أيهما أشد حاجة إلى الآخر : الحكومة أم الصحافة ؟

25 فبراير 2023
أيهما أشد حاجة إلى الآخر : الحكومة أم الصحافة ؟

 

سلمان الحنيفات

يظن بعض الناس أن الصحافة أشد حاجة إلى الحكومة ويظن آخرون أن العكس هو الصحيح والحقيقة أن كلا منهما محتاج إلى الآخر بدرجة واحدة فالصحافة تحتاج إلى الحكومة لتزويدها بالأخبار التي يريد أن يعرفها الناس فخير للصحافة والحكومة إذن أن تكونا على اتفاق دائم يسمح بتبادل الأخبار والأفكار لصالح هؤلاء الناس ، أما الخلاف بين الجهتين فإنه يفوت على الجمهور فوائد كثيرة ويعوق سير التقدم المنشود من جانب الصحافة وجانب الحكومة .
‏لنفرض انه حكومة من الحكومات طلبت من صحيفة من الصحف واسعة الانتشار أن تنشر في صفحتها الأولى خبراً هاماً من الأخبار لنفرض انه نوع من سوء العلاقة كان واقعا بينهما آن ذاك فإن في وسع الصحيفة الواسعة الانتشار في هذه الحالة أن تمكر للحكومة وتعتذر لها من نشر هذا الخبر او ذاك في موقع معين بالذات متعللة في ذلك بسبب من الأسباب الفنية التي لا تنكرها الحكومة.
‏في مثل هذه المعاملة تستطيع الحكومة ان تعامل الصحف ولكن على حساب من كل ذلك لا شك انه على حسب الجمهور القارئ فقط وهذا ما لا نحب مطلقا أن تصل إليه مهمة الإعلام في بلد من البلاد .

ان الحرية بالقياس إلى الصحف بمثابة الغذاء بالقياس إلى اجسام البشر واما الرقابة في وصفها النزيه فهي بمثابة الدواء ‏او الحمية التي تضطر إليها بعض الأجسام في حالات طارئة هي حالات المرض الذي لا ريب فيه ، أن الأجسام التي تعاف الدواء محموم عليها بالازمان في المرض على حين أن الأجسام التي تروض نفسها على قبول الدواء سرعان ما تتخلص من هذا الذي طرأ عليها وهو المرض.
‏ذلك بالضبط هو موقف الحكومة الرشيده من الصحافة الرشيده في الحالات الاستثنائية التي منها حالة الحرب الباردة وحالة الحرب الساخنة وحالة الثورات والانقلابات التي تهدف إلى صالح المجموع والحالة التي تشعر فيها أُمه من الأمم بأنها تبني نفسها من جديد و أنها لابد أن تحيط نفسها في فترة البناء بسياج من القوانين الضرورية لحماية المبنى من السقوط والانهيار .
وفي شيء من الدقة والسلامة التامة نستطيع أن نقول بأن لكل شعب من الشعوب في فترة من فترات التاريخ وصفا يختلف كل الاختلاف عن أوضاع الشعوب الأخرى في نفس هذه الفترة ‏كما يختلف في الوقت نفسه عن أوضاع هذا الشعب في فترات تسبق هذه الفترة وعلى العقلاء في الأمة أن يكونوا كالأطباء سواء بسواء ، فلابد له من الدقة في تشخيص الحالة التي عليها الأمة في وقت معين وتحت مؤثرات معينة.

‏على الحكومات من الجانب الآخر أن تسير في نفس الطريق وتظهر بمظهر الطبيب البارع الذي يسقي ‏المريض دواء خالصا ويلزمه غذاءً خاصاً ويظل على هذا النظام من العلاج حتى تزول الحالة المرضية التي من أجلها خضع لهذا النظام.
منقول من كتاب أزمة الضمير الصحفي
للدكتور عبداللطيف حمزه.