وطنا اليوم:تتصاعد وتيرة تبادل الاتهامات في الكيان بيم مؤيّدي الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو وزمرة العنصريين والفاشيين بالائتلاف الحاكم، وبين القوى اللبراليّة في المجتمع الصهيونيّ، فيما يُحذّر العديد من الخبراء والمُحللين من أنّ الانقسام داخل المجتمع الإسرائيليّ قد يقود في نهاية المطاف إلى حربٍ أهليّةٍ بين المُعسكريْن، في حين تزداد الأصوات التي تُطالِب بالهجرة من إسرائيل على خلفية تردّي الأوضاع المعيشيّة والاقتصاديّة وقيام العديد من المُستثمرين الأجانب بسحب أموالهم من دولة الاحتلال بسبب سياسات الحكومة وسعيها الحثيث لإحداث انقلابٍ يقود الكيان ليكون دولةً دينيّةً وعنصريّةً.
وانضمّ رئيس (الشاباك) الأسبق يوفال ديسكين إلى المُعارِضين العنيين لنتنياهو وحكومته، وقال في مقالٍ نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة إنّه “إذا لم نوقف هذا السباق المجنون الذي يقوده رئيس الحكومة المتهم جنائيًا، والذي تجري محاكمته، فإنّه سيقود الدولة إلى نهاية الدولة الديمقراطية اليهودية”، لافتًا إلى أنّ “الدولة قد تبقى، لكنّها لن تكون الدولة التي أسّسها آباؤنا، ولن تكون الدولة التي تشكل وثيقة الاستقلال نبراسًا لها، الدولة التي قاتلنا من أجلها، أنا ورفاقي، عشرات الأعوام”.
وتابع: “التظاهرات هي مصدر قوة النضال وشرعيته. لكن في حالة الطوارئ يجب أنْ نتخذ خطوات أكثر حزمًا ووضوحًا”، لافتًا إلى أنّ “السبيل الأفضل والأسرع هو تعطيل الدولة أوْ أجزاءٍ منها من خلال الإضرابات، ومن الأفضل أنْ يحدث هذا بواسطة نقابة العُمّال (الهستدروت)، وإذا لم يحدث، يجب أن نفكر بأفكار خلّاقة من أجل تعطيل الدولة”.
وشدّدّ رئيس الشاباك السابِق على أنّ “مثل هذه الإضرابات سيوضح “للأغلبية” أنّ “الأقلية” في قطاعات حيوية في الدولة، والتي تعارض الانقلاب على القضاء والنظام، هي في الحقيقة “الأغلبية” التي تتحمل العبء، هم العاملون في مجال الهاي – تك، الأطباء، المحامون، الأكاديميون وغيرهم، مُضيفًا أنّ “هناك أقلية أُخرى مستهدَفة من اليمين المتطرف هي الأقلية العربيّة التي تشكل قرابة 20 بالمائة من السكان. وتدل الأرقام الأخيرة الصادرة عن وزارة الصحة أنّ هذه الأقلية تشكل تقريبًا نصف الذين يحملون رخصة مزاولة الطب، ونصف الممرضين والممرضات الجدد، وأكثر من نصف أطباء الأسنان والصيادلة”.
ديسكين رأى أنّه “في المحصلة، مواطن من مجموع اثنيْن لم ينتخب هذه الحكومة السيئة، وقوّة هذه “الأقليات” كبيرة، وبواسطة الإضرابات، يمكن أنْ نظهر بصورة لا تحتمل الجدل أنّه لا يمكن إدارة الدولة بنصف الشعب”.
ومضى قائلاً إنّ “الديمقراطية هي القاسم المشترك الأساسيّ الذي يمكن التوافق عليه بين كلّ شرائح المجتمع والشعب، وهي الأساس الذي يسمح بوجود المجتمع الإسرائيليّ بكلّ مكوناته، وأنْ يكون جزءًا من العالم المتنور الذي نريد الانتماء إليه. والضرر الذي لحِق بهذه الأسس كما بدأ مع إصدار (قانون القومية) العنصريّ، هو كارثيّ”.
وزعم ديسكين أنّ “الديمقراطية الحقيقية والقوية هي أقوى سلاح لنا في الجوار الشرق أوسطيّ الصعب الذي نعيش فيه، لأنّها هي التي تجعلنا مختلفين عن الدول التي تحيط بنا، وتميزنا أخلاقيًا، ولا تقل أهمية عن تفوّقنا التكنولوجيّ والعسكريّ”.
ونبّه رئيس الشاباك الأسبق من أنّ “سلطة القانون التي خسرناها في فترة حكومات نتنياهو هي ضعف حوكمة السلطات في الدولة، وخلال سنوات حكمه، أصبحت الدولة ممتلئةً بالسلاح غير القانونيّ، ومصابة بداء الجريمة والقتل والعنف على الطرقات، دولة تحكمها فعلاً عائلات الجريمة ومنظماتها”.
واختتم ديسكين مقاله، الذي نقلته للعربيّة مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة بالقول “إنّ النضال الذي نخوضه يجب أنْ يكون بوتقة صهر تؤدي إلى إعادة ولادة القوى الليبرالية الصهيونيّة التي تعرف دورها التاريخيّ في الحفاظ على الصهيونية في إسرائيل، وهذه القوى الليبرالية ستظهر من خلال الاحتجاج، وستساهم في نمو كادرٍ قويٍّ من المناصرين والزعماء، يكون قادرًا على إعادة الدولة العبريّة إلى المسار الذي رسمته وثيقة الاستقلال”، على حدّ تعبير المسؤول الأمنيّ الإسرائيليّ السابِق