بقلم زهدي جانبك
في خلفية الاحداث (اية احداث) نجد فرقة الاوركسترا دائما حاضرة لتشجينا بالحانها العجيبة. فمرة تبكينا ومرة تضحكنا، ومرة تشركنا معها دون ان يكون بايدينا ما يصدر صوتا سوى التصفيق، فنصفق، ومرة تفرض علينا صمتا فلا ننطق حتى همسا.
الاوركسترا غالبا تتكون من عشرات الموسيقيين بآلاتهم الموسيقية المتعددة الانواع فمنها الات النفخ مثل المزمار والبوق (ومنها جاء مصطلح ابواق السلطة) ومصطلح (مِزْمَارُ الْحَيِّ لا يُطْرِبُ)، ومنها الآلات الوترية مثل العود (ومنها جاء مصطلح: فلان عويد) ومنها الات الايقاع مثل الرق والطبل الكبير (ومنها جاء مصطلح فلان طبال، ومصطلح التطبيل)…وكل منهم يقوم بوظيفته المرسومة …بالقدر المحدد والوقت المحدد..
الاوركسترا تبدأ حفلها الموسيقي بمقدمة تسمى بالسيمفونيات ( وهي تعني الصوت الجماعي) … هذه السيمفونيات كانت تستخدم قديما كافتتاحية للحفل الرئيسي (الحدث الرئيسي) … وغالبا كانت ثلاثية الالات الى ان تم تطويرها لتصبح رباعية الالات (ومنها جاء مصطلح اللجنة الرباعية) … ويمكن ان نتذاكى ونقول انها على نسق رباعيات الخيام … من اشهر السيمفونيات تلك التي كتباها بيتهوفن وموزارت … وهذا الاخير اضاف آلة خامسة الى رباعيته التي أسماها رباعية الكلارينيت… طيلة تلك العصور كان كاتب السيمفونية شخص واحد …هو المؤلف … وهو يختار الالات (الكلاسيكية مثل البيانو والقانون) او الحديثة مثل الاورغن. واستمرت السيمفونيات في الانتشار لتصبح من أساسيات الحفلات الأوركسترالية, فلا يوجد حدث رئيسي الا وترافقه سيمفونية معروفة لدينا بالاتها وادواتها وعازفيها.
الاوركسترا لها قائد …نراه على المسرح … يحرك يديه ورأسه …وعصاه الصغيرة ليأمر ذاك اللاعب (العازف: الطبال، الزمار، العويد … الخ) ليبدأ العزف، او يوقف العزف، او يرفع الصوت او يخفضه ، يأمر فردا معينا ، او جماعة معينة، او كل الاوركسترا بالعزف معا او التوقف معا…. عصاه الصغيرة مثل العصا السحرية …. ونحن نراه يتحرك ويصدر الاوامر فنحسبه هو الآمر الناهي على المسرح… فاذا التفت الينا (نحن الجمهور) وامرنا بايماءة خفيفة من رأسه ان نصفق فنحن نصفق بحرارة… واذا امرنا ان نصمت ، صمتنا ، لنستمتمع بالاستماع اليه …فهو قائد الاوركسترا….
يكاد جلنا ان لم يكن كلنا ، يجهل من هو كاتب المسرحية الموسيقية … مع ان قائد الاوركسترا على المسرح لا يحرك يداه او عصاته الا بناءا على ما هو مكتوب امامه ولا يمكنه ان يخرج عن النص المكتوب نهائيا….
ومع كل ذلك فنحن نركز كثيرا على معرفة كاتب السيمفونية التي تسبق الحدث الرئيسي دائما … ونلتهي بهذه السيمفونية وبمعرفة الاتها وادواتها ومؤلفها … مع ان قائد الاوركسترا على المسرح يقود الفريق الرباعي أو الثلاثي لعزف السيمفونية وفقا لما هو مكتوب امامه تماما كما يقود الفريق كله لعزف المسرحية الموسيقية الرئيسية…. وفقا لما هو مكتوب امامه ايضا.
تغيير السيمفونية المتكررة او المقطوعة الموسيقية كلها لا يمكن الا بتغيير كاتب السيمفونية وكاتب المقطوعة الموسيقية … ان تغير المؤلف (الكاتب) ، سيتغير الصوت وتتغير الادوات ويتغير العازفون … وعندها فقط يمكن ان نستمع لصوت الربابة والناي مثلا دونما حاجة الى عصا قائد الاوركسترا، فاللحن معروف لنا والعازف معروف والربابة ربابتنا ، ان اردنا عزفنا او توقفنا عن العزف ، وان ضعفت ارادتنا اركينا ربابتنا واستمرأنا العصا الصغيرة السحرية بيد قائد الاوركسترا ليعزف لنا ما هو مكتوب له تماما … وليس علينا الا ان نستمع ونصفق عندما يأمرنا بذلك بإيماءة خفيفة من رأسه.