د. ذوقان عبيدات
غالبًا ما يتغنى بعضنا- وخاصة من الكبار- بالمعلم القديم، حيث الهيبة والسلطة والمكانة، والقدرة
والمعرفة! ويتحسرون على معلم يمشي فيختفي الأطفال! ومعلم يدخل الصف فتتجمد المشاعر مع العقول، يعطي واجبًا يستهلك كل أوقات الطلبة! يعاقب بدنيًا ونفسيًا بقسوة بالغة! وقد قلت ذات يوم غير بعيد: إن أحسن معلم يعتدي بالضرب على جمهوره بما يفوق أسوأ شرطي.
ملأ المعلم القديم المدرسة والمجتمع بقيم دمرت الشخصية، وأنتج جيلًا لم يصمد
دقائق في حروب العدو أو التنمية! فرض نموذج الطالب العظيم بأنه المجتهد والهادىء والمؤدب، الذي “يمشي الحيط وقول يا رب الستيرة “لا يتدخل فيما لا يعنيه، لا يعرف سوى الله والوطن والدراسة!!، وبذلك يتحمل المعلم القديم مسؤولية
كل الهزائم النفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعسكرية! يتحمل مسؤولية أي انتهاكات لحقوق الإنسان!
هذا ليس كلامًا قاسيًا، ولكن أقول:
كان المعلم ابن عصره ومنسجم مع ثقافة ذلك العصر! ألم يقولوا
له: لك اللحم ولنا العظم؟ ألم يعطهم المجتمع تفويضًا على بياض؟ ولذلك لا عتب على معلم قديم!!
أما المعلم الحديث، فقد عاش بيئة وثقافة وقوانين وقيمًا مختلفةً ، عمل مع سلطة قليلة لا تكاد تتجاوز حق الدفاع عن النفس!، مراقَب ٌ ، متابعٌ، محسوبة كلماته وهمساته!
طالبنا المعلم الجديد بحقوق إنسان ولم نؤهله ولم نغير بيئة الصف! كان معلم زمان يعمل في بيئة راقية : عشرون طالبًا أو أقل،
مدرسة فيها حديقة، سلطة هائلة ، مكانة مرموقة ، فقد المعلم الحديث كل هذا حتى فقد نقابته التي تحميه، فانكشف عنه الغطاء! كان معلم زمان يعرف واجبه في تلقين الطلبة بالقوة، بينما معلمنا الحالي مطلوب منه أن يعلم التفكير
والحوار ولم نؤهله لذلك!!
نحن نتاج معلم قديم؛ لذلك
نقاشاتنا على حافة الهاوية!
نخاف السلطة، نداري الفضيحة’
علمونا الخوف فأتقنّا النفاق، !
المعلم الحديث أكثر مهارة ومعرفة من كل معلمي أيام زمان
ولكننا كمن:
ألقاه مكتوفًا وقلنا له
إياك إياك أن تبتل بالماء!
وفي النهاية ؛ المعلم ضحية النظام، والطالب ضحية الجميع
والخاسر هو مستقبل الوطن!!