أعلن مؤخرا، عن احالة مراسل في احدى الدوائر الحكومية، بجرم انتحال صفة مدير و الاحتيال على مكلف بمبلغ ( ١٨٠٠٠) دينار.
العنوان او المقدمة ، للتعريض بجهود مكافحة الفساد .
المراسل في الذهنية البيروقراطية ، هو عين و عين خطيرة ، هي لاتورث الرجل القبر و لا الجمل القدر ، و لكنها عين قد تفضي الى انهاء الخدمات ، او الاعفاء غير المشرف من الوظيفة ، فهو عين للرئيس ، وعين للاجهزة المعنية ، و عين الادارة العليا الخ.
كل ذلك جعل من المراسل شخصية يتفوق حجمها الاسطوري اضعافا مضاعفة على مسماها الوظيفي.
فهو ايضا سبب للترقية و الترفيع و ناقل سري لاهم المعلومات ، وهو بحكم ذلك شخصية مهمة يسعى الجميع في القطاع الحكومي الى رضاها ان لم يكن لما ذكر من اسباب فأقله لاحتساء فنجان قهوة مزبوطة على وجه الصبح .
اعود لموضوع المقال ، فالقضية التي اعلن عنها مؤخرا ، تشي تفاصيلها بعقلية سائدة تسعى لانهاء عقبات قانونية قد تواجهها مع مؤسسات حكومية ، عبر الطرق الملتوية للواسطة اعتقادا منها انها اسرع الطرق .
كمحام امضى ربع قرن في هذه المهنة اختصمت فيها سلطة الماء و الكهرباء ، و امانة عمان ، و مصلحة الضريبة وهلم جرا ادرك تماما ان الملاذ الشرعي الوحيد للتظلم هو التظلم الاداري و القضائي .
لاشك ان اعباء هذا الطريق القانوني اكبر من حيث الوقت و الجهد ، و لكنه طريق شرعي و مشروع .
تستفز غريزتي القانونية ، عندما اعرض لمشكلة واجهها مستثمر ، واسمع الاجابة السطحية ( واسطة بتحلها)
في كل الخصومات التي مثلت فيها وكيلا انا او غيري من الزملاء فرسان القلم ، نخوض خصوماتنا ولدينا يقين قانوني ان الواسطة بعيدة كل البعد عن مسار التظلم الشرعي وهو القضاء .
وارجو من الله ان ياتي اليوم الذي يتم فيه اشهار منصة توعوية لحجم الاحكام القضائية التي تنصف المظلوم في مواجهة شخصيات اعتبارية لها وزنها الاقتصادي و السياسي و الادراي الثقيل ، و لكنها لا تملك الا الخضوع و الامتثال لسلطة القضاء و احكامه دون اي تدخل ، لان من شأن انشاء منصة تقوم بهذا الدور ان تبصر المواطنين بالطريق الصحيح ، لنيل حقوقهم.
اما آن لهذه المنصة ان تشهر !!، بعيدا عن الدعاية للافراد ، لان الهدف النبيل هو غرس بذرة الثقة بمؤسسة الشرعية في كل نظام ديموقراطي.
ألم يأن ذلك !
بلى قد آن بلى آن و الله المستعان