وطنا اليوم – كانت بلاد الشام تزخر بالمراكز العمرانية الكبيرة التي توالت عليها حضارات وشعوب مختلفة. وهي تعرضت لكثير من الزلازل على مرّ العصور، فتدمرت بعض مدنها وهلك من أهلها كثيرون. وكان الأقدمون يلجأون الى المساجد والمعابد ويبتهلون الى الله ليرفع عنهم تلك الشدائد. وفتكت بالمنطقة موجة من الزلازل المتتالية بين القرن الثامن والقرن الثاني عشر، أثرت في ديموغرافيتها وعمرانها، إذ دمرت معالم كثيرة واختفى بعضها تماماً أو أصبح أكواماً من الحجارة. وهلكت أعداد كبيرة من الناس، مما أثر في الحياة الاقتصادية والزراعية والاجتماعية والثقافية. وكان للزلازل التي أصابت الأردن وفلسطين في العصرين الأيوبي والمملوكي أثر كبير في السكان والعمران.
.
تاريخياً حدث في بلاد الشام زلازل مدمِّرة كثيرة ومن اقدم التسجيلات لهذه الزلازل أعوام ( 1365 ق.م، 1050 ق۔م، 759 ق۔م، 525 ق۔م، 138 ق۔م، 64 ق۔م، 31 ق۔م، 30 م، 115 م، 306 م، 363 م، 419 م، 447 م، 498 م، 551 م، 631 م، 658 م، 749 م، 847 م، 1033 م، 1042 م، 1068 م، 1138 م، 1160 م، 1170 م، 1182 م، 1202 م، 1293 م، 1458، 1546 م، 1759 م – 1822 م، 1837 م، 1856 م، 1927 م)
لكن أقواها الزلازل العنيفة والكارثية في الأعوام التالية: 363 م، 551 م، 749 م، 1033 م، 1068 م، 1170 م، 1202 م، 1549 م، 1759 م، 1837 م.
.
زلزال الأردن عام 363 م:
زلزال مدمر وشديد وقع هذا الزلزال يوم 9 مايو/إيار 363 ميلاديّة وامتدت آثاره من منطقة الجليل شمالا حتى خليج العقبة جنوبا، وتسبب بدمار معظم البتراء أضافة لدمار لأضرار كبيرة للعديد من المدن مثل جرش وجدارا “أم قيس” شمال الاردن والعديد من المدن الفلسطينية (بعد عثور علماء الآثار في البتراء على نقود برونزية تحمل صورة الإمبراطور الروماني قسطنطين الثاني سكت عام 354 ميلادية، اعتبر هذا دليل لا يمكن أن يكون الزلزال المدمر للبتراء قد حدث قبل ذلك.
.
زلزال بيروت عام 551 م:
وقع هذا الزلزال يوم 9 يوليو/تموز 551 ميلاديّة، قرب مدينة بيروت في لبنان، وقدّرت قوته بـ 7.5 درجة على مقياس ريختر، وأسفر عن مقتل أكثر من 30.000 شخص في بيروت لوحدها، وامتدت الاضرار من طربلس شمال لبنان وحتى وادي الأردن والبتراء جنوب الأردن، إضافة إلى تشكُل امواج المدّ البحري تسونامي على مناطق واسعة من الساحل اللُبناني من طرابلس وحتى مدينة صور حاصدةً المزيد من الضحايا.
.
زلزال غور الاردن 749 م:
يُعتبر هذا الزلزال حدثاً مُظلماً في تاريخ المنطقة، حيثُ ضربت هزة أرضية كارثية منطقة غور الاردن يوم 18 يناير/كانون الأول 749 ميلاديّة مُدمرةً كامل مُدن طبريا وبيسان واريحا وبيلّا “طبقة فحل” وجرش وفيلادلفيا “عمّان”، بينما العديد من المناطق الاخرى في بلاد الشام التي اختفت من شدّة الدمار ليتركها مُعظم من تبقى من أهلها و تتحوّل إلى آثار، وكان مركز الرلزال منطقة أريحا وقوته 7.3 درجة على مقياس ريختر وأسفر عن مقتل عشرات الالآف، وتوجد أدله على ضرب شواطئ البحر الميت من قبل التسونامي المرافق للزلزال.
.
زلزال غور الأردن 1033 م:
هزات أرضية عنيفة وقوية متتالية كان مركزها غور الأردن واستمرت أربعين يوما شعر بها الناس من جنوب تركيا إلى شمال مصر، أدت إلى دمار مدينة طبريا واريحا بالكامل وتهدم أجراء كبيرة من المسجد الأقصى وأسوار القدس وأدىت الى انحسار المياه على شاطيء البحر الأبيض المتوسط لمدة ساعة تلاها تشكُل امواج المدّ البحري تسونامي مسببة المزيد من الضحايا والدمار.
.
زلزال العقبة عام 1068 م:
زلزال مدمر وشديد وقع هذا الزلزال يوم 18 مارس/آذار 1068 ميلاديّة، مركزه خليج العقبة قوته 7.0 درجة على مقياس ريختر، دمر مدينة ايلة في العقبة وانخسفت ولم يبق منها سوى آثار قليلة، ولقد بلغ عدد الضحايا الذين سقطوا 20,000 شخص. وامتدت آثاره المدمرة إلى فلسطين حيث قتل في رام الله 15,00 وتسبب بانزياح سقف قبة الصخرة، وغريا تسبب في أضرار في القاهرة حيث سقطت أجزاء من جامع عمرو بن العاص، وجنوبا تسبب بدمار في الجزيرة العربية، وشمالا حتى بانياس السورية حيث قتل 100 شخص، إضافة مناطق أخرى شرق البحر الأبيض المتوسط.
.
زلزال حلب 1138 م:
وقع بالقرب من مدينة حلب شمال سوريا في 11 نوفمبر/تشرين أول 1138 ميلاديّة، هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية صنفت زلزال حلب 1138 كرابع أخطر زلزال في التاريخ. ولقد بلغ عدد الضحايا الذين سقطوا 230,000 قتيل وقدرت شدة الزلزال 8.5 على مقياس ريختر.
.
زلزال شمال الأردن 1170 م:
زلزال عظيم متتابع وقع يوم 29 يناير/كانون الأول 1170 ميلاديّة، عمّ بلاد الشام وكان مركزه شمال الأردن، ترافق الزلازل بهزات متلاحقة كان بعضها متواصلاً ليلاً ونهاراً واستمر نحو أربعة أشهر، مما أتى على دمار كبير في معظم المدن الاردنية. وقُدرت بعض المصادر قوته بنحو 7 درجات على مقياس ريختر، وامتد تأثير الزلزال من شمال الجزيرة العربية جنويا إلي الموصل في العراق وحلب في سوريا وطرابلس في لبنان شمالا، ومما ذكر أنه أدى إلى مقتل حوالي 25.000 شخص في حماه وحوالي 80.000 في حلب، دمار طرابلس.
.
زلزال سوريا 1202 م:
وقع هذا الزلزال المُدمر بتاريخ 20 مايو/أيار 1202 ميلاديّة، في جنوب غرب سوريا وقُدرت بعض المصادر قوته بنحو 9 درجات على مقياس ريختر، ويعتبر الزلزال الأقوى على الاطلاق في المنطقة حيث شعر به الناس من إيران شرقاً وحتى الأندلس غرباً، وقارب عدد الضحايا قارب المليون ومائة ألف شخص، وقد نتج عن الزلزال امواج مد بحري “تسونامي” ضربت أجزاء واسعة من السواحل القبرصية وسواحل بلاد الشام.
.
* زلزال فلسطين 1546 م:
وقع يوم 15 يناير/كانون الأول 1546 ميلاديّة، وقُدرت قوته بنحو 6 درجات على مقياس ريختر، ووصل عدد الضحايا إلى المئات، وقد نتج عن الزلزال توقف جريان نهر الاردن لمدة يومين، امواج مد بحري “تسونامي” ضربت أجزاء واسعة من سواحل بلاد الشام.
.
* زلزالي بلعبك وبيسان 1759 م:
هزات أرضية عنيفة شملت جزء كبير من بلاد الشام (سوريا ولبنان والأدن وفلسطين) واعتبر ثاني أكبر زلزال بالمنطقة بعد زلزال 1202، وقع الزلزال الأول يوم 30 اكتوبر/تشرين الأول 1759 ميلاديّة، ومركزه وادي البقاع اللبناني بلغت قوتها 7 درجات بمقياس ريختر، وأسفر عن مصرع نحو 40 ألف شخص في المنطقة المحيطة بـ” بيروت” لوحدها. والثاني يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1759 ميلاديّة وكان مركزه شمال فلسطين وتركزت أبرز أضراره في منطقة بيسان، وتلته أمواج مد “تسونامي” من بحيرة طبريا، مما أدى إلى تدمير نحو 20 قرية فلسطينية حول البحيرة ومقتل حوالي 40.000 شخص آخرين.
.
* زلزال صفد 1837 م:
هزة أرضية قوية ضربت منطقة الجليل وغور الأردن يوم 1 يناير/كانون الأول 1837 ميلاديّة، كان مركزه شرق مدينة صفد وقدرت شدته بين 6.5، 7.3 على مقياس ريختر. دمر هذا الزلزال مدينة صفد بالكامل والعديد من القري العربية المحيطة وأدى إلى مقتل 5-7 آلاف شخص 700 منهم في مدينة طبريا. أمتدت آثار الزلزال الى مناطق بعيدة نسبيا عن مركز الزلزال.
.
* زلزال نابلس 1927 م:
زلزال كبير ضرب منطقة نابلس صبيحة يوم الأثنين 11 يوليو / تموز 1927 ميلاديّة وأثر بشكل كبير على مناطق فلسطين والأردن. بلغت شدة الزلزال 6.2 درجة على مقياس ريختر وتم تحديد مركزه لاحقا قرب جسر دامية في غور الأردن على بعد 25 كيلو مترا شرق نابلس، وأودى بحياة 300 شخص، وحدث دمار كبير لمدن مختلفة، مثل: الرملة، نابلس، القدس، وطبريا.
.