وطنا اليوم:شكلت الحكومة ظهر الأحد خلية أزمة لادإرة المواجهة مع نقابة سائقي الشاحنات التي أعلنت اضرابا شاملا في مختلف انحاء المملكة عن تحريك الشاحنات والقيام بواجبات النقل واضعة السلطات المختصة ووزارة النقل امام خيارين لا ثالث لهما اما رفع أجور النقل والشحن على الخطوط البرية الداخلية والمتصلة بطبيعة الحال في العديد من دول الإقليم والجوار او تخفيض اسعار الوقود .
بالنسبة للحكومة الحالية خياران لا ينتميان الى الواقع فتخفيض أسعار الوقود مع قرب دراسة ما يسميه الحكومة تحرير اسعار المحروقات ورفع الدعم عنها مسالة غير قابلة للنقاش في ظل ازمة مالية و اقتصادية طاحنة و مفتوحة على الاحتمالات.
ورئيس الوزراء بشر الخصاونة أعلن رسميا تحت قبة البرلمان بأن”البقاء في دعم المحروقات” ترف لا تملكه الخزينة .
لكن الاهتمام الرسمي بالتحاور مع سائقي الشاحنات المضربين عن العمل يعتبر الاشتباك هنا مسالة في جوانب الاولويات وهي اوأويات سياسية وإقتصادية وامأية قبل اي اعتبار اخر بسبب الدور الحيوي لقطاع النقل في التاثير في العديد من القطاعات الاقتصادية والتجارية الفاعلة خصوصا طبيعة ونوعية الاعمال في ميناء العقبة الميناء المائي الوحيد للمملكة .
وشبكة الطرق ونقل البضائع وبضائع الترانزيت اضافة الى ما يسمى بسلاسل التزويد المحلي .
وما فاجأ السلطات الحكومية على الأرجح ليس إعلان النقابة التي تمثل سائقي الشاحنات واصحاب تلك الشاحنات اضرابا عن العمل واصطفاف الشاحنات بدون حراك في بعض الساحات المخصصة لها في مختلف مناطق المملكة .
ولكن ما وجه رسالة صعبة وملغزة هو نجاح ذلك الإضراب على الأقل في يومه الأول و هو الامر الذي تطلب فيما يبدو تشكيل خلية أزمة وزارية تتابع هذا التحدي وتمنع إطالة أمد الإضراب وتبحث عن طريقة بعيدة عن المواجهة والصدام مع سائقي الشاحنات بسبب دلالات مسالة المحروقات وملف النقل و الطاقة اولا على الوضع الاقتصادي.
ويعيد إضراب سائقي الشاحنات ذكريات أليمة في التاريخ السياسي الاردني المعاصر في الوقت الذي رفع فيه شعار التمكين الاقتصادي وانطلق فيه ايضا مشروع تحديث المنظومة السياسية ومشروع ثالث باسم الإصلاح الاداري حيث يربط المراقبون في المخيلة الشعبية فقط بين الاضراب الجديد وبين ذكريات مؤلمة عن أحدث نيسان عام 1989 والتي بدأت أصلا بإضراب لسائقي الشاحنات على الخط الصحراوي.
واتخذت السلطات بطبيعة الحال كل الترتيبات الأمنية واللوجستية اللازمة لمواجهة اي تداعيات تنتج عن إضراب سائقي الشاحنات لكن الحوار خلف الستارة بدأ بصورة مكثفة ووجهت تحذيرات للنقابة و للروابط التى ترعى مصالح سائقي الشاحنات فيما بدأت على مستوى مركز الأزمات عمليا قراءة ما هو بين الأسطر والأحرف بإضراب سائقي الشاحنات ليس لانه نجح في يومه الاول في لفت الانظار وجذب إهتمام الحكومة والطاقم الوزاري بشكل غير مسبوق ولكن لانه ايضا نجح في إستقطاب أضواء الاعلام والجمهور و نتج عن ذلك حملة تأييد وتعاطف على مستوى المنصات التواصل مع سائقي الشاحنات نكاية بالحكومة .
وهو أمر يجعل موضوع سائقي الشاحنات أكبر وأعمق من مجرد اطار مطلبي لشريحة في المجتمع ولحديث هنا عن قطاع النقل الذي تراهن عليه الدولة الاردنية والحكومة في مختلف خططها تحت عنوان مشاريع الاستثمار في البنية التحتية والتكامل مع العراق ومصر والانفتاح على سوريا ومجمل المشاريع المرتبطة بالوضع الإقليمي والاقتصادي في المنطقة حيث ان قطاع النقل والشحن هو محور كل هذه الأطر والعمليات.
رغم ذلك تعاملت الحكومة بحكمة والصبر مع الموضوع وشكلت لجان لدراسة مطالب سائقي الشاحنات التي يبدو تنفيذها صعب ومعقد وعملية التلويح بان السلطة لم تسمح بإضرابات من هذا النوع في يد يقابلها التفاوض والتحاور من اجل معالجة الاطار المطلبي خصوصا وانه قابل للتمدد على شرائح أخرى لها علاقة بالقطاع العام او مرتبطة على نحو او آخر بالقطاع العام.
الرسالة الأهم في اضراب سائقي الشاحنات في الاردن والتي دفعت باتجاه إستنفار خلية الازمة الوزارية والبحث عن معالجات سريعة جدا قدر الامكان هو ان الاضراب نجح وشهد نسبة اإلتزام لم تتوقعها وزارة النقل و في مختلف محافظات المملكة حيث إصطفت الشاحنات وتجمع حولها سائقوها وبقيت بدون حراك وظهر ذلك في ٧ محافظات اردنية على الاقل الامر الذي يعتبر وفي حالات القياس والمقاربة من المحطات التي تستوجب الوقوف عندها.