتقتحم الحدود الاسرائيليه زاعما بان مصر تتقدم وان على جيش الاردن ان” يخفف الضغط” على الجيش المصري ” المتقدم في سيناء”!.
بالطبع كانت خدعه من عبدالمنعم رياض ومن قيادته التي لسبب ما ارادت ان يتورط الجيش الاردني ويهزم كما هو المصري..
انهار جيش مصر في ساعات..واحتلت اسرائيل كل سيناء حتى قناة السويس. ولو لا تدخل السوفيات حينها لربما وصلوا الى القاهره.
اما عبدالمنعم رياض الذي امر وورط الجيش الاردني في الضفه الغربيه بالحرب رغم وعد القياده المصريه بتامين الاردن بغطاء جوي..
مما جعل القوات الاردنيه تقاتل حتى اخر رجل دون دعم جوي وفي ملحمة بطوليه استشهد فيها خيرة ابنائه.
وعندما انكشفت الحقيقه طلب اللواء رياض انسحاب الجيش الاردني وترك الضفة الغربية لمصيرها… لكن القوات الاردنية رغم التفوق الاسرائيلي عددا وعدة وطيرانا ظل يقاوم ثلاثه ايام متتاليه في وقت كان الجيش المصري الجرار و معه السوري قد انهارا خلال ٢٤ ساعه..
كانت كارثه كبرى نتيحه خيانة واضحه داخل القيادة المصريه( وربما السوريه).. هذه الخيانه التي اعترف بها قادة مصر سياسيين وعسكريين لاحقا .حيث اعلن جمال عبدالناصر مسؤليته عن الهزيمه وعرض استقالته..وقد اتهم قادة من مصر نفسها ومن بينهم نائب الرئيس حسين الشافعي نفسه. ولاحقا الفريق الشاذلي الذي اتهمو قائد الجيش عبدالحكيم عامر .بالعبث بمصير الامه كلها .وهكذا فقد اضاعت تلك القياده المستهتره بذلك فلسطين كامله واراض مصرية وسوريه ايضا.
هذه قصة حرب حزيران باختصار شديد.. فليس الاردن الذي بدا وليس هو من قررها وليس هو من يتحمل نتائجها.. المسؤل الاول والاخير معروف ..كان في القاهره