وطنا اليوم:كشفت أوراق بحثية نشرتها صحيفة The Times البريطانية، السبت 27 مايو/أيار 2023، أن الذكاء الاصطناعي قد يقود ثورةً في علم الأرصاد الجوية من حيث الحصول على تنبؤات أكثر موثوقية.
فقد وصف بيتر دويبين، رئيس قسم نمذجة النظام الأرضي في المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى، جهود شركة “جوجل ديب مايند” على وجه التحديد بـ”المذهلة”. وقال: “لقد فاجأوا مجتمع الطقس والمناخ حقاً بمدى كفاءة هذه التنبؤات من حيث المبدأ. ثمة الكثير من الأمور تحدث الآن”.
كما نشرت شركة Atmo الناشئة ومقرها في سان فرانسيسكو، ما وصفته بأول تنبؤ طقس عالمي مباشر متوسط المدى، وكان يعتمد على نموذج ذكاء اصطناعي بحت، وبجودة عالية للغاية. فما هو وجه الاختلاف؟ يقول الخبراء إنه أرخص وأسرع ويتعلم من أخطائه، وقادر على التنبؤ بالطقس لكل شارع على حدة في السنوات القادمة.
تعتمد التنبؤات المناخية التقليدية على نماذج تستند إلى الفيزياء. يعني ذلك أنها تحل معادلات استناداً إلى تدفق الهواء والرطوبة والديناميكا الحرارية في الغلاف الجوي. لكن نماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة ما هي إلا محركات تنبؤ تعتمد على البيانات السابقة، وتحتاج إلى الكثير منها. يستخدم نموذج Atmo بيانات منذ عقود سابقة تصل مساحتها إلى 30 ألف تيرابايت، وهي مساحة تخزينية تسمح بتخزين 15 مليون فيلم أو 10 مليارات صورة.
قال ألكسندر ليفي، المؤسس المشارك لشركة Atmo، إن نماذج الذكاء الاصطناعي أكثر مرونة. وأوضح: “نظراً إلى أن هذا النموذج يعمل في ثوانٍ قليلة، وليس في ساعات، تستطيع الحصول على معلومات حول التنبؤ في وقت مبكر. أعتقد أن هذا هو التقدم الرئيسي هنا”.
وأضاف: “الحواسيب الضرورية لإصدار تنبؤ سريع سوف تكلف أولاً مليارات الدولارات. في حين أن هذا يمكن القيام به بصورة أرخص أو أسرع، أو كلا الأمرين معاً، أو بتفاصيل أكبر”.
تطور متأخر
يجذب الذكاء الاصطناعي أعين عمالقة التنبؤ بالطقس، مثل المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى ومكتب الأرصاد الجوية البريطاني، الذين كانوا أبطأ على صعيد تبني التكنولوجيا، بسبب ما يصفه ليفي بـ”القصور الذاتي”، برغم أنه أضاف أنه منح أملاً أيضاً للصناعة.
قال ليفي: “كان هناك نوع من الشعور العام بأن علم الأرصاد الجوية قد وصل إلى مرحلة عالية من النضج في الطريقة الكلاسيكية. ومن ثم أعتقد أن بعض الأشخاص كانوا يائسين من أنه سيكون من المستحيل بناء ما هو أبعد من ذلك. ولكن في الوقت حالي، مع وجود هذه المجموعة الجديدة من أساليب الذكاء الاصطناعي، أعتقد أن كثيراً منهم سوف ينظر إليها نظرة متفائلة، بوصفها طريقة لأداء الأعمال في الأعوام العشر القادمة”. وأضاف أن شركته Atmo لا ترى نفسها منافساً للعمالقة في هذا المجال، بل مقدم خدمات.
قال البروفيسور سيمون فوسبر، مدير العلوم في مكتب الأرصاد الجوية البريطاني: “إننا متحمسون لدمج المزايا القيّمة لهذه التقنيات ضمن تنبؤاتنا الجوية”.
فوضت شركة Atmo المصمم الأمريكي المولود في الدار البيضاء، فرانك ستيفنسون، الذي عمل على تصميم سيارات ميني، لتصميم حواسيبها الخارقة. ولدى الشركة طموح من أجل العالم النامي. إذ يمكن استخدام نموذجها عن طريق البلاد النامية بسبب أسعاره المعقولة، مما قد يساعدهم في تنبؤاتهم بالطقس. وأوضحت صحيفة The Times أن الحكومة الأوغندية أحد العملاء الفعليين للشركة.
لكن الذكاء الاصطناعي ونتائجه لا تكون جيدة إلا إذا كانت البيانات التي يستخدمها جيدة. قال كيران هانت، خبير الأرصاد الجوية الاستوائية في جامعة ريدنغ، إن إفريقيا ووسط آسيا وأمريكا الجنوبية لديها مستوى أسوأ من جمع البيانات بسبب قلة محطات الرصد وبالونات الطقس. فيما يمثل التغير المناخي قيداً آخر.
وأوضح هانت: “في الأعوام الـ10، والـ15، والـ20، نتوقع أن يستمر المناخ في التغير. نتوقع وقوع مزيد من الأحداث الشديدة، مثل الفيضان والجفاف. هذه الأحداث أيضاً ليست ضمن بيانات تدريب (الذكاء الاصطناعي)”.