وطنا اليوم:أشعلت رئيسة المفوضية الأوروبية، “أورسولا فون دير لاين”، حالة من الغضب داخل الأوساط الفلسطينية والعربية بعد تصريحات استفزازية مجدت فيها الاحتلال الإسرائيلي، رغم جرائمه التي وثقت بالصوت والصورة من قتل وتدمير وحرق وتدنيس للمقدسات فاقت كل الخطوط الحمراء.
تصريحات “أورسولا” الأخيرة الصادمة لم تكن هي الوحيدة التي أشعلت حالة من الجدل والغضب، فتاريخها يشهد بالكثير من المواقف السياسية التي تحاول فيها “التملق” للاحتلال وتمجيد عدوانه وتصعيده بحق كل ما هو فلسطيني وحتى عربي منذ سنوات طويلة.
“إسرائيل حولت الصحراء إلى جنة”.. كانت هذه التصريحات لأورسولا كفيلة بان تقلب المنطقة رأسًا على عقب، لما تحتويه من “خبث السياسي والتضليل”، يستهدف الجميع منذ بدء الاحتلال لهذه المنطقة العربية، فاعتبرتها الكثير من الفصائل الفلسطينية بـ “المشينة والكاذبة وعديمة الحساسية”.
وزعمت رئيسة المفوضية الأوروبية أن إسرائيل حولت الصحراء إلى جنة، في إشارة إلى قيام دولة الاحتلال قبل 75 عاما، وبعثت فون دير لاين، في تسجيل مصور على تويتر، رسالة تهنئة، بمناسبة مرور 75 عامًا على قيام دولة الاحتلال، واصفة إياها بأنها “الديمقراطية النابضة بالحياة في قلب الشرق الأوسط”، مدعية أن إسرائيل جعلت “الصحراء تتفتح حرفياً”.
وتابعت: “قبل 75 عامًا، تحقق حلم بالتزامن مع عيد استقلال إسرائيل، وبعد أكبر مأساة في تاريخ البشرية، تمكن الشعب اليهودي أخيرًا من بناء منزل في أرض الموعد”.
أوساط عربية وفلسطينية انتقدت وهاجمت بشدة التصريحات الأوروبية، التي تجاهلت “النكبة” الفلسطينية، وتهجير الشعب الفلسطيني، ومأساته التي بدأت منذ احتلال أرضه.
ورفضت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية، واصفة إياها بأنها “غير مناسبة وكاذبة وتمييزية”.
واعتبرت الخارجية، في بيان، أن ادعاء المفوضة بأن إسرائيل جعلت الصحراء تزهر، هو خطاب دعائي، يجرد الشعب الفلسطيني من إنسانيته، ويمحوه، ويزيف تاريخه الغني وحضارته، كما أنه يبيض الاحتلال غير الشرعي ونظام الفصل العنصري، ويكرس لإنكار النكبة.
وأضافت أن التصريح يتعارض مع التزام الاتحاد الأوروبي بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، كما أن المواطنين الأوربيين يعارضون المحو العنصري للشعب الفلسطيني، حسب بيان الخارجية.
من جانبه قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، حسام بدران، على منصة تويتر، إن “تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية مليئة بالحقد والكره والعنصرية، وفيها كثير من الجهل بالتاريخ والواقع على أرض فلسطين”.
وأضاف بدران: “إنه موقف مثير للاستنكار والاستهجان، وتصريحات عدائية لشعبنا الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال منذ عام 1948. هذه المواقف تتعارض مع القوانين والمواثيق الدولية التي تجرم احتلال أراضي الغير والسيطرة عليها بالقوة كما فعل الاحتلال بأرض فلسطين”.
وأشار رئيس مكتب العلاقات الدولية في حركة “حماس”، موسى أبو مرزوق، إلى أن “تهنئة رئيسة المفوضية الأوروبية للاحتلال في ذكرى النكبة، ليست أكثر من حملة دعاية رخيصة لتبييض أقذر احتلال يستمر في القتل والعنصرية والعدوان منذ 75 سنة”.
وأضاف أبو مرزوق: ”شرقنا العربي سيعود مزدهراً بعد زوال الاحتلال الذي زرعتموه في أرضنا، والفتن والفرقة التي زرعها استعماركم لأوطاننا”.
بدوره أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن انتقاده الشديد للخطاب الذي أدلت به رئيسة المفوضية الأوروبية التي “هنأت به دولة الاحتلال الإسرائيلي”.
وأعرب أبو الغيط، عن انتقاده الشديد للخطاب الذي أدلت “به رئيسة المفوضية الأوروبية، بخصوص نشأة اسرائيل”، معتبرا أن “هذا الخطاب لا يعد فقط مسيئا للفلسطينيين ولمعاناتهم التاريخية منذ النكبة، وإنما أيضا يعكس تماهيا كاملا مع الرواية الإسرائيلية وهو أمر يدعو للأسف”.
ونقل المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، جمال رشدي، عن أبو الغيط، قوله: “إن تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية المهنئة لإسرائيل تجاهلت، على نحو كاشف، حقيقة الاحتلال وممارساته وسلب حقوق الفلسطينيين، وطردهم من أراضيهم، وغيرها من الممارسات المخالفة لمواثيق حقوق الإنسان التي يجب المسؤولون الأوروبيون دوما الإشارة إليها في أحاديثهم”.
واعتبر الأمين العام أن “مثل تلك المسارعة بتهنئة إسرائيل بما يعتبره البعض إنجازات تخفي إنكارا للظلم التاريخي الذي لا يزال يتعرض له الشعب الفلسطيني على يد الاحتلال الإسرائيلي بل ويعكس نظرة دونية لهم تكاد تبرر الاحتلال وتكرس سلب الأرض”.
وأشار المتحدث الرسمي بأن “رئيسة المفوضية تحتاج إلى مراجعة أمينة لموقفها خاصة وأن خطابها قد خلا من أية إشارة إلى ضرورة العمل على إنهاء الاحتلال وتسريع خروج الدولة الفلسطينية إلى النور”، مشيرا إلى أن “مثل هذه المواقف تشجع الحكومات الإسرائيلية على التمادي في مواقفها المتعنتة الرافضة لمنطق التسوية السياسية”.
من جانبها استنكرت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية التصريحات “المشينة، وعديمة الحساسية، والمضللة” التي تضمنتها تهنئة رئيسة المفوضية الأوروبية لإسرائيل.
وقالت المبادرة في بيان لها، إن تفوهات فون دير لين التي تحدثت عن تحويل “الصحراء إلى أرض مزدهرة” عبرت عن انحياز مخزي وتبني مطلق للرواية الإسرائيلية الكاذبة حول النكبة وما جرى لفلسطين وشعبها على يد الحركة الصهيونية في عام 1948 من مجازر وحشية وتدمير لأكثر 520 قرية وبلدة فلسطينية ومن تطهير عرقي أدى لتهجير 70% من الشعب الفلسطيني يمثلون اليوم سبعة ملايين لاجئ محرومين من حقهم في العودة إلى وطنهم فلسطين.
وقالت: إن وصف فون ديرلاين لإسرائيل بالديمقراطية يتجاهل كونها صاحبة أطول احتلال في التاريخ الحديث وطابعها العنصري البغيض الذي يتجسد في أسوأ نظام أبرتهايد عنصري في تاريخ البشرية أفرز حكومة فاشية يتربع على سدتها فاشيون مثل بين غفير وسموتريتش.
وأضافت المبادرة الوطنية أن “تصريحات فون دير لاين تمثل تمجيداً لنظام الاحتلال و”أبرتهايد” والعنصرية وفي الوقت الذي تتباكى فيه على القانون الدولي وحقوق الإنسان في أماكن أخرى من العالم”.
وقالت: إن السياسات الاستعمارية الدولية جعلت الشعب الفلسطيني ضحية تدفع ثمن ما ارتكب من جرائم اللاسامية والهولوكوست في أوروبا نفسها.
ويبقى التساؤل المطروح.. لماذا هذه التصريحات “المستفزة” الأن؟.. ومن المقصود بها؟