وطنا اليوم – ما يزال على العهد وفيّا؛ مخلصا لرسالة الثقافة، ومتمسكا بأهمية نشرها في المجتمع، رافعا في الوقت ذاته، مشعل الشعر والأدب، يضيء به سماء عمان ويعطر أجواءها بجميل القوافي وعذب القصائد.
يأتي الظلام حينما يحلّ المساء، ولكن “مساءات أيار” على غير العادة، مضيئة بأقمار الثقافة ونجوم الشعر، ممن حلّوا ضيوفا على بيت الشعر الأردني، بيت حبيب الزيودي – رحمه الله – ضمن سلسلة أمسيات شعرية أطلقتها دائرة المرافق والبرامج الثقافية التابعة لأمانة عمان، فرسانها؛ قامات شعرية، حجزت لنفسها موقعا متقدما في المشهد الثقافي، ليس على المستوى الوطني فحسب، وانما على المستوى العربي أيضا.
تسع أمسيات، يفوح عبيرها يوم الخميس من كل أسبوع، تأتي ضمن الرزنامة الثقافية لصيف هذا العام، وتضم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية المتنوعة. وكان لبيت الشعر الأردني نصيب منها، إذ نظم اثنتين من الأماسي، ولا زال أريج الشعر عابقا بالمكان، ينتظر باقي الأمسيات.
الأول من أمس، كانت الأمسية الثانية ضمن الرزنامة الثقافية، ضيوفها ثلاث قامات شعرية باسقة، وهم: إسلام علقم، علي غبن، وأيمن الشريدة، قدمتهم الشاعرة والأدبية أميمة يوسف، التي أدارة الأمسية وسكبت، هي الأخرى، من عذب قصائدها على الحضور، فزاد الجمال جمالا وأصبحت الأمسية متوهجة بالألق والبهاء.
في بداية الأمسية، رحبّت الشاعرة أميمة بالحضور والشعراء على طريقتها الخاصة، فكان مما قالت: ” فادخلوا آمنين أجواء هذه الأمسية الأيارية، فإنكم ملاقون فيها من الشعر بهاء قوافيه، ومن الجمال حشود قبائله، وحلقوا مطمئنين في فضاءاتها،حيث الأفق الرحب يتسع لأعناق الزهور، لأجنحة الطيور، لعبث الفراشات، للنسمات العابرة، للشمس تفرد جدائلها في سماء عمان، ولقلوب تحتضن الحياة”.
وقت الأمسية كان قصيرا، لكنه كان كافيا، لرسم لوحة أدبية جميلة، غنية بالافكار والمعاني، وتفوح منها رائحة الإبداع. بدا ذلك واضحا من تفاعل الحضور، إذ لاقت القصائد استحسانهم وجذبت انتباههم، وشنّفت مسامعهم بحسن الإلقاء، حيث كانت مائدة الشعر عامرة، فالقصائد فيها ملونة، وتعالج موضوعات مختلفة؛ ذات أبعاد وطنية وقومية ووجدانية، كما أنها ثرية بالرمزية وغنية بالصور الشعرية، وأخآذة بالمفردة العذبة واللغة الرصينة.
رئيس بيت الشعر الأردني نضال السعود، أثنى على مشاركة الشعراء والضيوف، مؤكدا الاستمرار في تنظيم الأمسيات الشعرية، وفق برنامج الفعاليات في دائرة المرافق والبرامج الثقافية، انسجاما من رسالتة في دعم المسيرة الثقافية والأدبية على المستوى المحلي، ودوره في توفير فضاءات أمام الإبداع والنتاجات الأدبية.
يُذكر أن بيت الشعر الأردني، صرح ثقافي عماني، يتربع على جبل الجوفة، ويطل على المدرج الروماني والساحة الهاشمية، كما أنه يتميز بشرفات تحمل عين الزائر إلى مناطق عمان القديمة.