وطنا اليوم:تعدد اللغات حول العالم وتختلف فيما بينها باختلاف الشعوب والجغرافيا، ومن أبرز اللغات التي تشكلت عبر التاريخ نتيجة تقارب الحضارات هي اللغة المالطية.
يقول الطالب التونسي جميل بو سعيد: “إذا زرتَ مالطا لا تقلق، ستشعر أنّك في دولة عربية، وإذا احتجت إلى معاملات ماديّة، فالأرقام تُنطق بالمالطية كأنّها بالعربيّة تماماً”.
وأوضح: “هم يتحدثون العربية بلهجة أهل المغرب العربي لكنهم ليسوا عربا”.
دولة مالطا جزيرة صغيرة انضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 وأصبحت عضوة في منطقة شينغن عام 2007.
تقع مالطا في البحر المتوسط على بُعد 80 كم فقط جنوب إيطاليا، وهي واحدة من أصغر دول العالم وأكثرها كثافة سكانية.
وتُعدّ من أثرى الأماكن في أوروبا ثقافياً وتاريخياً ولغوياً.
تنتمي للاتحاد الأوروبي وإلى دول الشينغن، ومعظم سكانها يتكلمون اللغة العربية.
ويعتبر وجود اللغة العربية فيها نتاج تاريخي طبيعي.
واستناداً لمارتن زميت وهو أستاذ اللغة العربية بجامعة مالطا قام بترجمة القرآن الكريم إلى اللغة المالطية، يؤكد أن “العلاقة بين اللغتين المالطية والعربية تصل إلى حد التطابق بقواعد النحو والصرف وغيرها من قواعد اللغة.”
وبحسب زميت، فإن “الكثير من الكلمات الدينية المسيحية المالطية التي تُستخدم في القداس هي كلمات عربية إسلامية، بينما لا نجد ذلك عند مسيحيي الشرق الأوسط مثلاً.”
تاريخ اللغة المالطية
ويتابع الباحث: “مالطا دولة أوروبية لها لغتها المستقلة لكن أكثر من نصف سكانها يتحدثون اللغة العربية بلهجة بلدان المغرب العربي”.
كيف ذلك؟
تؤكد الأبحاث أن “تقارب الجزر التي تشكل مالطا لعب دوراً مهما على مدار عقود طويلة من الزمن في نقل اللغة بينها خلال تعاقب القوى المسيطرة على البحر المتوسط “.
وتوضح أنه و”على أثر التفاعل بين بلدان أوروبا الناشئة والثقافات العربية القديمة في إفريقيا والشرق الأوسط تم تشكيل المجتمع المالطي خلال قرون من الحكم الأجنبي من قبل قوى مختلفة كالفينيقيين والرومان واليونانيين والعرب “.
ويقول الكاتب والإعلامي المغربي عبد الرحيم التوراني يجهل الكثير من العرب أن أهل مالطا يتكلمون لغة قريبة من اللهجة العامية المغاربية، التي يصفها بعض الباحثين بكونها “لغة حاملة للتراث المغاربي”.
يتابع التوراني: “تم إحصاء ما يزيد عن 80 بالمئة من الكلمات والعبارات التي تتضمنها اللغة المالطية والمتأصلة من المعجم العامي العربي في المغرب والجزائر وتونس. ناهيك عن وجود العديد من أسماء المدن والقرى في مالطا التي هي أسماء عربية “.
ويضيف: “بالعودة إلى التاريخ نجد أن المسلمين دخلوا مالطا في نهاية القرن التاسع الميلادي، وبقوا فيها حوالي قرنين “.
ويستطرد: “وبالرغم من الانقطاع التاريخي لمالطا عن العرب والمسلمين، ودخول لغات أوروبية إلى هذه الجزيرة المتوسطية، إلى أن صارت اللغة الإنجليزية التي هي اللغة الرسمية لمالطا، إلا أن اللهجة العربية المغاربية بقيت لغة التخاطب والتواصل بين المالطيين، واللغة الأم المكتسبة بالفطرة خارج المناهج التعليمية في المدارس.”
ويختم التوراني يذهب المؤرخون إلى القول بأن المالطيين هم من أصل عربي، من بقايا العرب الذين عاشوا في الجزيرة منذ نهاية القرن التاسع الميلادي، والدليل على ذلك من لغتهم اليومية، المتأصلة من اللهجة العامية المغاربية، والتي تنطق باللهجة التونسية”.
ولغة مالطا الرسمية هي المالطية إلى جانب اللغة الإنجليزية كلغة ثانية في البلاد.
أصول اللغة
تعتبر اللغة المالطية من اللغات السامية الوحيدة في الاتحاد الاوروبي المكتوبة بالأحرف اللاتينية.
المالطية مشتقة من اللغة العربية القديمة الصقلية المنقرضة التي كانت قد انتشرت خلال الحكم الإسلامي لجزيرتي مالطا وصقلية الذي دام لأكثر من 350 عاما.
الوضح الحالي
تشكل المفردات العربية نحو 70 بالمئة من اللغة المالطية التي هي مزيج من العربية والإيطالية والفرنسية والإسبانية.
تأثرت بلهجات المشرق والمغرب العربي بسبب العامل التجاري والسياحي وتشبه اللهجة التونسية أكثر من أي لهجة أخرى