** ممنوع من النشر حماية لمؤسسات “مصاصة دماء للفقراء”.
بقلم/ إبراهيم عبدالمجيد القيسي.
المنصفون؛ لا يعترضون على كيفية سلوك الناس في تنمية أموالهم وتكثيرها، وقالوا (من حكم في ماله ما ظلم)، ولا يحقدون على ثراء الناس لا سيما حين يبذلون جهودا ليجمعوا مالا حلالا، هو حقهم وثمرة جهودهم، لكنهم يعترضون على الاستبداد، أعني حين يستبد صاحب المال، ويحكم في الناس ويرسم على هواه وحسب رغباته.
الموضوع الذي يشغل بال “المديونين” للبنوك، متعلق بمسألة تأجيل الأقساط أو عدم تأجيلها، وكذلك بالنسبة للمديونين لأشخاص ومؤسسات، منشغلون بالتساؤل عن مصير أمر الدفاع المتعلق بحبس المدين، وإنني أدرك بأن تصنيف الأردنيين بين مديون وغير مديون، سهل للغاية، فالجميع تقريبا في ذممهم ديون، لكن في أعناقهم مسؤوليات، قد لا تخدمهم الظروف الحالية على القيام بها أو بنسبة مقبولة منها، لذلك كانت المسؤولية الاجتماعية مطلبا رئيسيا ومهما من الدولة لأصحاب المال والأعمال، فهم يستثمرون في بلد شعبه هم زبائنهم وعملاؤهم، لذلك يجب ان تتم أنسنة هذه الإستثمارات، لتحنو قليلا على قليلي الحظوظ والفقراء.
لا ننكر بأن القطاع الخاص يقدم إسهاماته في مجال المسؤولية الاجتماعية، وهناك مؤسسات تقدم في هذا المال أرقاما فلكية، وقامت الدولة مقابل هذا بتقديم تسهيلات لهذه المؤسسات، لسنا في وارد الحديث عنها، سيما وأن بعض هذه التسهيلات قدمت فرصة احتكارية لبعض هذه المؤسسات، فنمت واتسع نشاطها وأصبح كل مواطن في الأردن من زبائنها، بينما كان وما زال ممكنا أن يتم إخراجها من السوق وأن تتولى الدولة نفسها ومن حسابها الاستثمار في بعض القطاعات، فتقدم خدمة “رحيمة”، وتكسب مالا يدعم واجبها الكبير.
لا يختلف اثنان في الأردن على ضرورة أن تقوم البنوك على تقديم مثل هذه التسهيلات للناس، أعني تأجيل الأقساط المستحقة على المقترضين ودون التزامات جديدة عليهم، وليست كبيرة لا على مستثمر ولا على حارس مال بان يختصر السنة الى 10 أشهر بدلا من 12، فحقوقهم محفوظة، والمقترض لن يتمكن من الإفلات ولا حتى في حالة موته، فالمقترض يتم التأمين على حياته في حالة الوفاة، لتقوم شركات التأمين بدفع باقي المستحقات المالية في ذمته للبنك الذي قدم له قرضا، فلا مشكلة لو تخلت البنوك عن قسطين في كل عام وقامت بترحيلها لنهاية المدة، فهذا لن يؤثر عليها سوى بتأخير فترة السداد عاما ونصف في حال كان القرض على 10 أعوام، وذلك في حال استمرت لا قدر حال “العسرة” الاقتصادية التي تؤثر على البلاد والعباد.
بتبريرات تشبه الطلاسم والحزازير، قامت البنوك برفع أسعار الفائدة على المقترضين الذين أخذوا قروضهم قبل ان تقوم أمريكا برفع أسعار الفائدة، وأصبحت البنوك “تستبد” على الفقراء، وتأخذ منهم مالا إضافيا، ولا أحد يقتنع بأن هذا حق للبنوك، حيث أصبح بعض الأردنيين المقترضين “الأفراد” يدفعون أكثر من 100 دينار إضافية على أقساطهم لبنوك أردنية، لأن أمريكا في مأزق مالي!.. قرارات لن تقنع منصفا ولا حتى غبيا، ومع ذلك لم تقم الدنيا او تقعد بسبب هذا السلوك من مؤسسات مالية قوية تجاه فقراء لا يملكون حتى فرصة تغيير واقعهم، فهم مكبلون بوظائف لا يمكنهم تركها والبحث عن أفضل منها، بسبب ديونهم وقروضهم.
أكتب هذه المقالة قبل أن تسفر ما يسمونها ب”المفاوضات” التي يقوم بها نواب ومسؤولون مع جمعية البنوك من أجل تأجيل الأقساط عن شهر نيسان، وأتمنى أن يقرروا التأجيل، فكثير من الجهات ستصرف رواتب لموظفيها قبل حلول عيد الفطر، وهذه واحدة من تجليات المسؤولية الاجتماعية التي نتحدث عنها، ولو “نزلت” الرواتب قبل صدور قرار بالموافقة على تأجيل الأقساط، فستقوم البنوك وبشكل غير قانوني بخصم أقساطها عن شهر نيسان والتي تكون مستحقة حسب القانون في الاول من أيار، وليس خلال نيسان، حيث أصبحت البنوك تخصم القسط بمجرد نزول الراتب، وخلال ساعة واحدة، بينما يكون قد بقي أكثر من أسبوع على الاستحقاق، والأموال التي تحصل عليها البنوك من أرباح هذه الأقساط خلال أسبوع واحد كلها غير قانونية، وتوجب مساءلة هذه المؤسسات لو أنصفنا..
لكن الاستبداد يزداد ولن ننصف او نشعر بالإنصاف، ما دام المال يتوحش ويحكم في الناس ويرسم.
_