وطن على شجرة ( لمن يقرأ )

8 مارس 2023
وطن على شجرة ( لمن يقرأ )

بقلم : سهل الزواهرة

التسلق إما أن يكون لهوايةٍ ما أو لهروبٍ من خطر داهم ، و من البديهي أنَّ من يتسلق شجرة هو حتمًا قادر على النزول عنها إذا ما بردت جذوة الهواية لديه أو زال الخطر عنه ، و التسلق عمليًا محصور بالكائنات الحية أو بعضها و الإنسان منها، فإذا قيل لنا أن قردًا أو فلانًا تسلق شجرة فلا عجب ، ولكن هل سُمِع يوما عن وطن تسلق شجرة !!!! نعم هناك أوطان تسلقت شجرة ليس بحثًا عن العلياء بل هربًا من نفسها و ربما بحثًا عن ذاتٍ أُريد لها أن تبقى تائهةً و ملاذًا لِكل ضال، و المفارقة أن أهلها تاهوا بها و عنها !!! بكل الأحوال الشجرة ليست مكانًا ملائمًا للأوطان .

عندما تشيخ الأوطان و تبدو علامات الهرم على ملامحها و يزداد التذمر حريٌّ بمن يمتلك الزمام أو يحوز القرار أن ينقلب على نفسه و على الطريقة المُستهلكة التي يسوس بها الخلق بارتدادةٍ عريضة مُنزهة عن الضحك على الذات و التذاكي على الخلق و بالاعتراف أن القصة ليست لون الرداء و لا طرازه ، فلا جدوى ما دام الجسد الذي يُفصَّل له كل تلك البهرجة قد ثبت أنه قد تجاوزه الزمان و المكان و الإنسان .

الأوطان ليست مسارح لاختبارات الأداء و التجريب اعتمادًا على هوى مراهق أو نزق نازق أو إعلان عن شاغر صيغت بنوده وفق شروط لا تنطبق إلا على آل الحظوة المُتسللة أو التبصيم النفعي أو من باع من أهل الدار و المرعى ، و هذه النُهج في الصدارة و التصدير لم تكن يومًا و لن تكون إلا كمثل حجر ثقيل حاد أينما اصطدم ترك أذىً و أورث عطبًا و لن يسلم منه رأسٌ و لا قدم .

أنكى الصور و أشدها انفصاما خروج خراف التنفع بمأمأة نشاز تضرب الآذان و الواقع مُبشرة بسمن و عسل و ضاربة مقارنات بلهاء تجميلًا لحالٍ لا يختلط بؤسه على عقعق ، مفهوم و مذموم لدي أن أهل المصلحة يُجمِّلون الانحدار فهُم في أحسن الأحوال ضيوف ساعة و إذا أقبلت الطُمَم ستراهم سِراعًا قِبلَتهم أرصدتهم أينما كانت ، الغير مفهوم كيف ينساق ابن الدار صِفْرُ المنفعة فيُجير ضميره و أنامله دفاعًا و حَميةً عن كل تلك الخِدع البينة و المراهنات المكشوفة و التي لن تلد إلا أجنةً مُسوخًا تقتاتُ على الفوضى و تسمَنُ بالإبدال و الإحلال ، و عندئذ ستطير الخيول العِتاق من اسطبلاتها المرهونة و لها عوض الصهيل صُراخ يتردد صداه في عروق آدوم و أخواتها ، صراخٌ بالكاد تَفِر منه على عَجلٍ بضعة حروف لتصدح : ” أضاعوني و أي وطن أضاعوا ….