المؤسسات: العسكرية والتمثيلية والحزبية٢

13 أبريل 2023
المؤسسات: العسكرية والتمثيلية والحزبية٢

بقلم: د. ذوقان عبيدات

أوضحتُ في المقالة الأولى أن المؤسّسة العسكرية تسود المجتمع البدائي أو ما قبل المدني، وتستخدم تكتيكات القوة في تحقيق نجاحها. والمؤسّسة التمثيلية “البرلمان” تستخدم الكلمة “والخطابة وتحديد الكلمات في القوانين”، وربما البلاغة. أمّا المؤسّسة الحزبية، فتستخدم الرقم والعدد. فالحزب الأكبر هو الذي يحكم ويسيطر على المؤسّستين التمثيلية والعسكرية، فلا شيء خارج سيطرة الحزب الأكبر أو الأكثر عددًا. وكلما ارتقى النظام السياسي انعكس الترتيب من حيث الأهمية في السلطة، فالمؤسّسة الحزبية هي سيدة المؤسّسات! هذا طبعًا في الأنظمة الديموقراطية المستقرة، ففي الولايات المتحدة وبريطانيا وكل أوروبا الحكم حزبي، وكذلك في الهند واليابان والصين، وكما  يقولون: من ليس له كبير يشتري كبيرًا؛ لذلك اشترت الأنظمة الأخرى – وخاصة ً العربية – أحزابًا، وحكمت باسم هذه الأحزاب- ولو شكلًا.  فمنهم من اشترى ومنهم من ينتظر!

وانطلاقًا مما سبق، فإن  لكل مؤسّسة نشأة تاريخية، فالمؤسّسة العسكرية هي سابقة في نشأتها ووجودها، فمنذ المجتمعات البدائية هناك جنود يتصارعون، وحين  اكتشفت الزراعة، زادت أهمية العسكر في حماية المنتجات الزراعية، وتطورت المؤسّسة العسكرية لحماية الملوك وبناء الامبراطوريات، فكان جيش الإمبراطورية الرومانيه 300 ألف  مقاتل، ثم نشأ المسلحون تحت الطلب، والتجنيد، والتجنيد الإجباري، وانتشرت  الحروب المحلية والإقليمية والعالمية، وتوظيف العسكر لتحقيق أغراض الدولة.

  وخلافًا للمؤسّسة العسكرية، فإن المؤسّسة التمثيلية نشأت كفكرة في أثينا قبل الميلاد، وتطورت في القرن السابع عشر، والتاسع عشر على أيدي فلاسفة مثل: “هوبز ” “وجون ستيوارت مل ” الذي كان أول من تحدث عن حكومة نيابية؛ لمساعدة الملوك على التواصل مع شعوبهم. ثم تطور عمله ليصبح تشريعيا ورقابيا لحماية حقوق ممثليهم. ففي القرن السابع عشر تمكن البرلمان الإنجليزي من انتزاع صلاحيات الملك، وقد عمدت السلطات على توظيف البرلمانات والأحزاب لاحقًا لخدمة السلطة!! أمًا المؤسّسة الحزبية، فهي الأكثر حداثة وشبابًا، بدأت في القرن التاسع عشر والقرن العشرين وانتشرت في كل أنحاء العالم.

  وقد تم تنظيم العلاقات بين المؤسّسات حسب قوتها: فالمؤسّسة العسكرية  القوية توظف البرلمانات والأحزاب، بل وتلغيها وتجعلها دُمًى حلوة لا تأثير لها. لكن  حين يكون البرلمان قويّا والأحزاب قوية ، يكون الجيش تحت إمرتها، وينفصل الأمن عن الجيش لحماية السلطة المدنية. فالحكومة المدنية هي من يقرر، ويوحد الشعب؛ لأنها تمتلك السلطة، وكل أدوات الضبط: القوة  “الجيش”، والكلمة” البرلمان، والعدد “الأحزاب. وهذا الوضع هو قمة تطور السلطة حتى هذه الأيام. فحزب الأغلبية هو من يحرك البرلمان، والجيش والشعب! 

وفي المقالة التالية، سنتحدث عن تطبيق ذلك في العالم العربي والأردن؛ لنرى كيف تمت صناعة البرلمانات والأحزاب العربية، ولصالح مَن! ومَن لا يزال يمتلك السلطة!!!