وطنا اليوم:الدّعوة التي وجّهها إيلي كوهين وزير الخارجيّة الإسرائيلي لطرفيّ “حرب الجنرالات” في السودان الفريق أوّل عبد الفتاح البرهان قائد الجيش و”الفريق أوّل” محمد حمدان دقلو (حميدتي) زعيم ميليشيا قوّات الدعم السريع، للاجتماع في القدس المحتلّة في إطار وساطة إسرائيليّة لوقف إطلاق النار، هذه الدّعوة تُمزّق الأقنعة عن عمالة الطّرفين لأمريكا ودولة الاحتِلال، وانخِراطهما في مشروعها العُنصري الاستِعماري التوسّعي، وعدائهما السّافر لكُل شيء اسمه عربي أو إسلامي.
من غير المُمكن أن يتقدّم كوهين بمِثل هذه الدّعوة، والوساطة التي ستتم في إطارها، لولا “حميميّة”، واستراتيجيّة العلاقات، وعُمقها، بين حُكومته وبينهما، فهذه خطوةٌ غير مسبوقة في التّاريخ، لم نتصوّر أنّنا في يومٍ من الأيّام سنُصدَم بها وتفاصيلها، ومن جِنرالاين يحكمان ويدعيان تمثيل الشعب السوداني الذي يُعتبر من أكثر الشّعوب العربيّة والإسلاميّة وطنيّة، ومُعاداة للعدوّ الإسرائيلي واحتِلاله للمقدّسات والأراضي الفِلسطينيّة المحتلّة وانتِصارًا للحق.
إنّهما، أيّ البرهان وحميدتي، كانا وما زالا، جُزءًا من المُؤامرة الأمريكيّة الإسرائيليّة التي من أبرز أهدافها تفتيت الدّول العربيّة وعلى رأسها السودان، ولا نستغرب أن المجازر التي ارتكباها في دارفور ربّما كانت مدروسةً، وبتخطيطٍ أمريكيّ إسرائيليّ لإضعاف السودان وتقسيمه إلى عدّة دول، ومسح هُويّته الإسلاميّة والعربيّة، وإرثه الجِهادي العريق في دعم المُقاومة الفِلسطينيّة وفتْح أراضي السودان، وخاصّةً ميناء بور سودان لتهريب السّلاح إليها، والأهم من ذلك تدمير جيشه الوطني، وتشويه صُورته، تمامًا مثلما حدث في العِراق.
وتتجسّد العمالة في أسوأ صُورها بتصريحٍ أدلى به يوسف عزّت المُستشار السياسي لحميدتي لقناة “كان” الإسرائيليّة يقول فيه “أقول للشّعب الإسرائيلي وحُكومته أن ما تتعرّض له الخرطوم، وقوّات “الدعم السريع”، هو هُجومٌ يشنّه الجيش، استغلّته العصابة الإسلاميّة الإرهابيّة”، ويُضيف “ما يتعرّض له السودان شِبه بما تعرّضت له إسرائيل آلاف المرّات من المجموعات الإرهابيّة مِثل “حماس” والمُنظّمات الأُخرى التي يعرفها الشعب الإسرائيلي جيّدًا”، والأكثر إيلامًا من كُل ذلك إزالة الجِنرال حميدتي كلمة “القدس” من شِعارها وعداء هذا المُستشار للشّعب الفِلسطيني الذي لم يُسيء له أو أيّ شقيقٍ سودانيٍّ آخَر.